وضعت حكومة سنغافورة رؤية لضمان استدامة النمو الاقتصادي لبلادها صغيرة المساحة، متوقعة أنها سوف تقبل استمرار تدفق العمال الأجانب رغما عنها في وقت تحاول إقناع مواطنيها بضرورة زيادة معدلات الإنجاب.
وتوقعت الحكومة في إحصاءات رسمية صدرت مطلع الشهر الجاري أن عدد السكان سوف ينمو بنسبة 30% بحلول عام 2030 ليصل إلي 6.9 مليون نسمة من بينهم حوالي 2.5 مليون من العمال الاجانب أي حوالي 36% من حجم الزيادة المتوقعة في وقت تسعي في الدولة إلي احداث التوازن بين عدد القوي العاملة المنكمش وانخفاض معدلات الانجاب للحفاظ علي النمو الاقتصادي.
ويبلغ عدد سكان سنغافورة حاليا 5.3 مليون نسمة من بينهم 28% من الأجانب.
ومازال عدد السكان الاجانب في تصاعد رغم جهود الحزب الحاكم في التصدي لتلك المشكلة التي تعد أكبر تحدٍ يواجهه حيث تجد صعوبة في اقناع المواطنين زيادة الانجاب في وقت ارتفعت فيه بشدة تكلفة الاسكان في دولة تقترب مساحتها من مساحة مدينة لندن حيث تزيد عليها بقليل خاصة أنها في حاجة لهؤلاء المهاجرين لدعم نموها الاقتصادي.
ورغم هذه الحاجة الشديدة للعمالة الاجنبية، فإن الحكومة وضعت حدا مؤخرا علي عدد العمال الاجانب في سنغافورة، لكن هذه القيود علي الاجانب التي وضعت في موسم الانتخابات في وقت تعاني الحكومة فيه تراجع الشعبية اضرت بشدة المستثمرين الاجانب ايضا.
وابلغت بعض الشركات الاجنبية الحكومة عن الصعوبات التي تواجهها في الحصول علي موافقات رسمية لتوظيف عمالة غير سنغافورية، وكانت هذه المشكلة عنصراً اساسياً في دراسة قام بها الاتحاد الاوروبي عبر غرفته التجارية، ومن المقرر الاعلان عن نتائجها خلال اسابيع.
وتعمل الحكومة ايضا علي زيادة الكفاءة الانتاجية للعمال وتشجع مواطنيها علي انجاب مزيد من الاطفال محذرة من خلو الجزيرة من السكان اذا لم تزد معدلات الانجاب.
وأعلنت الحكومة الشهر الماضي عن خطة بقيمة 1.6 مليار دولار لتحفيز السكان علي الزواج وتشجيع رغبتهم في الانجاب وهي زيادة تمثل 25% من حزمة محفزات سابقة لنفس الغرض.
وتعتبر مثل هذه القضايا تحديا حقيقيا ومستمرا خاصة للحزب الحاكم: حزب التحرك الشعبي بعد سنوات من السيطرة علي الحكم حيث حاز علي ثقة الشعب بفضل النمو الاقتصادي الكبير خلال العقد الماضي وارتفاع مستوي معيشة الافراد لأعلي المستويات العملية.
لكن نتائج الانتخابات الأخيرة مثلت صدمة حيث فقد الحزب عدداً لا بأس به من مقاعد البرلمان لصالح حزب العمال المعارض والذي شن في حملته الانتخابية هجوماً ضارياً علي سياسات الهجرة الحكومية والتي ادت لارتفاع جنوني في اسعار السكن، وتدهور خدمات المواصلات العامة بسبب الزيادة الرهيبة في الزحام وحركة المرور مع ارتفاع تعداد الاجانب في البلاد.
وحذر تقرير حكومي من أن عدد السكان فوق مستوي الـ 65 عاما سوف يتضاعف في 2030 بينما عدد القوي العاملة في سن من 20 إلي 64 عاما سينخفض في 2020.
وقال مكتب رئيس الوزراء لي هسين لوونج ان الدولة تواجه صعوبة متنامية في زيادة اعداد القوي العاملة عبر السكان المحليين فقط دون استقدام الاجانب، معتبرا أنه لا بديل عن احداث طفرة في معدلات الخصوبة التي تتناقص باستمرار ليستعيد الشعب قدرته علي زيادة عدد السكان.
وقال التقرير ان انكماش القوي العاملة بسبب ارتفاع معدلات العمر للسكان يعني اقتصادا اقل قدرة علي النمو والابداع بينما الشركات تناضل فقط من اجل الحصول علي العمالة وبالتالي فمن الطبيعي بطء الانشطة التجارية وضعف فرص العمل وارتفاع البطالة تدريجيا.
حذر ميشيل وان خبير في كريديه سويس من أن خطط الحكومة لزيادة الناتج المحلي الاجمالي بمتوسط 2-4% خلال العقد الحالي تواجه خطرا الا اذا نجحت الدولة في زيادة انتاجية الطبقة العاملة بنسبة 2-3% حتي 2020.







