الحرب علي اللحوم الهندية كبَّدت المستوردين 600 مليون دولار خسائر
قرار « الخدمات البيطرية » وقف سفر الأطباء للهند «صائب» .. والجانب الهندي يدرس وقف التصدير لمصر حماية لسُمعة منتجاته
3 جنيهات زيادة في أسعار اللحوم المجمدة بسبب انخفاض الجنيه.. وهامش الربح للمستورد لا يزيد علي 50 قرشاً في الكيلو
الركود وزيادة سعر الدولار دفعا الشركة لتخفيض الطاقة الاستيرادية من 8 إلي 4 آلاف طن شهرياً
«إيست بست» تخطط لاختراق الأسواق الأوروبية بعد الحصول علي وكالة 4 مجازر كبري
يستهدف اتحاد مستوردي اللحوم زيادة حجم واردات اللحوم المجمدة والمبردة لتصل إلي نحو 500 ألف طن مقابل 300 ألف طن فقط يتم استيرادها – حالياً – وذلك عبر زيادة عدد أعضاء الاتحاد، والعمل علي التقيد بمعايير وشروط الاستيراد، التي وضعتها الهيئة العامة للخدمات البيطرية.
وقال محمد طه، رئيس مجلس إدارة شركة «إيست بيست» لاستيراد اللحوم المجمدة والمبردة ونائب رئيس اتحاد مستوردي اللحوم، أن الشركة تستهدف استيراد 100 ألف طن لحوماً مجمدة من الهند خلال العام الجاري، خاصة بعد أن حصلت علي وكالة، لنحو 4 مجازر هندية، لتصبح الموزع الوحيد لهم في المنطقة، التي تشمل دول الخليج والأردن والعراق بجانب مصر.
وأضاف أن الشركة تستهدف التوسع في نقل اللحوم الهندية لتخترق بها الأسواق الأوروبية بعد التأكد من جودتها العالية وخلوها من الأمراض والأوبئة، نافياً كل الشائعات التي تم تداولها عن اصابة اللحوم الهندية بالعديد من الأمراض والأوبئة، التي في مقدمتها مرض « الساركوسيست».
وأكد نائب رئيس اتحاد مستوردي اللحوم والأسماك، أن كل ما يتم تداوله حول عدم كفاءة اللحوم الهندية افتراء ليس له أساس من الصحة ويقف وراءه المستوردون من المناشئ الاخري مثل البرازيل وأمريكيا، وأن الحرب الباردة بين الدول، التي تسببت في أزمات متكررة للحوم الهندية كبدت المستوردين من المنشأ الهندي خسائر تتجاوز الـ 600 مليون دولار منها 500 مليون خسائر ناتجة عن أزمة ديدان الساركوسيست وحدها.
وأوضح أن هذه الخسائر جاءت نتيجة رفض عدد كبير من الشحنات وعزوف المستهلك في السوق المحلي عن شراء هذه النوعية من اللحوم بعد ما أثير حولها من شائعات، وأن اللحوم الهندية كانت تستحوذ علي 17 ألف طن شهرياً من بين 25 ألف طن يتم استيرادها بشكل عام، لكن هذه النسبة تراجعت بصورة ملحوظة بعد اتخاذ الجهات الرقابية إجراءات تعسفية ضد المنشأ الهندي وحظر الاستيراد من حوالي 9 مجازر علي خلفية ازمة الشائعات.
وأشار طه إلي أن «إيست بست» خفضت الطاقة الاستيرادية لتصبح 4 آلاف طن شهرياً بدلاً من 8 آلاف طن، وذلك كرد فعل علي التراجع الملحوظ في القدرة الشرائية للمستهلك المحلي، بالإضافة إلي ارتفاع سعر صرف الدولار امام الجنيه، الأمر الذي أدي إلي زيادة سعر الكيلو بنحو 3 جنيهات علي الأقل.
وشدد علي أن المستهلك هو وحده الذي يدفع فاتورة تهاوي قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية وعلي رأسها الدولار، وأن أسعار اللحوم الهندية ارتفعت ليصل سعر الكيلو منها إلي نحو 26 جنيهاً، فيما تراوح سعر اللحوم البرازيلية والاسترالية بين 30 و35 جنيهاً.
ولفت رئيس «إيست بست» إلي أن هامش ربح مستورد اللحوم محدودة ولا يتجاوز 50 قرشا في الكيلو، وأن ما يثار حول تحقيق أرباح خيالية من تجارة اللحوم المجمدة والمبردة «كلام فارغ»، وأن قطاع اللحوم المستوردة يعاني حالة غير مسبوقة من الركود، وتراجعاً ملحوظاً في حركة الاستيراد التي يعاني منها السوق المحلي عامة.
وأكد أن الشركات الهندية حاولت أكثر من مرة وقف التصدير للسوق المصري من أجل المحافظة علي باقي أسواقها وسمعتها في الأسواق العالمية، نظرا لانها تتعامل مع أكثر من 65 دولة من بينها امريكا ذاتها، وبالتالي فإن الشائعات التي طالت اللحوم الهندية في مصر أثرت علي سمعة الهند في الأسواق العالمية للحوم المجمدة والمبردة، لكن علاقات المستورد المصري القوية حالت دون توقف عملية الاستيراد من الهند.
وأشار إلي أن قرار هيئة الخدمات البيطرية الخاص بتوجيه انذارات لـ9 مجازر هندية بإيقافها كان بمثابة الصدمة الكبري للجميع، نظرا لأن هذه المجازر تصدر اللحوم المجمدة لمصر منذ سنوات وبأسعار ثابتة ومعها كانت تطرح اللحوم بسعر يتراوح بين 23 و24 جنيها للمستهلك المصري.
وشدد علي أن الاجراءات التعسفية، التي تم اتخاذها ضد اللحوم الهندية دفعت بعض المجازر إلي وقف التصدير للسوق المصري بشكل عام، والبعض الآخر اشترط الحصول علي كامل تكلفة الشحنة مقدما قبل الشحن وعدم مسئوليته عما يحدث بعد خروجها من المواني الهندية، وأن المجازر التي تتعامل مع السوق المصري يبلغ عددها نحو 19 مجزرا جميع العاملين بها من الهنود المسلمين، وتقوم بالذبح وفقا للشريعة الاسلامية.
وقال رئيس «ويست بيست» إن أزمة الساركوسيست انتهت بمجرد توقف سفر اللجان البيطرية، وأنها كانت جزءاً من الأزمة، نظرا لأنها كانت تعطي موافقة علي دخول الشحنات اثناء تصديرها من الهند، ونفس اللجنة ترفض نفس الشحنة عند دخولها مصر.
وأضاف أن قرار وقف سفر اللجان البيطرية المصرية إلي الهند جيد في مجمله، لأنه يجعل مسئولية فساد ما يتم استيراده من لحوم تقع علي عاتق المجزر والمستورد، وبالتالي تم تكثيف عمليات الرقابة لدرجة أن هناك أكثر من 15 طبيباً بيطرياً هندياً يفحصون كل قطعة بالعجل الجاموسي لضمان مطابقتها للمواصفات المصرية.
وأشار إلي أنه علي الرغم من الاجراءات الدقيقة التي تتخذها المجازر فإنه من الوارد خروج نسبة تتراوح بين 1 و2% مصابة بالمرض، وأنه قد يتم اكتشافها في مصر، ويتم رفض الشحنة بالكامل في حين أنه علميا لا يمكن لأي لجنة بيطرية مهما كان عددها ومهما كانت خبراتها أن تجزم بأن اللحوم، التي أشرفت علي ذبحها خالية تماما وبنسبة 100% من طفيل الساركوسيست، وهذا ثابت علميا.
وأوضح طه أنه تم رفض شحنات من اللحوم الهندية قبل ذلك بحجة تغير ملصق البيانات الخاص بالعبوات داخل أكياس اللحوم المستوردة من خلال ثقب صغير، وأن هذا الاجراء وحدة كبد الشركات ما يزيد علي 100 مليون دولار خسائر.
وأكد أن هذا الثقب الصغير، الذي اعتبرته الجهات الرقابية وسيلة للغش وتغيير البيانات، وكانت لجان الفحص تمزق عبوات اللحوم الكارتونية بحثا عنه، وعندما تجد أحدها يصيحون، وكأنهم عثروا علي كارثة، ما هو إلا وسيلة التجأ إليها عمال التعبئة لإفراغ الهواء من الأكياس بعد وضع قطع اللحم به وكارت البيانات الخاص بالعبوة، وذلك قبل وضع العبوة البلاستيكية في الكرتونة التي تغلق بإحكام، نظرا لان عدم إفراغ الهواء يشوه قطعة اللحم حيث يتسبب في تكون الثلج حولها.
ولفت إلي أنه تم اجراء محاولات كثيرة لإيضاح الأمر، لكن دون جدوي اصرت الحكومة علي موقفها، ما ترتب عليه أن أفلس عدد من مستوردي اللحوم بسبب هذا الثقب اللعين، خاصة أن المجازر الهندية رفضت استقبال هذه اللحوم مرة أخري، لأنه لا يوجد سبب منطقي لرفضها.
وكشف طه عن أن بعض مستوردي اللحوم الهندية في طريقهم إلي إيقاف الاستيراد من الهند، والتعامل مع مناشئ اخري ليس لأن لحومها أفضل، ولكن لأنها قادرة علي حماية صادراتها بقوة، ويرضي عنها المسئولون، وأن تلك الخطوة سيتم اتخاذها حال استمرار هذا التعنت من قبل الهيئة ضد المنشأ الهندي.
وأكد أن هيئة الخدمات البيطرية رفضت اعتماد مجازر جديدة في الهند رغم أن الحكومة الهندية أخطرتنا بأربعة مجازر جديدة، وطلبت معاينتها للاعتماد والتصدير لمصر، وكلها مجازر نموذجية، وأن الهند تتفق طبيعتها الجغرافية في ثرائها بالمراعي الطبيعية مع الدول الأفريقية الكبري في إنتاج اللحوم، ولكن الهند تتفوق بما لديها من إمكانيات فنية بيطرية وعلمية تضاهي مثيلاتها في أوروبا.
وشدد محمد طه علي أن الهند تمتلك نحو 98 مليون رأس جاموس تجعلها تستحوذ علي 55% من عدد رؤوس الجاموس في العالم، وأنها تنتج نحو 1.49 مليون طن سنويا من لحوم الجاموسي تعادل نحو 47% علي الأقل من نسبة تجارة اللحوم في العالم، وذلك وفقا للبيانات والمعلومات الصادرة عن منظمة «الفاو».
كتبت – رانا فتحي