بينما يعمل البنك المركزي علي تشجيع المستثمرين علي ضخ أموالهم في السوق المحلي لتخفيف أعباء ميزان المدفوعات وجهت الحكومة ضربة جديدة لمناخ الاستثمار بعد تجميد أرصدة 23 مستثمراً جري اتهامهم بالتلاعب في سوق الأوراق المالية.
وجاء قرار النائب العام بالتحفظ علي أموال قائمة تشمل مستثمرين كباراً من مصر والسعودية والامارات بعد يومين من بدء سريان آلية وضعها محافظ البنك المركزي الجديد تهدف لطمأنة المستثمرين الأجانب علي أنهم قادرون علي الخروج من السوق في أي وقت.
وتشترط الآلية أن يتم بيع تدفقات العملة الأجنبية الوافدة عبر البنوك التجارية إلي البنك المركزي ووضعها في صندوق الاستثمارات الأجنبية. وحينما يبيع المستثمرون أصولهم المصرية يمكنهم سحب المبلغ بالدولار من الصندوق.
ورغم أن محكمة الجنايات قد ألغت قرار النائب العام الا أن رسالة خاطئة وصلت للمستثمرين بالفعل مفادها أن السوق ليس قريبا من الاستقرار علي عكس ما يشاع.
قال فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومساعد المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي إنه لايوجد تناغم بين السياسات التي تنتهجها الحكومة وأعضاءها لاسيما وزارة المالية وبين مصلحة الاقتصاد اتجاهات السياسة النقدية في حماية وإصلاح ما تبقي من موارد وقنوات تدفق مالي.
وتضررت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشدة خلال العامين الماضيين إثر الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق ووضعت رجال الاعمال والمستثمرين في مرمي النيران.
وسجلت الاستثمارات الاجنبية صافي تدفق للخارج في عدة تقارير فصلية بعد الثورة، نتيجة تفضيل المستثمرين وخاصة شركات البترول عدم الاحتفاظ بأرباحهم داخل مصر وتحويلها للخارج.
كما تخارج المستثمرين الأجانب من سوق الدين الحكومي، وسحبوا عشرة مليارات دولار خلال العامين الماضيين، وهو ما يقترب من نصف خسائر احتياطي العملات الأجنبية خلال نفس الفترة.
وأدي عزوف المستثمرين عن السوق المصري إلي تضرر موقف احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغت خسائره 23 مليار دولار بعد الثورة، بالرغم من حصول الحكومة علي مساعدات بلغت قيمتها 11 مليار دولار من قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية وبعض مؤسسات التمويل الاقليمية.
وضغطت السياستان المالية والنقدية معا علي العملة المحلية لفترة طويلة، قبل أن يتخلي صناع السياسة النقدية عن العملة جزئيا في الآونة الاخيرة، لتشجيع المستثمرين ولتسهيل الحصول علي قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
ومن أبرز الأسلحة التي اعتمد عليها المركزي هو رفع الحد الأقصي علي التحويلات من الخارج بالدولار والتي تم فرضها من قبل لتحجيم عمليات تهريبي الاموال بالإضافة إلي إعادة تفعيل صندوق الاستثمارات الأجنبية الذي كان معمول به منذ 2003 لإتاحة مرونة اكبر في عمليات دخول وخروح الاستثمارات الاجنبية من السوق المصري دون الضغط علي معدلات الاحتياطي من النقد الاجنبي.
أضاف الفقي ان الحكومة تعمل علي التصالح مع رجال الأعمال والمستثمرين الصادر ضدهم أحكام قضائية وهاربين خارج البلاد، في حين لم تلتفت لأمثالهم داخل البلاد، مشيرا إلي ان الحكومة بيوقراطية ويداها مرتعشة وأعضاءها يخافون علي أنفسهم من المساءلة أكثر من خوفهم علي الاقتصاد، كما ان المجموعة الاقتصادية أشبه بموظفي الحكومه، روتينيين في حين أن الوقت الراهن غير طبيعي بجميع المقاييس ويتطلب إجراءات وقرارات سريعة وغير روتينيه.
وانتقد الفقي سرعة قرار التحفظ علي أموال رجال الأعمال قبل أن يصدر ضدهم أحكام قضائية، مشيرا إلي أن استثماراتهم طويلة الأجل وأغلبها أصول عينية ولا يمكن أن يتخارجوا منها بسهولة وبشكل سري، وكان من الأفضل أن يصدر حكم قضائي في حالة إدانتهم قبل التحفظ علي أموالهم، حتي لا يثير القلق لدي المستثمرين في الخارج حول توتر الأوضاع.
وقال هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية فاروس إن الحكومة لم تنجح حتي الآن في تصحيح أي أوضاع اقتصادية أو تعيد جذب الاستثمارات التي هربت من سوق مليء بالاضطراب، مشيرا إلي ان محاولة إعادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية مرة أخري هو الحل الوحيد الذي لابد ان تدركة الحكومة وخاصة السياسة المالية.
أضاف ان البنك المركزي يعمل جاهدا علي استخدام آلياته في جذب الاستثمارات، مشيراً إلي أن الدور الأكبر يقع علي عاتق الحكومة التي تتعامل وفقا لروتين قاتل لايصلح لمعطيات المرحله.
وأكد جنينة علي أن عدم وجود تكامل بين المالية والسياسة النقدية يمثل ثغرة تتسبب في ان يمحي كل منهما ما ينجزه الآخر، لافتاً إلي «أننا نفتقد الرؤية الشاملة التي نحتاجها بإدارة المرحلة والتنسيق بين جميع المؤسسات لتطويعها في مصلحة الاقتصاد».
كتبت – أسماء نبيل








