اعتبر خبراء مصرفيون أن تبعية البنوك المتخصصة لجهات حكومية تضفي عليها طابعاً سياسياً وليس مصرفياً وهو مايقلص رقابة البنك المركزي عليها ويجعلها الأكثر عرضة للتلاعبات دون غيرها من بقية البنوك التي تعمل في السوق المصري.
وتعد بنوك التنمية والائتمان الزراعي والمصري لتنمية الصادرات والتعمير والاسكان وناصر الاجتماعي من البنوك المتخصصة التي تتبع جهات حكومية في البلاد.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحقيقات موسعة من جهات كالرقابة الإدارية في بنك متخصص حول قيام الموظفين بالتلاعب في الأرصدة الدولارية بالبنك علي خلفية الأزمة التي تسبب فيها سعر الصرف.
قال حسام ناصر ، الخبير المصرفي، نائب رئيس مجلس ادارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصري الأسبق إن تبعية البنوك المتخصصة للجهات الحكومية كوزارات الإسكان والمالية والتجارة والصناعة بالاضافة إلي وزارة الزراعة تجعل رقابة البنك المركزي علي هذه البنوك محدودة وتدور في نطاق ضيق.
أشار ناصر ـ علي خلفية تحقيق الرقابة الإدارية في أحد البنوك المتخصصة حول تلاعب الموظفين بالأرصدة الدولارية، إلي أن البنك المركزي كان يحاول خلال السنوات العشر السابقة البحث عن أمجاد شخصية فقط، والظهور بموقف البطولة دون الالتفات إلي الصدق والجدية في عملية تطوير البنوك وتفعيل مهام الرقابة الداخلية، حيث تسبب اغفاله في وجود فساد مالي واداري لدي معظم البنوك .
أوضح نائب رئيس مجلس بنك التنمية الصناعية السابق أن المركزي لم يراقب عن كثب البنوك العاملة بالسوق المصري، ما أدي إلي وجود أزمات داخلية فيها تتعلق بالرقابة والتفتيش والمراجعة والحوكمة ونظم المعلومات وهي الأشياء التي من خلالها يتم تطبيق معايير بازل 2 وذلك بسبب التقاعس من قبل المركزي عن الرقابة.
ودعا ناصر إلي ضرورة ادخال جهة سيادية خارجية تقف موقف المحايد للحكم علي أداء المركزي طوال السنوات الماضية وعمل حصر علي مدي درجة التطوير في القطاع المصرفي، ومقارنته بما يجب أن يكون الوضع عليه كما هو مشاع في الدول الأخري.
أضاف ناصر أن معظم البنوك لديها تعثرات واضحة في تطبيق معايير بازل 2 ولم يثبت إلي الآن نجاح أي بنك في التطبيق الفعلي وإنما هي مجرد فرقعات كاذبة توحي بالتطبيق لأن المركزي لم يقوم بوضع الأساسيات الصحيحة للتطبيق.
من جانبه قال الخبير المصرفي محمد صلاح سالم ، نائب رئيس مجلس ادارة البنك العقاري المصري العربي الأسبق إن المسئولية الرقابية لا تقع علي عاتق البنك المركزي بمفرده وإنما ينضم إليه في تحمل المسئولية الجهاز المركزي للمحاسبات كشريك أساسي في الرقابة ممثلا في مراقبي الحسابات داخل كل بنك.
أشار سالم إلي أن رقابة البنك المركزي مختصة بأمور معينة وهي بالتالي رقابة غير دقيقة ولكن تكملها رقابة المحاسبات الذي يعني بالمهام التفصيلية الداخلية لكل بنك بحكم التواجد المستديم لهم داخل البنوك.
وأرجع سالم حدوث انحراف مهني وتلاعبات بأرصدة العملاء داخل البنوك إلي أن رقابة المحاسبات ليست دقيقة ولاتقوم بمهامها التي تمنع الموظفين من ارتكاب فساد مالي واداري.
ورأي نائب رئيس مجلس ادارة البنك العقاري السابق أن ضعف الهيكل الرأسمالي لمعظم البنوك والخسائر المتلاحقة التي تحققها بالاضافة لعجز المخصصات والمشكلات الائتمانية وتضخم محافظ التعثر لديها سبباً كافٍ لعدم وجود قدر كافٍ من الأموال لديها لتتمكن من استثمارها في تطوير البنك.
وأوضح أن كل هذه الأسباب مجتمعة تخنق قدرتها علي خلق استثمارات داخلية تتعلق بالنظم التكنولوجية والحاسب الآلي التي تتطلب محفظة كبيرة لتدشينها وهو ما يعوق تطبيق معايير بازل 2 بالاضافة إلي وجود عمالة ضعيفة وغير مدربة علي أصول العمل المصرفي ما يؤدي إلي حدوث جرائم فساد داخل البنوك.
وقال إن القطاع المصرفي ليس لعبة في أيدي الموظفين حتي يتلاعبوا بهذا الشكل بها، وإنما من واجبهم الوصول به لمستويات عليا من الكفاءة وتفعيل مهام الرقابة الداخلية.
قال ماجد فهمي ، رئيس مجلس ادارة البنك المصري لتنمية الصادرات الأسبق إن رقابة البنك المركزي علي البنوك محكمة لاهي متشددة تقيد البنوك في اتخاذ قرارات تطويرية لصالحها ولاهي متسيبة ترخي الأمور أمام البنوك.
أرجع فهمي حدوث تلاعبات في بعض البنوك بشأن الأرصدة الداخلية للعملاء إلي وجود أزمة في الدولار إستغلها الموظفون لصالحهم، وهو انحراف بشري يطال الجهاز المصرفي والمؤسسات الأخري ومنع أي تلاعب أمر مستحيل لأنه وارد الحدوث.
أشار إلي أن ضعف البنية التكنولوجية وضعف الهيكل المالي في كثير من البنوك سببا خلق أشكال متنوعة من الفساد المالي والمهني.
قال فهمي إن البنك المركزي ليست لديه أدني مسئولية في شبهة فساد تدور داخل البنوك لأنها مسئولية الادارة التنفيذية المعنية بتفعيل نظم الرقابة الداخلية.
أوضح فهمي أن رقابة البنك المركزي علي البنوك تدخل في صميم الرقابة العشوائية وليس عليه أي مآخذ في رقابته، لأن الأمر في قبضة الادارة داخلياً، مشيراً إلي أن عمليات الفحص الدوري التي يجريها المركزي علي البنوك من الممكن أن تثبت جرائم التلاعبات في الأرصدة ولكن المركزي لا يتخذ أي اجراء من شأنه معاقبة الموظفين، وإنما يخاطب قطاع الرقابة والتفتيش الداخلي للتحقيق الفوري.
وأشاد فهمي بالدور الذي قامت به احدي ادارات البنوك بطلب تحقيق الرقابة الادارية بشأن الموظفين الذين تلاعبوا بالأرصدة الدولارية حيث إن الأمر لم يتعلق بالمركزي.
أضاف أن دور المركزي ينحصر في التأكد من أن ادارة البنك تقوم بدورها واتباع السياسات المفروضة عليها فقط.قال ان معظم البنوك لاتستطيع تطبيق معايير بازل 2 في الفترة الحالية وذلك ليس بسبب تراخي المركزي في الضغط عليها لتتمكن من التطبيق وإنما بسبب تراكمات الخسائر عليها بالاضافة إلي أن معظم البنوك يغلب عليها الطابع السياسي أكثر من المصرفي.
كتبت – آيات البطاوي








