« المركزي » يواجه مخاطر مستقبلية لسداد القروض والودائع المساندة في ظل انخفاض التدفقات النقدية
تحركات مكثفة للحصول علي 6 مليارات دولار من العراق وليبيا.. ومسئولون يحذرون من تفاقم الديون الخارجية
سعت الحكومات المصرية المتعاقبة بعد الثورة لاستخدام ارائها السياسية والدينية وعقد صفقات سياسية للحصول علي مساعدات مالية من الخارج وتمكنت خلال عامين فقط من جذب نحو 11 مليار دولار قروضاً ومنحاً وودائع مساندة بخلاف تلك التي يجري الاتفاق عليها في الوقت الحالي.
وكثفت وزارة التخطيط مفاوضاتها خلال الاسبوع الماضي لجذب 6 مليارات دولار جديدة عبارة عن ودائع مساندة بالبنك المركزي ليصل الإجمالي إلي نحو 17 مليار دولار ورغم ضخامة المبلغ الذي حصلت عليه مصر خاصة خلال الشهور السبعة الماضية إلا أن أثراً ايجابياً واحداً لم يظهر علي الاقتصاد الذي يواجه تحديات غير مسبوقة مع استمرار تخفيض التصنيف الائتماني من قبل مؤسسات التقييم العالمية.
تعد قطر وتركيا والسعودية من اهم الدول التي قدمت مساعدات مالية لمصر بلغت قيمتها 8.5 مليار دولار بخلاف بعض الجهات الأخري ولم يظهر أثر هذا المبلغ الضخم علي احتياطي النقد الأجنبي الذي استمر في الانخفاض فاقدا نحو 22.5 مليار دولار منذ الثورة وحتي الآن ليصل نهاية فبراير إلي 13.5 مليار دولار بما يعني نحو 2.5 مليار دولار فقط بعد استبعاد المنح والقروض والودائع المساندة التي حصلنا عليها خلال العامين الماضيين فقط.
ومن المقرر ان تحصل مصر خلال الايام المقبلة علي نحو 6 مليارات دولار ودائع مساندة موزعة بواقع 4 مليارات دولار من العراق و2 مليار دولار من ليبيا بخلاف نحو 2.5 مليار دولار تعهدت بتقديمها السعودية في وقت سابق منها مليار دولار لشراء سندات حكومية.
«الأرقام السابق ذكرها تؤكد عدم قدرة الحكومات المتعاقبة علي تحريك عجلة النمو وعجزها علي الأقل عن توفير المتطلبات الاساسية للمجتمع المصري وتوضح أنه بغير تلك المساعدات لما تمكنت مصر من استيراد السلع الغذائية من الخارج» وفقاً لما قاله الدكتور، إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات.
الدسوقي أكد انه رغم قدرة الحكومة علي جذب اموال ضخمة من الخارج بغض النظر عن الطريقة المستخدمة لذلك الا ان المشكلة الاساسية تكمن في طريقة استخدام تلك الاموال في ظل برنامج اقتصادي ضعيف.
وأشار إلي انه لا يمكن انكار وجود صفقات سياسية تقوم بها الحكومة مقابل الحصول علي أموال من الخارج والملياري دولار التي تعتزم ليبيا تقديمها خير دليل علي ذلك ولم يتم الإعلان عنها إلا بعد ان تم القبض علي أحمد قذاف الدم.
الدسوقي قال ان المساعدات التي تحصل عليها مصر من الدول العربية والاجنبية مسكنات ولن تؤدي إلي حل المشاكل الاقتصادية طالما لا يوجد حلول لتغيير الأوضاع السيئة الحالية ولذلك اتوقع عدم استطاعتنا الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي التي تعد اهم شروطه توافق مجتمعي علي برنامج اقتصادي واضح المعالم والاهم قابل للتنفيذ.
واشار إلي ان احتياطي النقد الاجنبي اصبح في مستويات خطرة للغاية وسيواصل الانخفاض في ظل الاضطرابات السياسية والمشكلات الاقتصادية التي تعيق الاستثمارات المحلية والاجنبية علي السواء مع تراجع ملحوظ في التدفقات النقدية من القطاع السياحي.
كان سفير ليبيا الجديد في القاهرة محمد فايز جبريل قد قال قبل أيام أن بلاده بصدد دفع وديعة بـ 2 مليار دولار في البنك المركزي المصري لدعم الاقتصاد ويأتي هذا التصريح عقب تحرك سريع من القاهرة باتجاه اعتقال ثلاثة من رموز نظام القذافي أبرزهم ابن عمه أحمد قذاف الدم.
من جانبه قال رئيس احد البنوك العاملة في السوق رفض ذكر اسمه ان القروض الخارجية قد تشكل ضغوطا كبيرة علي البنك المركزي مستقبلا خاصة ان اغلبها يتراوح أجله بين 4 و8 سنوات وفي ظل الاوضاع الاقتصادية الحالية يصعب التكهن بمدي قدرة الحكومة انذاك علي سداد المستحقات في مواعيدها رغم ان مستويات الدين الخارجي منخفضة للغاية ولكن التحديات المصاحبة قد تكون اعلي في ظل صعوبة الحصول علي 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الذي يعد بمثابة شهادة الثقة والبداية الحقيقية لزيادة التدفقات النقدية إلي السوق.
وهاجم بشدة الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الحالية وعدم قدرتها علي «ضبط إيقاع الاقتصاد» علي حد قوله رغم وجود الآليات والأدوات التي من الممكن ان تتخذها لتحقيق ذلك، مشيراً إلي ان استمرار تخفيض التصنيف الائتماني الدليل الامثل علي فشل تلك الحكومة التي لن تتمكن من تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي.
وقال ان التقارب المصري الايراني فتح المجال امام الحكومة للحصول علي وديعة بقيمة 4 مليارات دولار من العراق واستخدام الاراء والصفقات السياسية في الحصول علي مساعدات قد يشكل عامل تهديد إذا ارادت هذه الدول سحب ودائعها من مصر اذا حدث اي اختلاف في وجهات النظر.
وقال مسئول بالبنك المركزي ان المفاوضات بين مصر ودولتي العراق وليبيا في مراحلها المبدئية وتستهدف بالاساس دعم احتياطيات البلاد التي انخفضت بشكل حاد طوال العامين الماضيين.
واشار إلي ان المركزي بعيد عن الالغاز والصفقات السياسية ويعمل باستقلال فيما يتعلق بادارة الملفات المصرفية ولا يهمه سوي خلق احتياطي قوي يحقق النمو الاقتصادي الملحوظ ويمثل حافزاً مساعداً لجذب الاستثمارات الأجنبية.
كتب – ناصر يوسف
