بعد سنوات من اللهاث خلف النمو الاقتصادي بمعدلات تفوق 10% اضطرت الصين أن تراجع نفسها في سياسة الاعتماد علي الصادرات لتحفيز النمو الاقتصادي بعد أن تأثرت بأزمات الركود العالمي والديون في أوروبا.
ويري تحليل نشره موقع «بروجيكت سيندكيت» أن بكين اكتشفت انها في حاجة إلي تعديل استراتيجية النمو لكن الخيارات الجديدة لم تحمل مفاجآت كبيرة لكن أهم ما أكد عليه منتدي التنمية الصيني الذي يضم كبار قادة الصين وخبراء الاقتصاد في الدخل والخارج هو إعادة هيكلة الاستثمار الصيني ونموذج النمو الذي تقوده الصادرات خصوصاً السلع الرخيصة بحيث يكون الاقتصاد أكثر توازناً بالاعتماد علي دعم الاستهلاك وتنشيط قطاع الخدمات.
يعد هذا التحول ضرورياً لأن استمرار النمو العالمي الضعيف من غير المرجح أن يوفر للصين الطلب الخارجي القوي علي الصادرات كما فعل من قبل، كما أنه يعد حتمياً، لأن القيادة الجديدة بالصين تبدو انها قررت استيعاب مجموعة واسعة من الاختلالات الداخلية التي تهدد البيئة وتنفخ في نيران التوترات السياسية جراء عدم المساواة في الدخل وتفاقم الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية في البلاد.
وتحتاج الصين إلي السير في عدة اتجاهات منها العمل علي زيادة الرقعة الحضرية بالنسبة للمناطق الريفية التي تسيطر علي جزء كبير من البلاد ما تسبب في هجرة كبيرة من الريف إلي المدن وضغط علي الاقاليم الحضرية حيث تعتبر المناطق الحضرية ركيزة أساسية لإعادة نمو الاستهلاك المحلي، لانه يحمل تأثيراً قوياً علي القوة الشرائية للاسر الصينية، اذ يعد دخل العامل في الحضر أعلي 300% من نظرائهم في الريف.
أكد منتدي التنمية الصيني علي تركيز الحكومة الجديد علي تعزيز شبكة الضمان الاجتماعي باعتبارها دعامة لمجتمع استهلاكي متمدن، وقد أدت الثغرات الموجودة في شبكة الضمان الاجتماعي إلي ارتفاع مستويات الادخار للمواطن بدلا من زيادة إنفاقه الاستهلاكي.
لكن هذه المسارات تحتاج إلي ما هو أكثر أهمية لضمان نجاحها وهي مسألة تتعلق بنوعية قادة الصين، فالجيل الحالي محنك إلي حد كبير من حيث التحليلات وتقييم المخاطر ووضع حلول مبتكرة للمشاكل الصعبة، كما أنهم برعوا في توظيف موارد ضخمة في صياغة استراتيجية اقتصادية شاملة ومدروسة جيداً.
ولكن في نهاية المطاف تحتاج الصين ما يفوق السياسة القوية والمهارات التحليلية لمعالجة التحديات الاقتصادية القاسية، وقد رأينا نماذج مؤسفة مراراً وتكراراً في الغرب في السنوات الاخيرة نجم عنها كوارث اقتصادية ضربت الدول المتقدمة.
اعداد – نهي مكرم








