بقلم – ستيف فوربس
ربما يتوجب علينا أن نعين جون ستيوارت رئيساً للاحتياطي الفدرالي عوضاً عن بن برنانكي
لاشك أن الزيادة اللافتة في صافي ثروات مليارديرات العالم، إلي جانب ظهور 200 ملياردير جديد في غضون سنة واحدة، ستدفع باليساريين في شتي البقاع إلي استنكار الفجوة المتنامية بين الأغنياء والفقراء ولابد أنهم سيصرخون قائلين: لماذا ينبغي ان تتعاظم ثروات الأثرياء ومناصبهم، بينما تعاني معظم الأنظمة الاقتصادية في العالم من الضغوط؟ لكن ليس عدلاً أن نحمل هؤلاء الأغنياء المسئولية عن السياسات الاقتصادية الرديئة للحكومات، علاوة علي ذلك، فإن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الأشخاص قد حققت تقدماً ملحوظاً بفضل تلبيتها لاحتياجات أناس آخرين، وليس بوساطة التركات الموروثة أو العلاقات الخاصة ومحاباة المسئولين الحكوميين، فنجاحاتها لم تأت علي حساب أحد، كما ان الرأسمالية المرتكزة علي سياسة السوق الحرة ليست نظاماً يساوي بين حجم الأرباح والخسائر.
في الحقيقة، علينا ان نشعر بالابتهاج تجاه هذه القائمة من الأثرياء، فهي تثبت بالرغم من السياسات المناهضة للنمو والمتغلغلة في كل مكان تقريباً، بأن الروح الريادية تُظهر مرونة عجيبة علي مستوي العالم أجمع. لقد أزاح الإسباني أمانكو أورتيغا وارن بافيت عن المرتبة الثالثة بفضل تقديمه لأزياء رخيصة الثمن، كما برهن نيكولاس وودمان ـ مؤسس «غو برو ـ Gopro»، علي ان بمقدور المرء أن يصبح غنياً ان تابع القيام بما يحب، فمن كان يتصور أن رجلاً مولعاً بالأنشطة الرياضية الخطرة سيمتلك ذات يوم مليار دولار؟ كما أن توري بيرتش كانت شخصية نكرة قبل بضع سنوات، كذلك كان عملاق صناعة بناطيل الجينز ـ رنزو روسو.
لقد شهدنا بالفعل نمواً مذهلاً في مستوي المعيشة العالمي منذ سقوط جدار برلين ونبذ الشيوعية في الصين. ولاشك أننا سنجتاز يوماً ما، التخبط الذي تمارسه الحكومات في سياساتها الاقتصادية حالياً، وعندئذ سيكون حرياً بالحكومات ان تسعي إلي اتباع سياسة تخفيض الضرائب ودعم العملة كي تستأنف البشرية مسيرتها التقدمية بحماس.
رجل يستحق جائزة نوبل
يجب أن ينال جون ستيوارت، مقدم «البرنامج اليومي «The Daily Show» جائزة نوبل في الاقتصاد، وليست لجنة نوبل بحاجة إلي اصدار جائزة أخري جديدة، إذ يمكنها ببساطة ان تسحب الجائزة التي منحتها إلي بول كروغمان ـ الكاتب في صحيفة الـ« نيويورك تايمز»، في عام 2008، وقد سخر ستيوارت في شهر يناير/ كانون الثاني، من فكرة صك عملة بلاتينية بقيمة تريليون دولار، والتي برزت إلي الواجهة كوسيلة للتحايل علي السقف الأعلي للدين القومي.
ولاشك أن أزمة سقف المديونية ستعاود الظهور مجدداً، ومعها هذا المقترح السخيف ـ أي أن تقوم وزارة المالية بصك مثل هذه العملة، ثم أن تحولها إلي الاحتياطي الفدرالي لتوفير السيولة التي تحتاجها الحكومة في تسيير أعماله ـ يا لها من طريقة سهلة للحصول علي المال!
لماذا لم نفكر في ذلك من قبل؟ ومثلما سأل ستيوارت ساخراً: لماذا لا تكون العملة المقترحة بقيمة 20 تريليون دولار؟
رمبا تظنون أن هذه الوصفة السحرية لايجاد المال مجرد مزحة قيلت في برنامج كوميدي، لكن أناساً من أمثال كروغمان يأخذونها علي محمل الجد، إذ يقول: «إن المال عبارة عن اختراع اجتماعي» بمعني انه شيء يتلاعب به سادتنا في واشنطن لمصلحتنا. ان كروغمان يتسم بجدية بالغة حيال هذا الأمر، لدرجة انه انتقد جون ستيوارت بضراوة، واصفاً إياه بالخمول ومتهما إياه وطاقمه بالافتقار إلي المهنية.
غير أن ستيوارت فهم امسألة تماماً وأدرك أنها فكرة عبثية ومدمرة. كما أصاب حين قال إن «علينا اننعاود أخذ الدولار الأمريكي علي محمل الجد».
ربما يتوجب علينا أن نعين جون ستيوارت رئيساً للاحتياطي الفدرالي عوضاً عن بن بيرنانكي، الذي تتلحق سياساته المالية ضرراً بالغاً بالأنظمة الاقتصادية في الولايات المتحدة والدول الأخري.
حكايات خرافية كئيبة
يخضع بنك إنجلترا وبنك اليابان إلي تغييرات جذرية في هذه اآونة، فرئيس الوزراء الياباني الجديد والمتحمس يرغب في تخفيض قيمة الين بهدف إعادة إنعاش نظامه الاقتصادي الراكد، كما قام بتنحية رئيس البنك واستبداله برجل يَعِدُ بخلق نسخة يابانية جديدة للتحفيز الاقتصادي الوطني، اما الرئيس الجديد لبنك انجلترا ـ وهو كندي يدعي مارك كارني فهو منهمك في تدارس أفكار «جديدة» لتحفيز اقتصاد انجلترا المحتضر، ومنها الشروع في ضخ أموال جديدة إلي ان يحقق الاقتصاد البريطاني نمواً بمعدل اسمي يناهز 10% «من ناحية أخري يسير النمو الاسمي الأمريكي الآن ببطء شديد، إذ ان نسبته لا تتجاوز 3% بالرغم من السياسة المالية المتخبطة لبيرنانكي».
كل هذا محزن وصادم، فالمال السهل لم يقد يوماً إلي تعافٍ مستدام وصحي، كما أن معظم خبراء الاقتصاد وصناع السياسات غفلوا اليوم عن حقيقة أن الدور الرئيس للبنك المركزي، يتمثل بالحفاظ علي عملة مستقرة، والتعامل بحسم وسرعة مع الأزمات المالية الاستثنائية. إن فكرة توليد مال اضافي سهل لتحفيز الاقتصاد هي فكرة مغلوطة، فهي تشبه الاعتقاد بأن زيادة عدد الدقائق في الساعة ستؤدي إلي زيادة الإنتاجية، وبأن الناس سيعلمون لمدة أطول مقابل الأجر نفسه. كما ان الإيمان بأن البنوك المركزية تحقق الأحلام الخيالية لن يقود سوي إلي المزيد من المتاعب.
إن المال ببساطة معيار للقيمة، فهو يسهل عن الناس عمليات الشراء والبيع فيما بينهم بدلاً من الاضطرار لإجراء عمليات المقايضة المرهقة. وهذا التبادل المستمر هو ما يخلق الثروة الحقيقية، وليس انتشار السندات المالية الحكومية.
وينبغي علي البنوك المركزية ان تكون مثل حاقن الوقود في السيارة، بإنتاجها كما معتدلا من النقود لتلبية المتطلبات الطبيعية للسوق، ويتردد خبراء الاقتصاد التقليديون اليوم في تقبل فكرة ان الطريقة المثلي لفعل ذلك،
هو بوساطة ربط العملة بالذهب لكنهم مخطؤون جداً. فإذا تمت هذه العملية بالشكل الصحيح، فإن معيار الذهب سيضمن تنامي الإمداد المالي بسرعة كبيرة مع تنامي الاقتصاد بالدرجة ذاتها، لكنه سيبقي راكداً طالما ان الاقتصاد راكد.








