تحلق المملكة المتحدة الامبراطورية الاستعمارية التي كانت لا تغيب عنها الشمس في مطلع القرن الماض خلال العامين الأخيرين فوق محيط من الازمات بجناحين الأول هو تفاقم الانفاق الحكومي الذي سعت من خلاله الحكومات المتعاقبة للحفاظ علي مستوي الرفاهية التي يتمتع به المواطنون لكنها وقعت في فخ الديون السيادية فما لبثت أن ضطرت للخوض في خطة تقشف قاسية كان لابد منها.
الجناح الثاني لازمة الركود طويل الاجل الذي عانت منه بريطانيا هو انهيار الصادرات للجيران في الاتحاد الاوروبي أكبر أسواق سلعها الرئيسية ومع استمرار تدهور الأحوال كان علي حكومة لندن أن تحذو حذو برلين التي سبقت الجميع قبل سنوات من خلال العمل علي تنويع الأسواق التي تصدر إليها واعتمدت في ذلك آلية ناجحة تركز علي انتاج السلع بانواع ومواصفات تحتاجها الاسواق المختلفة مثل أسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.
وتشير البيانات الأخيرة الي أن بريطانيا نجحت في فك العقدة التي ربطت مستوي صادراتها بحجم الاستهلاك الاوروبي وانطلقت الي أسواق أخري تمتع بنمو أفضل واستهلاك أعلي.
وارتفعت المبيعات الي الدول خارج الاتحاد الاوروبي بنسبة 10%، كما ارتفعت الصادرات الي الولايات المتحدة بنسبة 21% عن المستوي الذي سجلته في فبراير الماضي.
ومن المتوقع أن يشعر وزير المالية البريطاني، الذي يقع تحت ضغط شديد لدعم النمو والتخفيف من خططته لمزيد من خفض الإنفاق الحكومي، بنوع من الارتياح لأنه في الوقت الذي كانت فيه الصادرات الي دول الاتحاد الاوروبي راكدة تم تعويض ذلك بالبحث عن اسواق بديلة.
تمكنت بريطانيا بالكاد من تجنب الانزلاق الي ركود ثلاثي بعد أن أظهرت البيانات نمو الاقتصاد بنسبة 0.3% خلال الربع الاول من هذا العام، ولاتزال التجارة تشكل عبئا علي الاقتصاد بالرغم من الانتعاش الذي شهدته مؤخرا، حيث تم تعويض 9 مليارات جنيه استرليني عجزا في السلع من خلال الصادرات مما ترك إجمالي العجز التجاري عن 3.1 مليار جنيه استرليني في مارس بعد أن كان 3.4 مليار في الشهر السابق عليه.
قال مارتن بيك، خبير إقتصادي لشركة كابيتال ايكينومكس إن الانطلاقة الجيدة للبيانات الحديثة لا يمكن أن تخفي حقيقة أن نمو الاقتصاد البريطاني مازال بطيئاً جداً.
استمر تحسن أداء الصادرات وصناعة البناء والتشييد في بريطانيا خلال شهر مارس مما أعطي دفعة قوية لوزير المالية البريطاني، جورج اوزبورن، هو في أمس الحاجة اليها قبيل اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع الذي بدأت فاعلياته يوم الجمعة الماضي.
ارتفعت الصادرات بوتيرة أسرع من الواردات مما خفض العجز الشهري في السلع والخدمات، في حين تعافي ناتج قطاع البناء من شتاء قارس البرودة أوقف عمليات البناء في معظم أرجاء البلاد.