شرين حسن : قانون إدارة الإقليم لا يراعي الخصائص الجغرافية للموقع ومدينة بورسعيد
عبد التواب حجاج : أسباب الاستقالة غير كافية .. وأطالب بعرض المشروع للمناقشة المجتمعية
محفوظ طه : لا يجب الاعتماد علي دراسات «قديمة» عند وضع المخطط العام للمحور
اندلعت أزمة جديدة في مشروع تنمية إقليم قناة السويس بعد استقالة الهيئة الاستشارية المشرفة علي المشروع بقيادة الدكتور عصام شرف، وهو ما اعتبره البعض مأزقاً كبيراً للحكومة.. «لوجستيك» استطلع رأي عدد من خبراء النقل البحري لاستيضاح الرؤية حول استقالة الهيئة الاستشارية لمحور قناة السويس وأسبابها.
كشف اللواء شرين حسن، خبير النقل البحري وعضو الهيئة الاستشارية لمشروع محور قناة السويس ، أن الاستقالة الجماعية لأعضاء الهيئة جاءت اعتراضاً علي نص القانون الذي قدمته وزارة الإسكان لمجلس الوزراء، منوها إلي أن النص لا يحقق الهدف من المشروع، حيث إنه يوفر مناخاً للمنافسة بين مستثمرين محليين وليس بين كيانات عالمية ضخمة.
الجدير بالذكر أن الدكتور عصام شرف وأعضاء الفريق الاستشاري لمشروع تنمية إقليم قناة السويس تقدموا باستقالة جماعية واعتذار عن عدم استكمال العمل مع الحكومة في المشروع حيث قدم الفريق استقالة جماعية من المشروع إلي وزير الإسكان، ووقع علي الاستقالة كلٌ من الدكتور عصام شرف والمستشار طاهر حزين واللواء شرين حسن والمهندس وائل قدورة والدكتور علي بسيوني والدكتور محمد علي والدكتور خالد حنفي.
ووفقاً لتصريحات للفريق الاستشاري فإنهم قد اتفقوا علي الاعتذار عن العمل مع الحكومة اعتراضاً علي تعديل المشروع في منحي غير المقرر له بعد التفاف البعض علي اصدار قانون وصفوه بـ «العقيم».
وأضاف حسن أن المشروع الذي قدمته وزارة الإسكان لا يصلح لإدارة منطقة حرة للمنافسة العالمية، مشيراً إلي أن مشروع قانون إدارة الإقليم لا يراعي الخصائص الجغرافية لموقع القناة ومدينة بورسعيد التي لم تتكرر في العالم.
وقال إن تنمية إقليم قناة السويس من أفضل مشروعات المستقبل لمصر غير أن تجريده من خصوصيته يصب في صالح بلاد أخري ولا يعود علي مصر بأي فوائد من ذوات المشاريع الملاحية واللوجيستية.
وحول التحديات التي تواجه المشروع قال حسن، إن هناك مشاريع دولية سيكون لها تأثير سلبي علي حركة الملاحة الدولية بقناة السويس، بالإضافة إلي تحديات مناخية وأمنية.
وأشار حسن إلي أن من أبرز المشروعات التي تهدد مستقبل القناة تتمثل في مشروع قطار ترانس سيبيريا والمشروع الروسي للنقل عبر سيبيريا برا لربط القارات والمشروع الصيني الإنجليزي من بكين للندن والمشروع العراقي لبناء ميناء البصرة وربطه بالأراضي التركية عبر خط سكة حديد والمشروع الروسي الجديد لربط الصين بشمال أوروبا من خلال سكك حديدية من الصين إلي ميناء أرخانجلسك علي البحر الأبيض المتوسط ومنه للعالم.
واضاف أن هناك أكثر من ممر بحري شمالي يروج له الروس أحدها بين شمال كندا والمحيط الباسيفيكي حتي اليابان، والآخر يبدأ من شمال روسيا إلي اليابان إلا أنه قلل من تأثيرها علي قناة السويس.
وتطرق إلي رصد التهديدات الأمنية التي تواجه الملاحة بقناة السويس أهمها علانية مسارات السفن المارة في جميع البحار والمحيطات وداخل القناة وفي مناطق الانتظار من خلال مواقع إلكترونية مجانية علي شبكة المعلومات الدولية وهو ما قد يشكل تهديدا علي حركة الملاحة العالمية من قبل تنظيم القاعدة وأعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية.
وكانت دراسة إعدها اللواء شرين حسن حول التحديات المناخية التي تهدد مشروع تنمية القناة قد أشارت إلي أن أسوأ سيناريو يتوقعه علماء المناخ هو اختفاء الدلتا ونصف العراق تحت الماء، وهذا السيناريو سيؤثر علي كل سواحل العالم وليس مصر وقناة السويس.
وأكدت الدراسة أن هناك مشاريع ملاحية عملاقة ستؤثر إيجاباً علي حركة الملاحة بقناة السويس منها توسعات قناة بنما وافتتاح موانئ شرق الولايات المتحدة وكندا ولندن «جيت»، وسوف يكون لتوسعة ميناء روتردام أثر كبير علي حركة التجارة العالمية المنقولة بحرا.
وأكدت الدراسة أن مستقبل القناة يرتبط بالمشاريع العالمية الأخري في المناطق المحيطة وبعضها سيكون لصالح الملاحة في القناة وبعضها مصمم لمنافسة القناة والبعض قد يكون فقاعة إعلامية أو للاستهلاك السياسي الداخلي.
من جانبه، قال الدكتور مصطفي خليل حجازي، رئيس قسم إدارة النقل الدولي واللوجيستيات بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن مشروع محور قناة السويس يواجه العديد من التحديات العالمية والاقليمية والمحلية التي تدفعها إلي الانغلاق وفقدان ميزاتها التنافسية، منوها إلي أن من أبرز تلك التحديات المنافسة العالمية ومحاولة اسرائيل منافسة القناة من خلال عدة مشروعات مثيلة وكذلك إتجاها إلي خفض تكاليف النقل وكفاءة الخدمة وإرتفاع النواتج القومية في مجموعة الدول النامية.
أضاف انه لا يمكن لقناة السويس ان تندمج وتتلاحم مع هذه التحولات، إلا إذا أسهمت في انتاج مزايا جاذبة لعبور التجارة العالمية، مثل كفاءة الخدمات المقدمة ومنافسة الأسعار وتطبيق نظم إدارية وفنية ذات معايير عالمية والتجاوب المرن مع المتغيرات الاقتصادية العالمية والتحديات التقنية.
واشار إلي أن القناة سوف تحقق مكاسب اقتصادية متصاعدة حال الاستمرار وإداء دور الطريق التجاري الدولي الأوفر تكلفة والاقصر زمنا والأكثر كفاءة وأمانا، ومن خلال إنشاء مناطق لوجيستية وتوفيرمجالات اقتصادية من حولها لتبادل التعاون والتنشيط الاقتصادي مع المجري الملاحي.
وأكد حجازي أن من أهم المناطق التي تمنح مصر أعلي ميزة تنافسة لقناة السويس منطقة سيناء وذلك عن طريق شق قناة بديلة تربط بين البحر المتوسط وخليج العقبة موازية لقناة السويس .
وحول الأهمية الاقتصادية لشق قناة موازية لقناة السويس اشار حجازي إلي أنها تمثل مشروعاً قومياً عملاق في جميع جوانبه، حيث تؤدي إلي حل مشكلة البطالة حيث من المتوقع ان توفر مليون فرصة عمل والقضاء علي مشكلة التكدس السكاني، كما توفر الساحات الازمة لانشاء مناطق التخزين ومناطق التجارة الحرة، بالإضافة إلي إنشاء شبكة من الطرق الرئيسية والداخلية لربط القناة الجانبية بقناة السويس وبما سيساعد علي تنمية سيناء والاستحواز علي نسبة عالية من السفن الكبيرة للحاويات وناقلات البترول التي لا تتناسب مع الاعماق الحالية لقناة السويس وذلك في ظل التطور الهائل في صناعة السفن العملاقة التي تستخدم طريق رأس الرجال الصالح.
أضاف أن قناة سيناء ستقضي علي مشكلات انتظار السفن العابرة لقناة السويس التي لا تسمح بالمرور المزدوج ذهاباً واياباً حيث تستغرق السفية قرابة 16 ساعة والمعروف بنظام القوافل، بالإضافة إلي وقت الانتظار الذي يصل إلي 18 ساعة وبالتالي فإن قناة سيناء سوف تساهم في حل مشكلة الانتظار ومرور السفن مما يؤدي إلي انخفاض التكلفة وزيادة دخل مصر.
من جانبه قال اللواء نبيل فرج، مستشار الاتحاد العربي لغرف الملاحة، إن تنمية قناة السويس ومحور القناة من أهم المشروعات التي ينتظرها قطاع النقل البحري منذ عهود طويلة وكانت ومازالت حلم كل العاملين في النقل البحري .
أضاف أن تنمية القناة ومحورها ستضخ استثمارات تتخطي 160 مليار دولار في أقل من 10 سنوات، فضلًا عن توفير أكثر من 2 مليون فرصة عمل سواء في مشروعات خدمات بحرية أو صناعية أو نقل، إضافة إلي عشرات ومئات المشروعات المتنوعة في هذا المجال.
من جـانبه قـال تـامر مـوسي، المحـاضر بكليـة النقل واللوجيستيات بالاكاديمية ورئيس شركة قناة السويس للملاحة والتجارة، إن مستقبل مصر الحقيقي يكمن في مشروع اقامت منطقة لوجيستية عالمية للتجارة الحرة حول قناة السويس خاصة ظهير ميناء شرق بورسعيد، مشيراً إلي أن مشروع تنمية محور قناة السويس إذا أحسن تخطيطه يمكن ان يصبح المشروع الأول الذي سوف يعيد مكانة مصر في التجارة العالمية.
وأشار موسي إلي أن أهمية ميناء شرق بورسعيد تبرز في كونها أكبر ميناء محوري في العالم حيث يبلغ 72 كيلو متراً مربعاً ويحوي أكبر منطقة صناعية حرة بمصر بمساحة 99 كيلو متراً مربعاً وبمنطقة زراعية 50 ألف فدان، بالإضافة إلي ترعة السلام ومحطة الكهرباء بطاقة 650 ميجاوات، حيث تعتبر المنطقة بداية لإنشاء بنية أساسية يمكنها أن تحقق مشروع تنمية سيناء.
قال الدكتور عبدالتواب حجاج، المستشار الاقتصادي السابق لرئيس هيئة قناة السويس، إن مشروع تنمية محور قناة السويس ليس وليد الألفية الجديدة وليس مشروعا جديدا وإنما طرح منذ تسعينات القرن الماضي عبر أبحاث ودراسات أجرتها أكاديمية البحث العلمي علي موانئ شرق بورسعيد والسخنة، أكدت أن مصر لن تستفيد من إمكانيات موانئها المستقبلية وتعوض إنفاقها علي تلك الموانئ إلا بإنشاء مناطق صناعية كبري في ظهيرها.
أشار حجاج إلي أن الأسباب التي دفعت الفريق الاستشاري لقناة السويس بقيادة الدكتور عصام شرف إلي الاستقالة غير منطقية وليست كافية – من وجهة نظره – وأنه من الصعب تقييم أي من وجهات النظر سواء التي يتبناها الفريق الاستشاري أو تلك التي تدفع بها الحكومة في محاولة لإظهار قدرتها علي تسويق المشروع وعمل مخططه دون مساعدة من أحد.
أكد أن محطة الحاويات الثانية بشرق بورسعيد ليست هي مشروع تنمية إقليم قناة السويس، وإنما مركز صناعي لوجستي عالمي يوفر الكثير من فرص العمل ويضع مصر في مكانتها المركزية، رافضا تصنيف مشروع محور قناة السويس علي أنه للخدمات اللوجيستية والقيمة المضافة فقط، لافتا إلي تجارب العديد من الدول التي يجب أن تستفيد منها مصر مثل البرازيل وسنغافورة وهولندا.
أعرب حجاج عن اندهاشه من عدم وضوح الرؤية لمخطط المشروع من قبل الحكومة، مضيفا أن قانون إنشاء هيئة تنمية محور قناة السويس عليه الكثير الملاحظات منها نقل ملكية الأراضي وسلطات المحافظين للهيئة الجديدة المزمع إنشاؤها، وهناك من يقول أنه «تفريط» والبعض الآخر يوصفه بـ «الجيد» لنظام الشباك الواحد، مشيراً إلي أن ما يعتبره البعض عيباً قد يكون ميزة عند الآخرين والعكس صحيح.
أبدي المستشار الاقتصادي السابق لرئيس هيئة قناة السويس، انزعاجه مما سمّاه «قفز» الجميع علي مخطط المشروع ويحاول كل منهم ان ينسبه لنفسه، لافتا إلي أن المشروع مصري خالص لا يتبع أي فصيل أو فريق استشاري أو حزب أو جماعة.
طالب حجاج عرض المخطط العام لمشروع تنمية إقليم قناة السويس علي المجتمع من أجل المشاركة في المشروع لأن المجتمع – دائما- ما يؤيد الفكرة الجيدة التي لا ترتبط إلا بصالح الوطن.
كما طالب الحكومة بالاستعانة بالمخطط العام للمشروع والذي أعده الفريق الاستشاري المستقيل بقيادة شرف، وعدم اللجوء لأي من المكاتب الاستشارية العالمية لعمل المخطط من البداية، موضحا أن تنمية الإقليم – دائما- ما ترتبط بالتنمية الشاملة والاستعانة بالخبرة الأجنبية تحت مظلة مصرية.
من جهته قال اللواء محفوظ طه، خبير النقل البحري، أن المخطط العام لمشروع تنمية محور قناة السويس لا يصلح حيث أنه مبني علي حسابات ودراسات «قديمة» – علي حد تعبيره –، مشيراً إلي أن الدولة لا تستفيد من تجارة الترانزيت العابرة لقناة السويس وميناء شرق بورسعيد وعليها تعظيم استفادتها من الإقليم.
أشار طه إلي تحفظه علي مجمل المشروع، حيث تحتاج الحكومة إلي الكثير من الوقت والجهد لحل مشكلات المخطط الكبيرة، لافتا إلي أن الفريق الاستشاري لمحور قناة السويس المستقيل قاد الحكومة إلي طريق مسدود وأنه يشك في قدرته بقيادة الدكتور عصام شرف علي إعداد مخطط شامل وكامل للمحور.
كان الدكتور علي بسيوني خبير اقتصاديات النقل البحري وعضو الفريق الاستشاري لمحور قناة السويس بقيادة الدكتور عصام شرف قد قال في وقت سابق لـ «البورصة»، إن الفريق الاستشاري يرفض الإطار التشريعي لمحور قناة السويس رفضا تاما، موضحا أن الحكومة تريد تنفيذ المشروع عن طريق الشركات المساهمة التي وصفها بالخطر المحدق.
وأضاف أن الفريق الاستشاري يتمسك بالاستقالة وعدم التنازل عنها إلا بشرطين، أولهما رفض الإطار التشريعي لمحور قناة السويس بالكامل، والثاني أن يتولي قيادة المشروع أصحاب الفكر والعلم في المجال البحري وليس عن طريق أشخاص وصفهم بـ « غير المتخصصين ولا يفقهون شيئا في النقل البحري ».
وأشار بسيوني إلي إن القانون الذي تمهد له الأمانة الفنية لمشروع قناة السويس يسهل عملية بيع الأسهم للأجانب ويصبح المشروع فيما بعد غير مملوكا للمصريين، وذلك بدلا من التعاقد مع شركات أجنبية بنظام» B.O.T «للاستفادة من الأساليب التكنولوجية الحديثة المستخدمة في شبكات الطرق والسكة الحديد والكهرباء والصرف الصحي تحت مظلة مصرية بالكامل، واصفا «مصرية» مشروع محور قناة السويس بأنها «خط أحمر».
ولفت إلي أن الفريق الاستشاري يطالب بإنشاء هيئة لتنمية الإقليم ترأسها شخصية بدرجة نائب رئيس وزراء علي الأقل، بالإضافة إلي تقسيم تلك الهيئة إلي 4 فروع، الأول لمنطقة شمال غرب خليج السويس، والثاني لوادي التكنولوجيا بمحافظة الإسماعيلية، والثالث لمنطقة شرق بورسعيد، والفرع الأخير لمنطقة قناة السويس ككل، وذلك علي عكس ما تطالب به الأمانة الفنية لمشروع قناة السويس بقيادة الدكتور وليد عبد الغفار بعمل مخطط شامل ومتكامل غير قابل للتجزئة، قال عنه بسيوني إنه سيستغرق 5 سنوات علي الأقل للانتهاء منه.
وأوضح أن الفريق الاستشاري سيعمل خلال الفترة المقبلة للحصول علي الدعم الشعبي وتنبيه جميع أطيافه بأن مشروع تنمية إقليم قناة السويس ليس لحزب، مطالبا رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بأن يعي الأخطار الاقتصادية التي تحيط بمصر متمثلة في المشروعات التنموية التي تنافس بها إسرائيل محور قناة السويس وخطرها علي الأمن القومي المصري.
يذكر أن الفريق الاستشاري لمحور قناة السويس برئاسة الدكتور عصام شرف استقال في وقت سابق من الشهر الماضي احتجاجا علي تجاهل الحكومة للفريق طيلة 4 أشهر – علي حد وصفه –، بالإضافة إلي اعتماد وزارة النقل علي «أهل الثقة» بدلا من أصحاب الخبرات.