تشهد مناطق عدة في حضر محافظة الجيزة وتحديداً حي فيصل وبولاق مفارقة غريبة تتجسد في الزيادة الملحوظة في الاقبال علي الوحدات السكنية التي يسابق ملاكها الزمن للانتهاء منها تمهيدا لبيعها بدون تراخيص أو خلافه، فإنه علي الرغم من أنها مباني مخالفة، لكن معدلات الإقبال عليها تفوق المعدلات الطبيعية، وبالتالي فلا يفاجأ الباحث عن وحدة سكنية في هذه المنطقة عند سؤاله مالك عقار تحت الإنشاء عن وجود شقق للبيع فيجد الرد أن كل الشقق تم بيعها قبل انتهاء أعمال البناء .
«البورصة» قامت بجولة في عدد من المناطق بحي فيصل وبولاق الدكرور لرصد ظاهرة انتشار العقارات المخالفة ومعدلات الإقبال عليها، حيث ينتشر السماسرة علي مقاهي هذه الأحياء، ويتواجد أصحاب العقارات في النهار لمتابعة عمليات الإنشاء.
في منطقة الطالبية يتراوح سعر المتر بين 900 و1200 جنيه وفقاً لموقع العقار ومدي قربه من شارع فيصل الرئيسي وجميع العقارات تتجاوز ارتفاعاتها العشرة طوابق لتصل في بعض الأحيان إلي 14 دوراً رغم أن عرض الشوارع التي تقع بها لا يزيد علي 10 أمتار.
محمد مصطفي، سمسار عقارات بمنطقة الطالبية قال إن المشترين يعرفون أن هذه العقارات مخالفة، ولكن يقبلون علي الشراء بسبب وجود عدادات مياه وكهرباء بجميع الوحدات بجانب أنه يتم تسليم العقار بعد تشطيب الواجهات الخارجية والسلالم وتركيب المصاعد.
وأضاف أن المشترين واصحاب العقارات متأكدون أن الحكومة لن تزيل هذه الوحدات، لأنها لن تواجه السكان، الذي دفع كل منهم حوالي 120 ألف جنيه في الوحدة بخلاف تكلفة التشطيب، التي تصل إلي 80 ألف جنيه حيث يتم تسليم الوحدة «علي الطوب الأحمر».
وحول طريقة توصيل المرافق، أوضح مصطفي أن صاحب العقار يتجه إلي الحي، ويقدم طلباً للحصول علي رخصة بناء بعدد الطوابق القانونية، ويدفع التأمينات ويقوم بتوصيل المرافق وبعدها يتم بناء الأدوار المخالفة، خاصة أن العقار يعمل علي عداد مياه واحد، ويتم تركيب موتور، وتقسيم التكلفة علي السكان والكهرباء يتم توصيل عداد لكل وحدة مؤقت وبعدها يتحول إلي قانوني بمرور الوقت مع استغلال الثغرات الإدارية.
ولفت إلي أن توصيل المرافق يزيد من ثقة السكان عند الشراء، حيث يحصل علي عداد كهرباء لوحدته بجانب تشطيب الواجهة، وتركيب المصعد، ولا يجد صاحب العقار صعوبة في التواصل مع الحي لتركيب عداد لكل شقة، وعلق «كله بيمشي يا باشا».
سعر المتر في المنطقة يختلف من مكان إلي آخر، فالسعر في العقارات المجاورة للطريق الدائري عند صفط اللبن يصل سعر المتر 1000 جنيه، فيما يصل السعر في جوار دائري المساكن إلي 1050 جنيهاً، وفي منطقة الطالبية ينخفض سعر المتر إلي 900 جنيه إذا كان العقار يقع في شارع جانبي، فيما يصل إلي 1200 جنيه في حال قرب العقار من شارع فيصل الرئيسي.
وفي شارع الشوربجي أحد الشوارع الواقعة بين حيي بولاق الدكرور وفيصل يرتفع عقار لـ 13 طابقاً متتالياً في شارع عرضه 6 أمتار أعلن صاحبه، وهو لم يكمل بعد بناء الطابق السادس أنه محجوز حتي العاشر، وأن سعر المتر في الوحدة يبلغ سعره نحو 1100 جنيه، ويزيد في الأدوار المنخفضة.
الشارع ينتشر فيه عدد كبير من العقارات المخالفة وحتي القديم منها تتم له أعمال تعلية، كما ذكر لنا أحمد عبدالباري، سمسار عقارات بالمنطقة، وقال إن جميع المنازل آمنة والمنطقة قريبة من وسط القاهرة، ولا ترتفع فيها تكلفة المعيشة لذا فإن الإقبال علي الشراء كبير خاصة مع توافر الخدمات والمرافق.
وأكد أن المشترين يعلمون أن العقارات مخالفة وخاصة في قيود الارتفاعات، لكنهم متأكدون أنها سليمة إنشائياً ومرافقها موجودة، وأن الفضل يرجع في توافر المرافق إلي فكرة العداد المؤقت وللتعاون الكبير الذي يبديه موظفو الأحياء مع ملاك هذه العقارات الذين يدفعون بسخاء.
وأوضح عبدالباري أن العقارات المخالفة في المنطقة تنتشر بصورة كبيرة جداً، وأن المشتري يطمئن علي قانونية موقفه بسبب توصيل المرافق وحصوله علي عقد بيع موثق من البائع، وأن عدداً من مكاتب المحاماة بالمنطقة تتولي التفاوض بين البائع والمشتري وتوقيع العقود مما يزيد من ثقة المشتري في ضمان حقه.
وأشار إلي أن الحكومة لن تستطيع إزالة العقارات المخالفة، لأن عدداً كبيراً منها تم بيعه إلي المشترين وسيرفضون مغادرة منازلهم أو إزالتها، لأنهم دفعوا فيها أموالاً باهظة بجانب أن الشرطة لن تستطيع مواجهة الغضب الشعبي حال التطبيق.








