7 آلاف فدان في « مستقبل حلوان » والشركة تقسم المساحات من 100 إلي 1000 متر
الأرض بدون مرافق وتم شراؤها من المزارعين وتبويرها والمتر من 100 إلي 300 جنيه
صاحب الشركة: الكهرباء تمر بجوار الأرض وسنحمي المشترين حتي البناء وتوفيق الأوضاع
الإسكان : المحافظات تتجاهل تفعيل البناء الموحد.. وتقنن العشوائيات الجديدة
هاشم : الحكومة أصبحت «الحيطة المايلة».. ويجب تحويل هذه الشركات إلي النيابة العامة بتهمة النصب
علام : « أرض مضمونة يعني وجود عقود مسجلة وكردون مدينة وتقسيم معتمد»
مراد: 5 مدن وهمية داخل القاهرة والانفلات الأمني السبب
فرج: استمرار ظاهرة تحويل الأراضي الزراعية إلي سكنية يعرض مصر إلي «مجاعة»
استمراراً لمسلسل المشروعات السكنية الوهمية رصدت «البورصة» إعلانات توزع علي المواطنين في شوارع القاهرة عن مدينة سكنية في حي حلوان تحت اسم «المستقبل» علي مساحة أكثر من 7 آلاف فدان بجوار الطريق الدائري الإقليمي الجديد.
الأرض مقسمة إلي قطع من الأراضي موزعة علي شركات مختلفة اشترتها من المزارعين في هذه المنطقة، وتطلق أكبر هذه الشركات علي نفسها مؤسسة التعمير للتسويق وتجارة الأراضي وتملك أكبر 3 قطع في المدينة.
الإعلان يقول «نفسك في قطعة أرض تكون مضمونة بدون مشاكل وقريبة من القاهرة وجاهزة للبناء الفوري شركة التعمير تهديك قطعة أرض بمدينة المستقبل علي الطريق الدائري الجديد مباشرة تبعد عن مدينة حلوان 20 دقيقة فقط وعن قلب القاهرة 40 دقيقة والأرض بعقود رسمية تسجل فوراً نقداً أو بالتقسيط».
الشركة أكدت أنها لا تتعامل مع أراضي وضع اليد أو أملاك الدولة وموثقة بعقود رسمية، والسعر يتراوح بين 100 و150 و300 جنيه للمتر المربع، وتؤمن الشركة الأرض حتي انتهاء البناء، مشيرة إلي أن اصحاب الشركة من بين قاطني المشروع.
وعزا عمرو، أحد ملاك الشركة،انخفاض سعر المتر إلي أن الأرض مازالت خارج الحيز العمراني وفي بداية مراحل التنمية، قائلاً: «الأرض ليست أمام المترو أو داخل المدينة».
أضاف أن الشركة توفر مساحات تتراوح بين 100 و1000 متر مربع في 3 مواقع تملكها من اجمالي 7 آلاف فدان مساحة مدينة المستقبل.
بالنسبة للمرافق قال عمرو إنها لم تصل حتي الأن إلي أرض المدينة وهناك خط صرف صحي يمر خارج حدودها، مضيفا أن هناك موقعاً جاهزاً للبناء ومن المنتظر توصيل الكهرباء من أقرب مصدر، خاصة أن خطوط الربط تمر بجوار موقع الأرض.
أما عن طريقة الحصول علي الأرض فقال،إنها كانت ملكا لعدد من الفلاحين واشترتها الشركة وحالياً لا تصلح للزراعة بعد تبويرها،وسوف تسجل للمشتري كأرض زراعية لحين استخراج قرار التبوير.
وشدد علي أن ارض شركته تختلف عن أراضي القادسية فقد كانت تتبع جهاز مدينة العبور بضوابط واشتراطات بناء وفقاً لقانون هيئة المجتمعات العمرانية،ولكن أرض المستقبل تتبع محافظة القاهرة وسوف يسمح بالبناء عليها.
قالت المهندسة نفيسة هاشم، رئيس قطاع الإسكان بوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية لـ «البورصة» إن مسئولية انتشار إعلانات أراضي المشروعات الوهمية تقع علي الجهة الإدارية الممثلة في الأحياء الواقع في نطاقها المشروع.
أضافت أن الجهة الإدارية لا تفعل قانون البناء الموحد رغم عقوباته المشددة، وتتجاهل هذه المشاكل حتي ينتهي اصحاب هذه المشروعات من بيعها ومن ثم تلجأ الدولة لتقنين أوضاعهم بحجة النصب علي المواطنين.
أشارت إلي أن المادة «18» من قانون البناء الموحد تحظر الإعلان عن أي من مشروعات لتقسيم الأراضي أو التعامل علي قطعة من أراضي المشروع أو جزء منه،إلا بعد أن يودع صاحب المشروع صورة من القرار الصادر باعتماده ومرفقاته من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بمديرية المساحة ومكتب الشهر العقاري المختص.
تابعت أنه لايجوز – ايضاً – للجهات الحكومية الإعلان عن مشروعات تقسيم الأراضي أو التعامل علي قطعة من أراضي المشروع أو جزء منه إلا بعد صدور قرار باعتماد تقسيم المشروع المعلن، كما لا يجوز للمسئول في الجهة التي تتولي الإعلان النشر إلا بعد الحصول من صاحب الشأن علي ما يثبت الإيداع، أو من الجهة الحكومية علي صورة مصدق عليها من القرار الصادر باعتماد المشروع ومرفقاته طبقا لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون من إجراءات، مع مراعاة القواعد الخاصة بالمحافظات الحدودية.
وشددت هاشم علي أن العقاب يمتد إلي جهة الإعلان سواء كان في صحف رسمية أو باليد في الشوارع، مشيرة إلي أن المادة 100 من قانون البناء ايضاً تنص علي أنه يعاقب كل من خالف أحكام الفقرة الأولي من المادة «18» من هذا القانون، بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد علي خمسمائة ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين، وتختلف الغرامات بتعدد المخالفات، كما يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد علي خمسين ألف جنيه كل من خالف أحكام الفقرة الثالثة من المادة «18» من هذا القانون، وتصل عقوبة الحبس إلي مدة لا تقل عن ستة شهور وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد علي مائة ألف جنيه إذا وقعت الجريمة المنصوص عليها في إحدي الفقرتين السابقتين عن طريق التحايل أو استخدام أوراق مزورة أو بالإعلان عن تقاسيم وهمية .
أضافت أن وزارة الإسكان مسئولة عن اصدار التشريعات التي تنظم أعمال البناء في الدولة،ولكن التنفيذ مسئولية جهة الإدارة، مؤكدة أنه قبل عام 2008 لم تكن هناك عقوبات علي هذا النوع من المخالفات حتي بعد اصدار اللائحة التنفيذية الأخيرة لقانون البناء الموحد لم تتحرك المحافظات والأحياء لتفعيلها ووقف المخالفات.
وشددت علي ضرورة وقف اجراءات التصالح مع مشتري أراضي هذه المشروعات وعدم الموافقة علي تحويلها إلي أراض سكنية، حيث إنهم كانوا علي علم قبل الشراء بعدم صلاحية الأرض للبناء، خاصة أن سعر المتر لا يتعدي 300 جنيه،وتحويل ملاك هذه الشركات إلي النيابة العامة وتحريك الدعوي الجنائية ضدهم بتهمة النصب لأن الحكومة والدولة أصبحتا «الحيطة المايلة» علي حد وصفها.
أشارت إلي أن الجميع يظن أنه سوف يحصل علي حقه بالقوة، مشيرة إلي أن الصمت عن هذه المشروعات يعني انتشار العشوائيات،خاصة أن الأرض دون مرافق أو خدمات.
تابعت رئيس قطاع الإسكان بالوزارة أنه يمكن التصالح علي أراضي المتخللات العمرانية أو الواقعة في نطاق الكردون، لكن أن تعلن بعض الشركات عن اقامة مدن سكنية علي قطعة أرض زراعية فهذا لايجب السكوت عنه.
كشفت أن الوزارة ستطلب من مجلس المحافظين التحرك لوقف مخالفات البناء والسيطرة علي مشروعات التقسيم الوهمية، حيث إن مديريات الإسكان بالمحافظات هي المسئولة عن الترخيص للمشروعات واصدار مخططات التقسيم وفقاً لصلاحياتها داخل حدود المحافظة.
من جانبه نفي المهندس مصطفي مراد، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، وجود مدينة تسمي « المستقبل » بحلوان، مؤكداً شراء عدد من شركات الاستثمار العقاري لأراض زراعية من الفلاحين وتحويلها إلي مشروعات وأراض سكنية مخالفة للمخطط العام للمحافظة.
أكد أن الفترة الأخيرة خاصة بعد اندلاع الثورة روج لمدن سكنية داخل نطاق المحافظة لا وجود لها ضمن مخطط المحافظة،خاصة بالمنطقة الجنوبية للقاهرة بالمعادي وحلوان وبلغ عددها 5 مدن بأسماء مختلفة، مشيراً إلي أن الغياب الأمني ساعد علي انتشار هذه الفوضي في توزيع وتقسيم الأراضي وتحويلها من زراعي إلي سكني بهدف الربح والاستفادة بفارق الأسعار.
أشار إلي أن المحافظة دعت رؤساء الأحياء والمراكز والمدن إلي اتخاذ اجراءات قانونية صارمة من أجل التصدي لظاهرة البناء المخالف علي الأراضي الزراعية والبناء بدون ترخيص، وجار إخطار جهات المرافق المختلفة من كهرباء ومياه شرب وصرف صحي بالمباني المخالفة والتأكيد عليهم بعدم توصيل المرافق لها طبقا لنص المادة 62 من قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008.
وكشف نائب المنطقة أن الإجراءات تتضمن تحرير قرار إيقاف مسبب للأعمال المخالفة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم،يتضمن بياناً بهذه الأعمال وأن يتم إعلان هذا القرار لذوي الشأن وفقاً لما نصت عليه المادة 59 من قانون البناء الموحد، كما تضمنت الإجراءات تحرير محضر مخالفة للمالك الفعلي والمهندسين المشرفين والمقاولين وسائر الأفراد والهيئات وكل من شارك في إنشاء مبان أو تعليتها أوهدمها أوقام بالبناء علي الأرض الزراعية داخل أو خارج الحيز العمراني.
تابع أن شركات الاستثمار العقاري تلجأ إلي شراء الأراضي الزراعية من الأفراد وتتحايل بطرق غير قانوينة لاستخراج تراخيص مبان، وهو ما يتنافي مع المخطط التفصيلي بالمحافظة والمستمد من مخطط هيئة التخطيط العمراني، مؤكداً أن الفترة القادمة سوف تشهد فرض حزمة إجراءات للحفاظ علي الرقعة الزراعية ومنع شركات الاستثمار العقاري من التوسع والاستيلاء علي الأراضي الزراعية، بالإضافة إلي التنبية علي رؤساء الأحياء بعدم استخراج أي تراخيص أو اوراق للأراضي الزراعية للبناء عليها أو تحويلها للنشاط السكني.
أما الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفني علي البناء بوزارة الإسكان فقال لـ «البورصة» إن الشركات الوهمية تنجح في خداع المشترين عن طريق خفض سعر متر الأرض في هذه المناطق.
أضاف أن الإعلان يشير إلي إن الأرض مضمونة وهو ما يعني وجود عقود مسجلة وكردون مدينة ومشروع تقسيم معتمد من المحافظة، ويقول أيضاً «إن الأرض بدون مشاكل وجاهزة للبناء وهذا يعني ضرورة تمليك الأرض بعقود مسجلة والبناء عن طريق رخصة معتمدة بعد توصيل المرافق العامة المخططة من قبل المحافظة».
وأضاف علام أنه وفقاً للمادة 51 من لائحة قانون البناء الموحد فهناك 3 انواع من تقسيم الأرض،الأول أن تكون قطعة الأرض مزودة بمياه الشرب والصرف والكهرباء ولا تحتاج إلي شق طرق،والثاني أن تكون مزودة بالمرافق ايضاً ولكن تحتاج إلي شق طرق،أما التقسيم الثالث فأن تكون الأرض بدون مرافق وتحتاج إلي شق طرق.
تابع أنه وفقاً للحالة الثالثة فإنه يتم استقطاع ثلث مساحة الأرض للترفيق وشق الطرق ومن 10 و15% من المساحة للمنفعة العامة لاقامة الخدمات، وما يتبقي من الأرض يتم تخطيطه كقطع أراض ولكن الشركات تقسم القطع بمساحات مختلفة حسب رغبة المشتري دون تخطيط أو التزام بهذه القواعد.
أكد علام ان المادة 52 تنص علي أن يكون تقسيم الأرض ضمن المخطط الاستراتيجي العام للدولة وأن تزود الأرض بالمرافق وفقاً للأسس العلمية والهندسية السليمة، بجانب ملاءمة مشروع التقسيم لـ «طبوغرافية» الأرض وتخصيص ثلث المساحة للمتنزهات العامة والخدمات والمنفعة العامة.
أشار إلي أن حل هذه الأزمة لن يكون الا عن طريق تطبيق القانون والبحث عن المخالفين قبل أن تقع هذه الجريمة، ومن ناحية أخري يتم تبوير الأراضي الزراعية رغم أن القانون ينص علي أن يحافظ تقسيم الأرض علي حالة البيئة العامة.
تابع أن التشريعات الموجودة حالياً تكفي للردع وجار تشديد العقوبات حالياً من خلال تعديلات قانون البناء الموحد، إلا أن الأجهزة التنفيذية والأحياء لا تقوم بدورها في المناطق التابعة لها.
من جانبه أكد الدكتور سيف فرج، أستاذ الاقتصاد العمراني، أن 20% من الأراضي الزراعية بجميع المحافظات تحولت إلي أراضي سكنية بسبب فروق الأسعار بين الزراعي والسكني، محذراً أن استمرار هذه الظاهرة التي قد تعرض مصر إلي مجاعة مقبلة نظراً لتقلص الرقعة الزراعية بدلاً من التوسع فيها، خاصة أن مصر دولة زراعية في المقام الأول.
أشار إلي انتشار هذه الظاهرة استيلاء شركات الاستثمار العقاري علي الأراضي الزراعية وتحويلها إلي أراض سكنية تباع بالمتر وبالتقسيط للأفراد، فضلاً عن فارق السعر بين متر الأرض الزراعي والسكني بجانب جهل المواطنين بالقوانين والغياب الأمني وهو ما شجع الشركات علي الاستثمار في أملاك الدولة دون رادع قانوني أو الاشراف من قبل الجهات المختصة.
وضرب فرج مثالاً بمشروع الريف الأوروبي والمقام علي طريق مصر – إسكندرية الصحراوي حيث يتم تخصيص المشروع كزراعي لافتاً إلي أن القانون كان يسمح بالبناء علي مساحة 2% من الرقعة إلا أنه تم اختراق القانون والبناء علي 50% من الأرض وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون والمفترض أن تتصدي الدولة لتلك المخالفات إلا أنه يتم التغاضي عنها في كل مرة حتي توسعت وأصبحت ظاهرة تهدد الرقعة الزراعية.
ذكر أن الشركة الزراعية للحزام الأخضر التي كان من المقرر لها تنفيذ مشروع ظهير زراعي لمدينة 6 أكتوبر باستغلال المياه الجوفية والصرف الصحي عن طريق محطة معالجة حولت الأرض إلي مشروع سكني رغم تخصيص الأراضي للنشاط الزراعي نتيجة العائد المرتفع للسعر الذي يفوق سعر المتر الزراعي بأضعاف.
أبدي فرج اندهاشه من عدم اتخاذ الدولة الإجراءات اللازمة للحد من انتشار هذه الظاهرة التي بدأت تتسرطن في مصر.
وشدد علي اهمية الاستعانة بالمخطط العام الذي تتولي هيئة التخطيط العمراني وضعه والذي يوضح توزيع واستخدامات الأراضي حسب المساحات والمواقع الجغرافية،لافتاً إلي أن استخراج تراخيص المباني لابد من الرجوع فيه إلي المخطط التفصيلي الذي يوضع لكل محافظة من قبل الهيئة.
وطالب فرج بضرورة عودة الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية ومحاربة الشركات الوهمية التي تستولي علي الأراضي وإعادة بيعها للمواطنين بأسعار مضاعفة، فضلاً عن تجريف الرقعة الزراعية التي بدأت بالانكماش تدريجياً، خاصة في الفترة التي أعقبت الثورة، مضيفاً أن المسئولية تقع علي الأحياء في استخراج تراخيص بناء دون الرجوع إلي المخطط التفصيلي لكل محافظة والتوزيع المقنن للأراضي واستخداماتها.