حكومته اقترضت 232 مليار جنيه في سنة من البنوك و20٪ نمواً في الدين الداخلي
ظل المصريون بدون رئيس لمدة 17 شهراً بكل ما يعنيه ذلك من غياب للنظام والقانون وعنوان للدولة يستطيع رسم سياستها ووضع رؤوية لمعالجة آثار ما بعد الثورة، وأدار البلاد خلال تلك الفترة مجلس عسكري اختلطت في يديه الأوراق ونادي الكثيرون بسقوطه من كثرة أخطائه، قبل أن يسمح في النهاية بإجراء انتخابات رئاسية طال انتظارها.
وأدت سياسات المجلس العسكري الخاطئة إلي تدهور الاوضاع الاقتصادية بشكل كبير نتيجة عدم وضوح الرؤية والشك في امكانية اتمام التحول الديمقراطي عبر نقل السلطة إلي رئيس مدني منتخب.
غير أن البوصلة تغيرت إلي الاتجاه المعاكس تماما بمجرد انتخاب الرئيس محمد مرسي وارتفعت معنويات الأسواق والمستثمرين وبخاصة بعد ثتبيت مرسي لأقدامه في السلطة في مواجهة العسكر.
وبدأ المستثمرون الأجانب في العودة لسوق الدين الحكومي، ويعد هذا مؤشراً علي بعض الثقة التي بدأ الاقتصاد في استردادها بعد غياب اقترب من عامين، كما تحسنت مؤشرات أسعار الفائدة الأمر الذي انعكس ايجابيا علي تكلفة الدين الحكومي التي كانت قد سجلت مستويات تاريخية لها قبل تسليم السلطة من المجلس العسكري.
وتحسنت مؤشرات السيولة في السوق وبدا وكأن الحكومة التي أعلن الرئيس المنتخب عن تشكيلها برئاسة خبير في الري تعرف ما ينبغي فعله عندما قطعت شوطاً كبيراً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وأعلنت عن برامج لهيكلة نظام الدعم السخي وفرض ضرائب جديدة لتقليل فجوة العجز في الموازنة والذي تخطي عشر الناتج المحلي للبلاد.
كما بدا أن مرسي عازم علي تجاوز الأوضاع المالية والاقتصادية التي تعيشها مصر منذ اندلاع الثورة ولم ينتظر انتهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، بل تمكن من الحصول علي مساعدات قيمة من دولة قطر بقيمة 2.5 مليار دولار، كما توصل إلي اتفاق مع الجانب التركي لتقديم مساعدات بقيمة ملياري دولار.
وبعد زيارة للصين حصلت مصر علي مساعدات أقل حجما إضافة إلي تسهيلات واتفاقيات بين الطرفين.
واستمر شهر العسل الاقتصادي لمرسي في الواقع أربعة أشهر بدءا من أغسطس وحتي نوفمبر، تم التوصل خلالها إلي إتفاق استعداد ائتماني مبدئي مع صندوق النقد الدولي الأمر الذي ساهم في رفع المعنويات أكثر.
غير أن الاختلاف حول كتابة الدستور وعدم استجابة الرئيس وحزبه لمطالب المعارضة أدي إلي اشتعال الوضع السياسي مجددا، وعمق الانقسام الذي حدث خلال الانتخابات الرئاسية ولم تكن البلاد قد تعافت منه بعد.
وبدأت البلاد تشهد اضطرابات مستمرة بدأت في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر الماضي بعد إصدار مرسي لإعلان دستوري حصن فيه قراراته ووسع من صلاحياته التنفيذية والتشريعية علي حساب السلطة القضائية.
وأدي إصدار الاعلان الدستوري إلي مظاهرات واحتجاجات واسعة النطاق واشتباكات بين مؤيديه ومعارضيه سقط خلاله قتلي من الجانبين ومئات المصابين.
وبدأت الأوضاع الاقتصادية في التدهور مجددا عندما تراجع مرسي عن تنفيذ اصلاحات ضريبية كان قد أصدرها في صورة قوانين، وتباطؤ الحكومة في هيكلة نظام الدعم لتمرير الدستور الذي تم التصويت عليه بدون موافقة المعارضة علي محتواه.
وأدت تلك الاجراءات إلي إعادة صندوق النقد الدولي النظر في الاجراءات التي أقدم عليها خاصة فيما يتعلق بتوقعات الحكومة لنتائج الاجراءات التي ستقدم عليها، كما أن تراجع الحكومة عن هيكلة الدعم بالصورة المطلوبة جعل من الصعب التوصل إلي اتفاق مع الصندوق.
كما أن نظرة مرسي نفسه إلي ملفات المستثمرين الذين توجد لهم نزاعات مع الدولة أدي إلي تدهور ثقة المستثمرين مجدداً خصوصاً بعد خطاب الرئيس أمام عشرات الألوف في ستاد القاهرة والذي تحدث فيه عن نيته استرداد 100 مليار جنيه من 6 شركات.
وفي الشهر الخامس من رئاسة مرسي انفجرت فقاعة الجنيه عندما احتدمت أزمة نقص الدولار من السوق، وظهرت سوق موازية للصرف خارج سيطرة الجهات الرقابية.
وبعد عامين من سياسة الجنيه القوي اضطر البنك لمركزي لانتهاج سياسات جديدة تهدف إلي إجراء خفض محكوم للعملية المحلية التي استمرت في التراجع برغم سياسات واجراءات البنك المركزي. وجاء هذا التحول بالرغم من تأكيدات مرسي المتكررة أنه لن يتم تخفيض قيمة الجنيه.
وعاودت أسعار الفائدة الحكومية ارتفاعها مجددا وضغطت علي تكلفة الدين الحكومي واستمرت في الارتفاع حتي اقتربت مؤخرا من معدلاتها المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي قبل تولي مرسي للرئاسة.
وسجل الدين المحلي نمواً بلغ 20% في أول سنوات حكم مرسي وبلغت قيمة الزيادة 232 مليار جنيه، أما معدلات التضخم التي كانت قد تراجعت إلي أدني معدلاتها في 5 سنوات خلال شهري نوفمبر وديسمبر فقد قفزت مجددا بدءا من يناير حتي تجاوزت معدل 8% علي أساس سنوي في الشهرين الأخيرين.








