ستجد إسرائيل يوما ما صعوبة فى اتخاذ إجراءات ضد برنامج إيران النووى
ويميل نتنياهو مؤخرا نحو الوسط السياسى الإسرائيلي، وهذا ما يغضب القاعدة العدوانية لحزبه «الليكود»
بقلم: جيفرى جولدبيرج
تعد مهمة وزير الخارجية جون كيرى فى الشرق الأوسط شبه خيالية إن لم تكن مستحيلة، وأشك فى أن يصل إلى هدف الولايات المتحدة من التفاوض للتوصل لاتفاق الوضع النهائى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما أن الطرفين لم يتفقا بعد على الموضوعات التى سوف تتناولها المباحثات.
وحقيقة فإن كيرى يستحق الثناء بعد أن نجح جزئيا فى جذب انتباه رئيس الوزراء الإسرائيلى، بينامين نتنياهو، ولكن الحكومة الاسرائيلية تسعى لتدمير نفسها من خلال استمرار برنامج المستوطنات على قدم وساق فى الضفة الغربية.
وتظهر علامات مبكرة على أن نتنياهو يدرك ما قد تتحمله دولته يوما ما مقابل مستوطناتها،خاصة تلك القريبة من التجمعات السكانية الفلسطينية، والتقى نتنياهو مؤخرا عدداً من أصحاب الشركات الصناعية الإسرائيلية الرائدة الذين أعربوا عن قلقهم من أن تقاطع أوروبا منتجاتهم يوما ما.
واستغل كيرى هذا القلق، وحذر نتنياهو من أنه إذا لم تثمر محادثات السلام الحالية عن نتائج، فقد تواجه إسرائيل حملة دولية قوية لنزع الشرعية.
وطبقا لمسئولين اسرائيليين تحدثت إليهم وطلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم للتحدث بحرية، يعتقد كيرى أن الشيء الوحيد الذى يهابه نتيناهو بقدر خوفه من برنامج إيران النووى هو نمو القوة الدولية التى تسعى لعزل وتشويه صورة بلاده.
رغم أن نتنياهو قلق من تظهر هذه الحملة إسرائيل كدولة غير شرعية وبالتالى إلحاق الضرر باقتصادها القوى، فإن أكثر ما يقلقه أن تشل هذه الحملة قدرة الدولة فى الدفاع عن نفسها.
والنظرية بسيطة، فدولة ينظر إليها على أنها غير شرعية ليس فقط من قبل اللوبى العربى فى الأمم المتحدة وإنما أيضا من القوى الغربية، ولن تحظى بالدعم الكافى عندما ترد على هجمات حماس وحزب الله المتكررة.
ويعتقد نتنياهو أن حملة نزع الشرعية من إسرائيل قد تدفع القوى الغربية إلى كبح جماحها أو على الأقل إدانتها قبل أن تدافع عن نفسها.
ومخاوف نتنياهو مرتبطة، وسوف تجد إسرائيل صعوبة فى أن تتخذ يوما ما إجراءات ضد برنامج إيران النووى وهى محاطة بكراهية المجتمع الدولي.
وقد كنت محقا عندما أكدت أن إسرائيل سوف تجد تعاطفا أكبر فى حملتها ضد الرؤوس النووية الإيرانية، إذا كانت أكثر رغبة فى التوصل لحل وسط مع الفلسطينيين.
ونتنياهو، على عكس البارزين فى اليمين الإسرائيلي، فقد وافق مبدئيا على حل الدولتين ولكنه لم يفعل الكثير من اجل ذلك، وإنما علق على مضض ومؤقتا التوسعات فى المستوطنات التى سوف تكون بالتأكيد جزءاً من دولة فلسطين المستقبلية.
ويميل نتنياهو مؤخرا نحو الوسط السياسى الإسرائيلي، وهذا ما يغضب القاعدة العدوانية لحزبه” الليكود”، وقيل لى إنه اعتاد وصف بعض سياسى اليمين بـ “المجانين”، حيث إنهم يعتقدون أن دولتهم قوة عظمى وتستطيع التصرف كما يحلو لها.
ويعى نتنياهو أنه لن يتمكن من كسب معركة أمام الاتحاد الأوروبى بأكمله إذا قرر تفعيل مقاطعة جزئية لإسرائيل، ومن ناحية فإن عداء أوروبا لإسرائيل لا يفيد كيرى أو رئيس مفاوضيه، مارتن إنديك، فالوحشية والكراهية التى شهدها اليهود فى القارة الأوروبية هى التى خلقت الحاجة لإيجاد موطن لليهود فى المقام الأول وتكرار هذا العداء قد يقوى اليمين المتطرف فى إسرائيل مما قد يعوق نتنياهو فى مفاوضاته.
ومن ناحية أخرى أصبح معظم الإسرائيليين مدركين أن دولتهم لن تكسب تعاطف عالم صديق بأكمله، كما يدرك نتنياهو ذلك، وربما تسببت إجراءات الاتحاد الأوروبى مؤخرا – ومن بينها منع أعضائها من تمويل أبحاث تجرى على حدود عام 1967 -جزئيا فى إصغاء نتنياهو إلى تحذيرات كيرى بآذان مفتوحة.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج








