ربيع: الاضطراب الأمنى يهبط بمبيعات الصيدليات %25 وتقليل ساعات الحظر يعود بالإنتاج لمعدلاته الطبيعية
إقبال الصيدليات على شراء المستحضرات من مصادر مجهولة فاقم من مشكلة غش الدواء
منافسة شرسة بسوق الدواء رغم سيطرة 10 شركات على %50 من المبيعات
مصر تستورد %80 من الخامات الدوائية وارتفاع أسعار الدولار يضع الصناعة فى مأزق
كشف محمد حسن ربيع، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء رئيس مجلس إدارة دلتا فارما، عن تعثر أكثر من %50 من المصانع الدوائية العاملة فى السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة بسبب التدنى الشديد فى أسعار الدواء المحلى والمنافسة الشديدة مع الشركات الكبرى والارتفاع المستمر فى تكاليف الإنتاج فى ظل ارتفاع أسعار العملات الأجنبية والدولار.
أوضح ربيع لـ«البورصة»، أن صناعة الدواء فى مصر تعتمد بشكل أساسى على الخامات المستوردة، إضافة إلى مواد التعبئة والتغليف، وتصل نسبة الخامات التى يتم استيرادها إلى %80 من الخامات المستخدمة فى التركيبات الدوائية، ما تسبب فى وضع الصناعة الدوائية فى مأزق الفترة الأخيرة بسبب أزمة الدولار، فى ظل ارتفاع مستمر فى مدخلات الإنتاج وثبات أسعار المنتج النهائى.
قال ربيع إن هناك 15 مصنع دواء معروضاً للبيع فى الوقت الحالى ولكن بصورة غير معلنة، نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة التى تمر بها مصر بصفة عامة وقطاع الدواء ومشكلاته المزمنة بصفة خاصة.
ويقدر عدد المصانع الدوائية فى مصر حالياً بنحو 125 مصنعاً.
وتوقع عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء زيادة الاستثمارات العربية فى قطاع الدواء المصرى خلال الفترة المقبلة.
فى سياق متصل، أكد ربيع أن سيطرة 10 شركات فقط على نحو %50 من مبيعات سوق الدواء المحلية لا تغفل حق الشركات الأخرى فى منافسة الشركات الكبرى، مشيراً إلى قوة المنافسة بين جميع اللاعبين بالسوق، وتلعب الدعاية والإعلان دوراً قوياً فى زيادة مبيعات مستحضر على مثيله من إنتاج شركة أخرى.
وبلغت مبيعات سوق الدواء المحلية 22.3 مليار جنيه خلال 2012 بمعدل نمو %15 على 2011، وتصدرت شركة جلاكسو سميثكلاين تصنيف الشركات الـ10 الأكثر مبيعاً بـ 2 مليار جنيه تلتها نوفارتس مصر بـ1.9 مليار جنيه ثم مجموعة فاركو فى المركز الثالث بـ1.3 مليار جنيه، بينما جاءت شركة «MSD» فى المركز العاشر بعد تحقيقها مبيعات بقيمة 490 مليون جنيه، وبلغت مبيعات العشر الكبار 10.9 مليار جنيه تعادل %50 من إجمالى مبيعات القطاع، فى حين يحقق نحو 115 مصنعاً و600 شركة تصنيع لدى الغير %50 من المبيعات.
قال ربيع إن صناعة الدواء المصرية تعانى ثلاث مشاكل رئيسية، فى مقدمتها التسعير المتدنى مقارنة بالأسعار العالمية والإقليمية والعربية والبلاد المجاورة، مشيراً إلى أن صناعة الدواء إحدى الصناعات التى تتطلب التطوير المستمر وتحديث خطوط الإنتاج والماكينات وكذلك قدرات ومهارات العاملين بها وبالتالى المزيد من الانفاق الاستثمارى، وهو ما لا يتماشى مع استمرار تدنى الأسعار بهذه الصورة، لأن الضغط على ربحية الشركات سيؤدى إلى تدهور الصناعة.
أوضح ان مشكلة تسعير الدواء تتركز فى الأدوية القديمة التى تحقق خسائر حال استمرار إنتاجها، وطالب بضرورة دراسة سياسة تسعيرية جديدة لإعادة تسعير الأدوية القديمة، خاصة أن كل شركة تحقق خسائر فى %20 من منتجاتها.
وطالب ربيع بإعادة تسعير الدواء كل 5 سنوات من خلال اتباع سياسة تسعير جديدة، حتى تتمكن الشركات من مواجهة الارتفاع المستمر فى مدخلات الإنتاج، وأعرب عن أمله فى استجابة وزارة الصحة والشروع فى تبنى سياسة تسعيرية جديدة خاصة فى ظل غياب نظام واضح لإعادة التسعير.
أشار إلى أن تحريك أسعار الأدوية القديمة يتطلب اتباع آلية واستراتيجية جديدة تسمح برفع %10 من أسعار الدواء الذى يحقق خسائر للشركات كل 6 أشهر، بحيث يتم تحريك أسعار الأدوية وفقاً لأولوية المستحضرات التى تحقق خسائر.
تتمثل المشكلة الثانية التى تعانى منها الصناعة الدوائية فى عدم الاهتمام بالبحث والتطوير، والاعتماد الكلى على الدواء الأجنبى المبتكر وتصنيع الجنيس له، الذى يحوى نفس المادة الفعالة، وشدد على أن ضعف البحث العلمى يحجم تطوير الصناعة ويمنع ابتكار الأدوية الجديدة.
أكد ربيع أن اكتشاف الدواء والتمتع بملكيته الفكرية يحدثان فارقاً مالياً كبيراً للشركات، حيث يحق لها الحصول على السعر الأصلى للدواء وليس %65 فقط من أدنى سعر لها على مستوى العالم وفقاً لقرارات التسعير المتعامل بها.
أضاف ربيع أن المشكلة الثالثة التى تؤثر على صناعة الدواء تكمن فى عدم تصنيع المواد الخام محلياً والاعتماد على استيراد %80 منها، فى ظل توافر شركتين فقط لإنتاج المواد الخام، ما يضع الشركات تحت رحمة الدولار صعوداً وهبوطاً، كما تعتمد الشركات على استيراد لوازم التعبئة والتغليف من الخارج أيضاً، بما يضاعف من تأثير ارتفاع العملات الاجنبية عليها.
فى سياق متصل، طالب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، بضرورة إسراع وزارة الصحة بإصدار قرار تسجيل الدواء الجديد، الذى سبق إعداده وعرضه على الشركات لإبداء مقترحاتها الشهر الماضي، خاصة أنه ينتظر توقيع وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط، وهو القرار الذى يقلص فترة تسجيل الدواء إلى ما بين 12 و18 شهراً فقط بدلاً لـ3 سنوات.
وفيما يخص الأدوية المغشوشة التى انتشرت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، أوضح ربيع أن إقبال الصيدليات على شراء الأدوية بأسعار منخفضة وبخصومات عالية من أماكن غير شرعية لا صلة لها بشركات الإنتاج أو التوزيع فاقم من هذه الأزمة.
يذكر أن التقارير الدوائية العالمية أثبتت العام الماضى إن %10 من الدواء المصرى مغشوش، بقيمة إجمالية تتجاوز 300 مليون دولار، وأن %7 من حجم الدواء المغشوش عالمياً ينقل عبر مصر خاصة فى أعقاب الثورة.
وأعرب عن أمله فى تطبيق نظام التتبع الصيدلي، الذى دعت وزارة الصحة السابقة إلى تطبيقه فى الشركات والصيدليات لمحاربة غش الدواء، نظراً لجودة هذا النظام وقدرته على محاربة ظاهرة غش الدواء.
بحسب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، يعانى سوق الدواء نقصاً فى عدة أصناف خلال الفترة الماضية، خاصة أن الظروف الحالية التى تمر بها الصناعة تفرض قيداً صعباً على استمرار الشركات فى توفير جميع مستحضراتها خاصة التى تحقق خسائر.
كانت الفترة الماضية قد شهدت نقصاً لنحو 600 مستحضر دوائى من السوق المصرية بحسب أعضاء بمجلس نقابة الصيادلة، فيما أعلنت وزيرة الصحة أنه لا نقص سوى فى 50 مستحضراً دوائياً لها بدائل ومثائل فى السوق المصرية.
على جانب مواز، أكد ربيع عودة المصانع الدوائية إلى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية، خاصة وإن تطبيق حظر التجوال لساعات طويلة، دفع المصانع إلى تخفيض طاقتها بنحو %40 بعد الغاء وردياتها الليلية.
أشار إلى أن عدم الاستقرار الأمنى وأحداث العنف والمظاهرات لتى شهدتها مصر مؤخراً أثرت على مبيعات الدواء فى الصيدليات بنسبة %20.
من جهة أخرى، قال عضو مجلس إدارة غرفة الدواء، إن أداء الحكومة الحالية ومجموعتها الاقتصادية غير جيد ولم يحقق نتائج ملموسة حتى الآن رغم وجود كوادر كبيرة وعقليات اقتصادية على درجة عالية من الكفاءة، ما أرجعه إلى الظروف الصعبة التى تعمل فيها الحكومة.
وطالب ربيع بضرورة تطبيق الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص بكل جدية، ومعاقبة الشركات التى ترفض تطبيقه وذلك لتوفير حياة كريمة للعاملين فى ظل الارتفاع المستمر لأسعار السلع ومعدلات التضخم.