بقلم: حسين عبد ربه
كثيراً ما لا تدرك حكومات ما بعد الثورات حجم طموحات شعوبها التى ثارت على وضد أوضاع معينة.. وبدلاً من أن تنشغل هذه الحكومات بتحقيق مطالب الشعب الثائر، فإنها تنغمس فى أوضاع سياسية معقدة تأخذها بعيداً عن خدمة مواطنيها.
ولعل الشاهد ما حدث فى مصر بعد ثورة 25 يناير وكيف كانت الحكومات المتعاقبة ضعيفة تفتقد الرؤية.. والنتيجة كانت مزيداً من الاحتجاجات ومزيداً من السخط وكأن ثورة لم تندلع.. وأعتقد أن أحد أسباب تدنى مستوى الأداء الحكومى هو أن غالبية أعضاء الحكومة دائماً ما يكونون فوق سن الستين.. وهذا أمر لا علاقة له بثورة فجرها وقام بها ودافع عنها ومات من أجلها الشباب.. فالأفكار الثورية عادةً ما تأتى من فكر جديد ناقم على الأفكار القديمة التى أضرت بالبلاد والعباد، وهذا الفكر الثورى الجديد جاء من الشباب، وبالتالي هم أولى بتطبيقه لا أن نتركه للعواجيز الذين شاطت عقولهم ومضى الدهر بأفكارهم.. فلم يقدموا شيئاً جديداً ولم يطرحوا أى حلول لمشاكل هذا البلد.
والآن.. وبعد ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير.. مازال رئيس الوزراء يتم اختياره من فئة العواجيز وأصحاب المعاشات، ولهذا فإن الأداء ضعيف ولم يشعر المواطن بوجود الوزير والمسئول على أرض الواقع، الكل بفعل السن يعمل من داخل مكتبه يعتمدون على التقارير لا عن رؤية الواقع.. وينطبق هذا الأمر على حكومات ما بعد الثورة بدءاً من حكومة د. عصام شرف وحتى الحكومة الحالية برئاسة د. حازم الببلاوى.. والتى على الرغم من التجانس بين أعضائها، فإن عامل السن جعلها عاجزة عن حل مشاكل البلاد والتى تحتاج إلى قرارات جريئة وحلول غير تقليدية.. وهذه أمور تحتاج لشخصيات ديناميكية لا تتوافر إلا فى فئة الشباب.. انظروا إلى عبدالناصر عندما تولى رئاسة حكومة الثورة كان عمره نحو 34 عاماً كيف كانت قراراته وحتى عندما تولى حكم مصر اتخذ أجرأ القرارات لم يتردد فى أى أمر فيه مصلحة للبلاد لم يكن له توازنات.
إن الشعب كان ينتظر الكثير من بعد سقوط حكم الإخوان ورغم ما أدركه الشعب من خطورة الأوضاع الأمنية، لكنه صبر على الحكومة ولكن إلى متى هل ستظل الحكومة مشغولة بمطاردة الإخوان.. أين مشروعات الحكومة.. أين الأراضى التى كان يجب أن توزع على صغار الفلاحين والشباب لحل مشاكل البطالة.. أين مشروعات الإسكان للشباب ولماذا لم تطرح أفكاراً جديدة لحل هذه الأزمة التى مازالت تدار بفكر نظام مبارك.. أين مشروعات العدالة الاجتماعية.. أين الخدمات التى تقدم للمواطنين؟.. لم نعد نرى لوادر وبالدوزرات الحكومة فى الشوارع ترصف أو تبنى.. فكيف سيتحرك الاقتصاد فى ظل هذه الأوضاع الراكدة؟.
إن أداء الحكومة بهذه الطريقة سيزيد من سخط المواطنين على أى نظام حتى لو كانت هى من اختارته.. وبالتحديد فإن شعب 30 يونيو لن يصبر طويلاً إذا لم يشعر بأن الأمور تتحرك للأمام ولصالحه لا لصالح فئة أو شخص بعينه.. ولعلىّ أجد نفسى غير ميال لأن يقود الحكومة شخصية اقتصادية.. بل الأفضل شخصية سياسية تستطيع أن تدمج بين السياسة والاقتصاد.. فالسياسى يدرك مشاكل المواطنين ويستطيع أن يستخدم الاقتصاد لحلها والسياسة للترويج لها وهذا ما نفتقده.. ولذلك لا ضرر أن نعيد النظر فى الحكومة الحالية حتى ونحن نعلم أن أمامها شهوراً قليلة ففى خلال هذه الفترة الباقية ومع استمرار تردى الأوضاع قد يأتى الغد بما لا تحمد عقباه.
وأكرر ما قاله شاعرنا الكبير عبدالرحمن الأبنودى: آن الأوان ترحلى يا دولة العواجيز.. عواجيز شداد مسعورين أكلوا بلدنا أكل.. ويشبعوا بعضهم نهم وخسة وشكل.. طلع الشباب البديع قلبوا طريقها ربيع.. وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل.. إقتلنى قتلى ما هيعيد دولتك تانى.







