هيئة الرقابة المالية تحتاج لثورة تشريعية وإدارية
«أكوام» من القرارات وتوقف التراخيص والقرارات انتظاراً للمجلس الجديد منذ 3 أشهر
تشكيل المجلس إعادة إنتاج لأشخاص وسياسات الماضى
القطاع المالى غير المصرفى يعانى تخلف أدواته
يستطيع أى مسئول حالى أن يلصق فشله وتدنى أداء الجهة التى يديرها بالإخوان، فقد باتوا الشماعة التى يلجأ إليها من يديرون البلاد للتغطية على سوء قراراتهم واختيارهم وغياب أى رؤية أو قدرة على تحمل مستقبل وطن يئن أبناؤه من المشكلات فى ظل حكومة عاجزة مسنة تتخبط وتعيد إنتاج الماضى بأشخاصه وأفعاله اعتقاداً منها بأن فشل الإخوان يمنحها صكاً بإنتاج سياسات وقرارات هابطة لا يوازيها سوى أفلام السبكى.
منذ 30 يونيو الماضى وهيئة الرقابة بلا مجلس إدارة ومنذ ما يزيد على شهر ينتظر القطاع المالى غير المصرفى الذى يضم أنشطة سوق رأس المال والتأمين والتمويل العقارى والتخصيم والتوريق توقيع السيد رئيس الوزراء على قرار تشكيل المجلس حتى يبدأ فى ممارسة عمله إلا أن السيد معالى رئيس الوزراء فيما يبدو أن وقته لا يسمح للتوقيع على القرار حتى الآن.
ووفقاً لأحد الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الهيئة فإن «أكوام» من القرارات فى انتظار المجلس الذى يمنحه القانون صلاحيات واسعة فى تنظيم النشاط المالى غير المصرفى والرقابة عليه، ولكن تبدو أن تلك مهمة ليست عاجلة بالنسبة للببلاوى، فهو صاحب مقولة ضرورة أن نفرق بين ما هو عاجل وما هو ضرورى والله أعلم إن كان يرى سيادته أن القطاع المالى غير المصرفى ضرورى أم لا.
ولا عجب من تأخر القرار بتشكيل المجلس فقد سبق أن قام عاطف عبيد بتجميد قرار تشكيل البنك المركزى عدة أشهر حتى يعصف بمحمود أبو العيون المحافظ آنذاك لأنه تجاوز وفقاً للسائد حتى الآن فى ترشيح أعضاء المجلس للرئاسة مباشرة لاستصدار قرار بالتشكيل دون الحصول على مباركة رئيس الوزراء على الأعضاء رغم ما ينص عليه قانون المركزى من الاستقلالية.
ولا تستطيع أى شركة أن تحصل على ترخيص بمزاولة نشاط ينتمى للقطاع المالى غير المصرفى انتظاراً لمجلس إدارة الهيئة أو النظر فى تظلمات المساهمين من قرارات الجمعيات العمومية أو تطبيق التدابير الواردة بالمادة 31 فى قانون سوق رأس المال أو الموافقة على إصدار سندات وغير ذلك من القرارات المتعلقة بجميع الأنشطة التى تنظمها وتراقبها الهيئة، ناهيك عن توقف أى تطوير للقواعد وأنظمة العمل وتوجد قائمة طويلة من جميع الجهات العاملة بالسوق تنتظر مجلس إدارة الهيئة.
هيئة الرقابة المالية تستحق أن تحظى من السادة الوزراء بالمجموعة الاقتصادية ومن السادة المحافظين والسيد رئيس الوزراء باهتمام يكفى لتعريفهم بالأنشطة التتى تنظمها وتراقبها ودورها فى تخصصاتهم المختلفة، وكيف يمكن أن تسهم تلك الأنشطة فى تحقيق خطط الحكومة إذا كان لها خطط بالفعل.
والمعرفة ليست عيباً لمن لا يعلم، فوزير مالية سابق سأل رئيس هيئة سابق أيضاً عن علاقته بالبورصة، قائلاً: «إنت بتفهم كويس فى البورصة» خلال مناقشة تعديلات قانونية خاصة بسوق المال.
وبعيداً عن تأخر صدور القرار وتبعاته السلبية فإن التشكيل المرتقب للمجلس يعيد إنتاج الماضى فى أزهى صوره ولن أتحدث عن أشخاص إلا أنه من العبث أن يضم المجلس من فرغت جعبتهم لسنوات طويلة عن تقديم أى جديد للسوق وكأننا ندور فى حلقة مفرغة ونلعب لعبة الكراسى الموسيقية فى إدارة مؤسسات السوق أو أن يضم المجلس أشخاصاً بحكم أعمالهم ومناصبهم تتعارض مصالحهم مع العديد من الصلاحيات التى يمارسها المجلس بشكل دائم.
ولن يكون مستغرباً أن نجد نائباً لرئيس الهيئة ينتمى لمؤسسة القضاء أو أستاذاً جامعياً يتم انتدابه وهو ما يكرس سياسات الهدم التى عانت منها الهيئة لسنوات طويلة منذ جرى التفكير فى تطويرها لأنه بعد سنوات قليلة ستفقد الهيئة هؤلاء الأشخاص ليعودوا لمناصبهم وترقياتهم فى مؤسساتهم الأصلية أو يعودوا للعمل فى القطاع الخاص ثم تعانى الهيئة نقص الكوادر ونظل نردد رفض الجميع تولى مسئوليتها أو ندرة ما يمتلكون الخبرة الكافية، وهو مصير محتوم طالما تكررت سياسات الماضى والتشكيل المرتقب لمجلس إدارة الهيئة هو تكريث لهذه السياسات.
وأعلم مخالفتى للاتجاه السائد بالتفاؤل بالسوق بما يمكن أن يحققه شريف سامى، رئيس الهيئة الحالى خاصة مع بدايته الجيدة بالإفراج عن العديد من القرارات المجمدة من عصور سابقة إلا أن هذا التفاؤل فى حد ذاته يعد تكراراً لأخطاء الماضى بالرهان على الأشخاص، فقد تفاءل العاملون بالسوق مرات عديدة بشخصيات تولت رئاسة الهيئة وأنجز بعضهم خطوات هائلة للأمام سرعان ما تبددت لأن المؤسسة ذاتها لم تتطور ولم يكلف أحد نفسه بترتيب أوضاعها المستقبلية بعد رحيله عن إدارتها.
وتظل الهيئة فى حاجة إلى ثورة فى التشريع والإدارة والأهداف والآليات تعكس حجم الدور الذى يلعبه القطاع المالى غير المصرفى فى قيادة عجلة النشاط الاقتصادى بالبلاد والمساهمة فى حل مشاكل التمويل المزمنة التى تعانى منها القطاعات الاقتصادية المختلفة التى مازالت الأنشطة المالية غير المصرفية خيالاً علمياً بالنسبة لها فى وقت ترفض البنوك التجارية التعامل معها ويخسر المجتمع فرصاً هائلة للتنمية لأن أحداً لا يريد أن يغير قواعد اللعبة ويدرك أهمية تلك الهيئة وما يندرج تحتها من أنشطة حالت طريقة وأشخاص من تولوا مسئوليتها دون تطورها بما يفى باحتياجات الأسواق من أدوات وآليات وأصبح السوق المصرى يعانى من «تخلف» وتقليدية أدواته بعد سنوات من تصريحات جوفاء بتحويله لمركز مالى إقليمى.
ويظل السؤال: «ماذا يفعل تشكيل مجلس إدارة الهيئة فى أدراج الببلاوى ، خاصة أنه بلا جديد ويعيد إنتاج شخصيات وأفكار الماضى».
المقال بقلم مصطفي صقر رئيس تحرير جريدة البورصة
Email: [email protected]