ارتفاع أسعار الأراضى عن قيمتها الحقيقية وعدم توصيل المرافق أبرز أسباب النزاعات بين المستثمرين والحكومة
الملاحقات القضائية للشركات العقارية مصيبة وتحدث خللاً فى علاقتها مع العملاء
المزايدة يجب أن تقتصر على سداد أعلى دفعة مقدمة مع التأكد من قدرات المستثمر المالية
مشاركة القطاع الخاص للحكومة فى المشروعات العقارية يجب أن يصدر لها قانون خاص
القوى الشرائية المستهدفة لسوق العقارات موجودة لكنها تترقب الاستقرار السياسى وانخفاض الأسعار
إصدار تشريع حماية تصرفات كبار المسئولين سريعاً كفيل بإطلاق عنان الاستثمار فى مصر
دعا المهندس درويش أحمد حسنين، الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير « سيكون »، إلى تغيير أسلوب منح وتخصيص الأراضى فى مصر الذى يواجه تردد المسئولين من جهة وانعكاسات نظام المزايدات السلبية على هيكل الأسعار فى القطاع العقارى، من جهة آخرى طالب باتباع أسلوب المفاضلة الفنية فى ترسية الأراضى على المستثمرين على أن تقتصر المزايدة على سداد أكبر نسبة من قيمة الأرض كدفعة مقدمة.
وشدد درويش فى حوار مع «البورصة» على ضرورة الاسراع باصدار التشريع الذى أعلن مجلس الوزراء عن دراساته لحماية تصرفات كبار المسئولين عند إصدار قرارات واتخاذ إجراءات بحسن نية، للقضاء على ظاهرة ارتعاش الأيدى التى تسيطر على الجهاز الإدارى للدولة، وكذلك لطمأنة المستثمرين على استمرار تعاقداتهم وعدم تعرضها للإلغاء، ما سيؤدى لانطلاق الاستثمار فى مصر.
وقال درويش إن مسألة حصول الشركات على الأراضى من الدولة يقابلها اشكاليات عدم وجود نظام واضح لتخصيصها وخشية المسئولين وارتعاش أياديهم من السير فى إجراءات تخصيص أى قطعة أرض لمستثمر، حتى لا يتعرضون للمساءلة القانونية فى مرحلة لاحقة بدعوى عدم اتباع الإجراءات اللازمة والقانونية للتخصيص.
والآن، فالآلية الوحيدة الواضحة حاليا هى نظام المزايدات، وفقا لدرويش أحمد حسنين، وهو نظام قد يحقق للجهة مالكة الأرض أعلى سعر، لكنه له انعكاسات سلبية خطيرة على النشاط العقارى، حيث تؤدى المزايدة لارتفاع غير مطلوب فى أسعار الأراضى وبيعها بأسعار تزيد على قيمتها الحقيقية، وبالتالى ارتفاع أسعار المنتج النهائى بصورة غير مبررة تنعكس بالضرر على المستهلك وعدم قدرته على الوفاء بقيمته، كما تؤدى القيمة غير الصحيحة للأرض إلى عدم تمكن المستثمر من سدادها فى التوقيتات المطلوبة وبالتالى فهذه القيمة التى تعتبر مورداً مالياً للجهة صاحبة الأرض لن تتحقق، مما سيؤخر عملية التنمية نفسها وعدم تحقق كل الأعمال الناتجة عن هذا البيع.
ويؤدى ارتفاع سعر الأرض إلى صعوبة تسويق الشركة للمشروع بسبب ارتفاع سعر وحداته نتيجة زيادة سعر الأرض، مما سيسفر عن تعثره وعدم استكماله وسداد قيمة الأرض.
ورأى الرئيس التنفيذى لـ«سيكون» أن الأسلوب الأكثر دقة لتخصيص الأراضى للمستثمرين يقوم على تشكيل لجان من ذوى الخبرة والأمانة لتحديد سعر البيع العادل للمناطق التى سيتم طرحها للبيع، وتصدر تقارير لتقدير الأسعار صالحة لفترة زمنية محددة، سواء للاستخدام العقارى أو السياحى، على أن يتم طرحها بسعر ثابت، وترسية الأرض عن طريق أسلوب المفاضلة بين المستثمرين طبقا للعرض الفنى، الذى يضم الفكرة المبدئية للمشروع الذى يلبى احتياجات المنطقة التى يقع بها، وكذلك يلبى الاحتياج القومى، وما يوفره من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة اثناء وبعد انهاء المشروع وتشغيله، ومدى اعتماده على المنتجات المحلية.
أضاف أن هذه الدراسات الفنية التى ستتم المفاضلة على أساسها لابد من أن يؤخذ فى الاعتبار معها المركز المالية للشركات المتقدمة وقدرتها على تنفيذ المشروع وإكماله حتى النهاية.
بحسب درويش، لابد أن تقتصر المزايدة على أسلوب سداد قيمة الأرض ونسبة الدفعة المقدمة التى سيتم دفعها للدولة وعدد سنوات تقسيط باقى الثمن، بما لا يخل بقدرة المستثمر المالية على الالتزام بالبرنامج الزمنى للتنفيذ.
ولا يجد المهندس درويش أحمد حسنين، مانعاً من العمل بنظام المطور العقارى الرئيسى، الذى تخص له الدولة قطعة كبيرة من الأرض ليقوم بترفيقها وطرحها على المطورين لينفذوا مشروعاتهم ضمن مخطط عام متكامل معتمد من الدولة يخدم توجهها ورؤيتها الاستراتيجية المستقبلية، خاصة فى حالة عدم توافر الموارد الكافية لدى الدولة لمد البنية التحتية للأراضى.
أضاف أن الحكومة يجب أن تتوقف عن طرح أراض ووعد المستثمرين بتوصيل المرافق إلى حدود الأرض وعدم تنفيذ هذه التعهدات وفقا للتعاقدات، مما يعطى المستثمرين مبرراً للتوقف عن سداد ثمن الأرض، ويؤدى لتأخر عملية التنمية ونشوب النزاعات بين المستثمرين والحكومة، حيث تعد عدم جاهزية الأرض للتنمية أهم أسباب النزاعات التى نشبت بين المستثمرين العقاريين والحكومة فى السنوات الماضية.
وأعرب درويش عن تأييده للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص فى المشروعات العقارية من حيث المبدأ، لكن بعد وضع قانون ونظام لهذه المشاركة حتى لا تتعرض لاعتراضات مستقبلية وملاحقات قضائية، لذلك لابد من صدور تشريع يحمى المسئول عن اتخاذ هذا القرار.
وفى السياق السابق، طالب الرئيس التنفيذى لـ«سيكون» بسرعة الانتهاء من القانون الذى أعلن عنه مجلس الوزراء مؤخرا لحماية المسئولين الكبار عند اتخاذ قرارات وإجراءات طالما تمت بحسن نية، نظرا لأهمية مثل هذا التشريع فى تنظيم العلاقة بين الدولة والمستثمرين، لحماية المسئولين عن اتخاذ القرار من هاجس الملاحقة القضائية، وفى الوقت نفسه لطمأنة المستثمرين على عدم تعرض تعاقداتهم مع الحكومة للبطلان أو الايقاف واحترام الدولة لتعاقداتها.
ورأى أن المرحلة الحالية تتطلب انجاز هذا التشريع على وجه السرعة، لأنه كفيل باطلاق عنان الاستثمار فى مصر بصورة كبيرة، بما سينعكس فى تحسن مؤشرات الاقتصاد بالبلاد.
ووصف الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير عودة الملاحقات القضائية للشركات العقارية بشأن الأراضى بأنها «مصيبة»، تستدعى وضع نظام واجب الاتباع من الجميع، وحل مشكلة توصيل المرافق للأراضى التى تنص عقود تخصيصها على ذلك، خاصة أن الشركات تقوم بتسويق المشروعات للعملاء، وسحب الأراضى منها فجأة سيحدث خللا فى العلاقة بين الشركات والعملاء وسيكون بمثابة كارثة اقتصادية للبلد فى غنى عنها.
وأكد أنه رغم ما مرت به البلاد من ظروف اقتصادية وسياسية متردية خلال 3 سنوات ماضية، إلا أن حركة الاستثمار العقارى استمرت وإن شابها بعض الهدوء والحذر انتظارا من جانب المشترين لهبوط الأسعار، وهو ما لم يحدث بالنسب التى توقعوها، نظراً لارتفاع تكاليف النقل والعملة وأسعار مواد البناء وندرة الأراضى أيضاً، فضلاً عن زيادة معدلات الفائدة على الاقتراض المصرفى.
وقال درويش: القوى الشرائية التى تستهدف سوق العقارات المصرى موجودة ولكنها تؤجل قرار الشراء، فالطلب الخارجى يترقب عودة الاستقرار السياسى والأمنى بالبلاد، والطلب الداخلى يتحين الفرصة لانخفاض الأسعار.
وبالنسبة للضغوط التى تمارسها الحكومة على القطاع الخاص من أجل فرض الحد الأدنى للأجور على العاملين به، دعا الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير إلى منح القطاع المرونة الكافية لتحديد الرواتب به، خاصة أن القطاع الخاص يقوم على جوانب اقتصادية وانتاجية بحتة، حيث يزيد فيه الحد الأدنى للأجور بالفعل على المبلغ الذى حددته الحكومة، ولكن يجب منحه المرونة الكافية مع عدم السماح له بانتهاك حقوق العمالة.
أضاف ان نجاح القطاع الخاص يكمن فى جاذبيته للعمالة، من ناحية الأجور وظروف العمل وانتظام مواعيد سداد الرواتب والرعاية الصحية ووسائل النقل وأماكن الإقامة.
توقع درويش أن يؤدى الاستقرار الذى بدأت بشائره مؤخراً فى الشارع السياسى على الأوضاع الاقتصادية، التى تتطلب الاسراع بالاعتماد على الامكانات الذاتية للبلاد وشبابها الذى أثبت قدرته على صنع التغيير وتوجيه طاقاته للبناء، خاصة أن المساعدات الخارجية لا يمكن أن تستمر.
ودعا إلى ضرورة الاسراع بحل مشكلة العشوائيات وتوفير أماكن بديلة للأعداد الكبيرة التى تسكن فيها، وكذلك البدء فى تعمير سيناء، بما يسهم فى توفير الأمن بها وينعكس بمردود اقتصادى كبير على البلد وكذلك فى معدلات التشغيل والتوسع خارج الوادى الضيق، وكذلك الاهتمام بتنمية صعيد مصر الذى عانى سنوات طويلة من التجاهل، مع الاسراع بطرح مشروعات محور قناة السويس.
ورأى الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير أن الموقف السعودى من مصر بعد ثورة 30 يونيو أكد متانة العلاقة بين الشعبين ويأتى استكمالا لمواقف قوية للمملكة بجانب الشعب المصرى، ينبع من قناعة كاملة بأهمية ودور مصر فى المنطقة وضرورة خروجها من الازمة الحالية لضمان أمن وسلامة المنطقة العربية والعالم الإسلامى، خاصة أن الدولتين تعدان محورى ارتكاز للعالمين العربى والإسلامى.
واعتبر درويش أن الرغبة التى أبداها الجانب السعودى فى زيادة رأسمال شركة «سيكون»، التى تتقاسم حكومتا مصر والسعودية ملكية رأسمالها، تؤكد سعى المملكة لزيادة استثماراتها فى مصر.
تأسست الشركة السعودية المصرية للتعمير عام 1975 للاستثمار فى القطاع العقارى المصرى وفقاً لاتفاقية خاصة بين الحكومتين، اللتين تتقاسمان رأسمالها الذى بلغ عند التأسيس 50 مليون دولار، وتمت زيادته إلى 75 مليون دولار عام 2008، وعرض الجانب السعودى العام الماضى زيادة رأس المال بقيمة 100 مليون دولار، على أن تسدد 50 مليون دولار نقدا، فيما تدرس وزارة الإسكان سداد نصيبها من الزيادة فى صورة عينية.
وتنفذ الشركة حالياً مشروعاً سياحياً سكنياً فاخراً على كورنيش المعادى يحمل اسم «سيكون نايل تاورز» باستثمارات تصل 1.6 مليار جنيه، ينتظر الانتهاء منه مطلع عام 2015 ويتكون من برجين بارتفاع 23 دور، أحدهما فندق بطاقة 256 غرفة وجناح تديره شركة هيلتون، والثانى سكنى فاخر يضم نحو 190 شقة.