بقلم: كيرت كامبل
تثبط الأنباء الواردة من الشرق الأوسط العزيمة، فى ظل الطرق المسدودة والمنعطفات من تل أبيب إلى طهران.
وتسلط هذه العوائق الضوء على كيفية تغيير السياسات العالمية للمطالب الإقليمية بشأن شكل السياسة الخارجية الأمريكية ونطاق تنفيذها، وتركز السياسة الأمريكية بشكل أساسى على الانخراط الدبلوماسى عالى المخاطر فى الشرق الأوسط.
ولكن لكى ينظر إليها على أنها فعالة حقا، ينبغى أن تشترك واشنطن جديا فى عملية السلام رغم حقيقة أن المنطقة لطالما كانت مقبرة آمالها وأحلامها.
ومازالت جدية الولايات المتحدة مرتبطة بشكل كبير باستعدادها لبذل طاقة وإنفاق رأسمال هائل من اجل السلام فى الشرق الأوسط الذى يمر بعملية تحول، هذا بالإضافة إلى قيادة الولايات المتحدة مجهودات صعبة وأخيرة لكبح جماح الطموح النووى الإيرانى رغم الشكوك فى نجاح تلك المحاولات.
وفى نفس الوقت، أصبح السياق الإقليمى أكثر تعقيدا بكثير، وتحول التركيز الأمريكى من التعامل مع أنظمة شرق أوسطية مستبدة إلى تضاريس مائعة وصعبة تحتوى على فصائل متناحرة على السلطة السياسية عبر منطقة مربكة وغير مستقرة.
وفى أوروبا، تغير ما هو مطلوب لنجاح الدبلوماسية الأمريكية، ففى الماضي، حرصت واشنطن على بناء المؤسسات فى القارة العجوز، ومؤخرا فقد اشتملت سياساتها مجهودات مشتركة مع القارة للسعى وراء أهداف خارجية خاصة فى العراق وأفغانستان، ومع انسحاب أوروبا من هذه الصراعات ودخولها فى معاناة اقتصادية، انحسرت الطموحات الأوروبية وأصبحت متواضعة للغاية اليوم.
ثم هناك التحديات الدبلوماسية للتعامل مع آسيا الصاعدة، وعادة ما كان يقال إن أحد مكونات نجاح السياسة الأمريكية فى آسيا هو التواجد وبالفعل الحضور الجيد ذو أهمية، ولهذا شعرت بعض العواصم الآسيوية بالقلق عندما ألغى الرئيس باراك أباما رحلته فى أكتوبر الماضى.
ولكن خلف خيبة الأمل الواضحة، كان هناك تفهم للضرورات السياسية والرغبة القوية لاستمرار التواجد الأمريكى.
ومع ذلك، يتطلب نجاح السياسة الأمريكية فى آسيا أكثر من مجرد حضور الاجتماعات وإنما يتطلب مهارة أكبر فى عدة جبهات: الدبلوماسية والسياسة الاقتصادية والأمنية، فهناك حاجة عميقة لتكامل كل عنصر من عناصر القوة الامريكية للتعامل مع الأمور باختلاف ودقة.
وبالفعل، تتوقع المنطقة أن تتعامل الولايات المتحدة بفاعلية أكبر وجدية مع صعود الصين وفى نفس الوقت تتحوط جيدا هى والمنطقة المحيطة إذا أخذت الأمور فى الصين منعطفا صعبا.
ومع ذلك، فما يثير الاهتمام بشأن آسيا، أن النجاح الدبلوماسى فيها أكثر سهولة، بخلاف الشرق الأوسط وأوروبا، وهذا ليس سبباً للميل الكامل نحو آسيا ولكن بإمكانها العمل كملطف.
وقد يكون لاستمرار استراتيجية المشاركة فى ميانمار، واتباع نهج متعدد الأوجه لبناء المؤسسات، والحوار عالى المستوى والفعال مع الصين، والحذر فيما يتعلق بالدبلوماسية مع كوريا الشمالية، والتوصل إلى اتفاق تجارى ناجح مع آسيا نتائج إيجابية فى أماكن أخرى خاصة الشرق الأوسط.
فمن الأفضل أن تواجه الولايات المتحدة التحديات التى لا تعد ولا تحصى فى عملية السلام فى الشرق الأوسط والبرنامج النووى الإيرانى والمشكلة السورية على أساس من الانخراط الناجح فى آسيا بدلاً من التحول الكامل إلى آسيا بعد الانتكاس فى الشرق الأوسط.
وبشكل عام، تزداد المطالب العالمية بضرورة التواجد الأمريكى بشكل أكثر ابتكاراً، ونتيجة لذلك، من الصعب أن تحابى الولايات المتحدة أحد الساحات الدبلوماسية المهيمنة ومع ذلك، مازالت آسيا تقدم أفضل فرص النجاح الذى يمكن ترجمته إلى رأسمال دبلوماسى يمكن استغلاله فى مكان آخر خاصة لمواجهة التحديات المتنامية فى الشرق الأوسط.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز







