تحفيز قروض الشركات المتعثرة ومنح تراخيص لتأسيس بنوك جديدة
ترتسم ملامح الهدوء على وجه راجورام راجان وهو يتجه إلى قاعة المؤتمرات بالطابق الثامن عشر فى البنك الاحتياطى الهندى فى مومباى ليجلس أمام اكثر من اثنتى عشرة صورة للمحافظين السابقين للبنك المركزي، وبينما عُرف أسلافه بالحظر وتجنب المخاطر، يمتلك راجان خطط أجرأ تتضمن أجندة واسعة النطاق وراديكالية لكبح جماح التضخم وتعزيز القدرة التنافسية للبلاد وتحدى فوائد الشركات المكتسبة فى جميع أنحاء القطاع المالى الذى يتسم بنموه السريع فى الهند.
قال كبير خبراء صندوق النقد الدولى السابق ان كيفية إدارة الأزمة كانت هى القضية المهيمنة على الاشهر الاولى من توليه المنصب اوائل شهر سبتمبر الماضى فى خضم أسوأ أزمة مالية شهدتها الهند منذ عقدين وبعد أيام قليلة من هبوط قيمة الروبيه إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار.
يرى راجان أن أسوأ ما فى الأزمة قد نتهى مع استقرار العملة وتجميع الاقتصاد لقواه بشكل تدريجى وساعد على ذلك بشكل جزئى الإرتفاع الهائل فى الصادرات مؤخرا، وأضاف اننا قد اقنعنا العالم الاستثمارى ان عجز الحساب الجارى يعد حالياً تحت السيطرة وأن الهند لا تواجه خطر حدوث أى أزمة بعد الآن.
تعتبر مواجهة معدلات التضخم المرتفعة والتى من الصعب التعامل معها هى مهمته الثاني، اى انها اولويته رقم واحد، والجدير بالذكر ان راجان قد رفع أسعار الفائدة مرتين الا ان هذه الخطوة الجريئة تعتبر معقدة الآن نظرا لوجود اختلاف كبير بين اقتصاد المناطق الحضرية الاكثر ثراءً والتى عانت خلال التباطؤ الاقتصادى الاخير للبلاد والمناطق الريفية حيث ارتفاع الاجور وتضاؤل خطورة التضخم.
قال راجان إننا نواجه اقتصادين مختلفين يشبهان إلى حد ما الاختلاف بين اقتصادات أوروبا الشمالية واوروبا الجنوبية، مما يعنى تحقيق توازنا صعبا من حيث تناول مشكلة التضخم دون المساس بالإنتعاش المؤقت كما فعل بول فولكر، رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى السابق، فى اوائل ثمانينات القرن الماضي، فاذا رفعت اسعار الفائدة بشكل مفرط- كما يرى راجان، فانك بذلك تقضى على جانب الامداد مما يجعلك فى وضع سيئ.
لكن اجندة راجان الاوسع نطاقا والتى تهدف إلى ازدياد القدرة التنافسية ومعالجة تعثر الشركات هى العلامة الفارقة عن اسلافه الأكثر حذراً. أوضح محافظ البنك المركزى الهندى انه سوف يكون هناك تغيير كبير فى النظام المصرفى خلال السنوات القليلة المقبلة مع إصدار تراخيص مصرفية جديدة للقطاع الخاص ودور أكبر للمؤسسات الاجنبية جنبا إلى جنب مع اصلاح المؤسسات المقرضة المدعومة من قبل الدولة والتى لا تزال تهيمن على النظام المصرفى فى الهند. بحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز فإن الأمر الذى يعد أكثر إثارة للجدل هو عزم راجان التركيز على مشكلة قروض الشركات المتعثرة فى الهند والتى ارتفعت بشكل حاد خلال الانكماش الاقتصادى الاخير، قال راجان أنه تم الحصول على العديد من هذه القروض من أجل مشاريع قادرة على النمو مثل مشاريع البنية التحتية والتى سوف تنتعش لا محالة. يرى راجان أن الهند اصبحت اكثر انفتاحاً على الاقتصاد العالمى خلال العقد الماضى وهى رحلة يأمل أن يواصلها من خلال استقبال التمويل الدولى كجزء من خطته لبناء اقتصاد أكثر انفتاحا خلال فترة ولايته كمحافظ للبنك المركزي.