تزداد الشهية الأمريكية على البترول بشكل سريع حتى بات من الصعب الآن على المكلفين بقياسها مسايرة هذا الصعود السريع.
وبدأت إدارة معلومات الطاقة التابعة للحكومة الامريكية فى نوفمبر الماضى فى نشر بيانات أسبوعية، أوضحت أن استهلاك البترول فى الولايات المتحدة ارتفع عن العام الماضى بنسبة تتراوح بين 4 و%5، كما بلغ الارتفاع فى بعض المنتجات البترولية مثل البروبان والبروبلين، اللذين يستخدمان فى المصانع البتروكيميائية والزراعة، أكثر من %10.
وقد كانت تلك البيانات مذهلة جداً لدرجة انه يصعب تجاهلها بالنسبة لدولة من المفترض أن الطلب على البترول بها آخذ فى التراجع، ويرى بعض المحللين أن هناك شيئاً ليس بالهين يحرك سوق البترول.
ويقول جيفرى كوري، رئيس قسم أبحاث السلع لدى جولدمان ساكس، «بعد سنوات من قيادة الأسواق الناشئة للطلب على البترول، احتلت الولايات المتحدة صدارة الطلب العالمى على البترول مرة أخرى».
وقدرت وكالة الطاقة الدولية فى ديسمبر الماضى أن الطلب على البترول فى الصين ارتفع بنحو ضعف الطلب فى الولايات المتحدة العام الماضي، كما قالت إن الاستهلاك الأمريكى سوف يتراجع فى عام 2014 للعام السابع.
لكن الوكالة مزقت كل تقديراتها الأسبوع الماضي، وتقول الآن إن نمو الطلب الأمريكى تجاوز الطلب الصينى العام الماضى لأول مرة منذ عام 1999 وسوف يستمر الاستهلاك الأمريكى فى الازدياد هذا العام.
كما أنه مع السرعة الملحوظة التى يتغير بها أنماط الطلب فى الولايات المتحدة، فهذا يوضح أمرين فى غاية الأهمية حول سوق البترول.
أولا: إن طفرة الصخر الزيتى فى أمريكا تعمل كحافز لاستهلاك البترول وأيضا إنتاجه فى أكبر دولة فى العالم طلبا للبترول.
ثانيا: إن سوق البترول العالمي، الذى اعتمد على الصين فى استيعاب الفائض من الامدادات، أصبح لديه الآن دعائم أخري، فالمزارعون والمصانع والسائقون ساعدوا على عودة ازدياد الطلب على البترول فى أمريكا.
وبالرغم من أن طفرة إنتاج البترول الصخرى فى الولايات المتحدة لم تخفض اسعار البنزين الامريكى كثيراً، ولكنه حافظ على ثبات الأسعار ما بين 3 و4 دولارات للجالون على مدار العامين الماضيين، ما أثار ارتفاعاً هائلاً فى استهلاك البنزين الأمريكي، الذى شكل بمفرده نحو %10 من الاستهلاك العالمى للبترول.
ويعرقل أيضاً، هذا الازدياد فى استهلاك البنزين الأمريكى، التوجه طويل المدى حيال ازدياد كفاءة الوقود فى الولايات المتحدة.
ويقول محللو جولدمان إن الاميال التى قُطعت لكل جالون من البنزين انخفضت بالفعل فى النصف الثانى من العام الماضى حيث استجاب الأمريكيون إلى علامات الانتعاش الاقتصادى عن طريق شراء سيارات الدفع الرباعى كثيفة الاستهلاك للغاز، التى تجنب الأمريكيون شراءها خلال فترة الركود.
وقد دفع محصول الذرة الوفير المزارعين إلى حرق كميات ضخمة من البروبان فى الافران لتجفيف المحاصيل، وايضا تمتعت المصانع البيتروكيماوية بالمواد الاولية الرخيصة جراء إزدياد إنتاج الغاز والبترول الصخرى، ما جعلهما يكثفان من مشترياتها من البترول فى الاشهر الاخيرة.
ويقول ماثيو باري، لدى وكالة الطاقة الدولية، تعد هذه الفترة نقطة تحول ليس بالنسبة للاقتصاد الامريكى فحسب بل ايضا للصناعة الامريكية. وبالنسبة لسوق البترول العالمى، فإن هذا الأمر يعنى أن المستهلكين الامريكيين يسهمون فى استيعاب الارتفاع القياسى فى نمو الانتاج المحلى من البترول.
وبينما استمرت صادرات الولايات المتحدة من المنتجات البترولية فى الارتفاع بوتيرة سريعة خلال العام الماضي، فقد تباطأ نمو صافى الواردات الامريكية من المنتجات البترولية مقارنة بعام 2012 حيث وجدت شركات تكرير البترول سوقاً محلياً نشطاً. وجنبا إلى جنب مع عودة النمو إلى الاسواق المتقدمة الاخرى بما فى ذلك اوروبا، فسوف يسهم الطلب الامريكى فى رفع أسعار البترول العالمية بقية هذا العام.
ويتوقع قلة من المحللين أن يكون العام الحالى تكرارا لسيناريو عام 2013، عندما بلغ ازدياد الطلب الامريكى على البترول إلى 390 ألف برميل يوميا أى ما يعادل ثلث إجمالى الطلب العالمى، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.