%40 من الإنفاق على الصحة مخصص لمشتريات الأدوية
165 مليار دولار حجم سوق الدواء الصينى فى 2016
كثيرا ما يصور الإعلام الصينى الأطباء كأشرار يسعون وراء الربح وليس كأبطال ينقذون الأرواح، والغضب الشعبى ضد الفريق الطبى يفوق الحد فى بعض الأحيان، فقد شهد شهر أكتوبر الماضى ست هجمات عنيفة على الأقل على يد مرضى ساخطون ضد الاطباء، وقد أسفرت إحداها عن مصرع طبيب، كما شهد عام 2012 أحد عشر هجوما مماثلا مع وقوع سبع وفيات.
ويعد ارتفاع أسعار الأدوية والفساد الذى يساهم فى هذا الارتفاع أحد الاسباب الرئيسية لمثل هذه الروح العدائية، وأفادت بيانات معهد أى إم إس لمعلومات الرعاية الصحية، أنه من المتوقع أن تصبح الصين ثانى أكبر سوق للأدوية فى العالم بحلول عام 2016 مع إجمالى مبيعات يبلغ 165 مليار دولار.
وقد غذى، السكان المسنون والتغطية الواسعة للتأمين الصحى العام والطلبات المتزايدة لمجتمع أكثر ثراء، الإنفاق الشديد على الأدوية، ولكنه ايضا نتيجة لنظام يضخم تكاليف الدواء، حتى أن الأدوية المشابهة الأرخص يتم بيعها فى المستشفيات الصينية بتكلفة اكثر بكثير من سعرها القياسى الدولي.
ومن الجدير بالذكر أن المستشفيات الصينية العامة ليست عامة فى تمويلها، حيث شكل الدعم الحكومى %9 فقط من إيراداتها فى عام 2011، وفى المقابل شكلت مبيعات الأدوية %40 من الايرادات، ويتقاضى الأطباء أجورا ضئيلة، ويعتمد دخلهم إلى حد كبير على كمية الأدوية التى يصفونها، كما يُسمح للمستشفيات بزيادة أسعار الأدوية التى تقوم ببيعها بنسبة %15، لذا فكلما ارتفعت تكلفة الدواء كان ذلك أفضل.
وبالتالي، يشكل إنفاق الصين على الأدوية %40 من إجمالى إنفاقها على الصحة، مما تعد نسبة أعلى بكثير من نسبة إنفاق دول منظمة التعون الاقتصادى على الدواء والتى تبلغ %16.
وقال تشو هينجبينج، فى الأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، إنه مع وجود مصادر أخرى ضئيلة للدخل، لا تجد المستشفيات سبيلا لزيادة أرباحها سوى الأدوية من أجل دعم الخدمات الطبية، لذلك يعتبر رفع أسعار الأدوية من الناحية المؤسسية أمرا مبررا.
وقد اتخذت الحكومة الصينية العديد من الإجراءات لمعالجة هذه المشكلة، بما فى ذلك خفض الأسعار على نطاق واسع من الأدوية، ولكن سرعان ما يتبنى الأطباء إجراءات مضادة مثل التحول إلى أدوية بديلة أكثر تكلفة أو وصف المزيد من الأدوية غير الضرورية، وأفادت وزارة الصحة أن متوسط استهلاك المواطن الصينى للمضادات الحيوية يعادل عشرة أضعاف متوسط استهلاك المواطن الأمريكي.
وقال تشو إن الحكومة تريد أن تبقى عملية رفع أسعار الأدوية تحت السيطرة، ونتيجة لذلك فإن القوانين التنظيمية قد ساهمت فى تفاقم مشاكل الفساد، فطالما أنك لا تسمح لى بأخذ الرشوة على الملأ، فسوف أحصل عليها فى الخفاء.
وفى يوليو الماضي، اكتشفت السلطات المحلية فى مدينة تشانغتشو فى مقاطعة فوجيان أن أكثر من الف طبيب حصلوا على ما يزيد على 20 مليون يوان فى صورة رشوه من مندوبى شركات الأدوية.
وقال شين وينلينج، خبير اقتصادى لدى مكتب أبحاث مجلس الدولة، إن الرشاوى عادة ما تشكل %20 من السعر التجزئة النهائى للدواء المباع.
وقد أدى ظهور الأدوية المشابهة الى انخفاض تكاليف الأدوية فى أماكن أخرى بالعالم، ولكن الترويج لإستخدامها يعد أمرا صعبا فى الصين، فالنظام المحفز على الفساد يجعل من الصعب استخدام الأدوية الرخيصة، كما أضافت فضائح الأغذية والأدوية غير الآمنة عائقا آخر، فالعديد من الأطباء والمرضى يفضلون الأدوية ذات العلامات التجارية الأجنبية حتى لو كانت أكثر تكلفة.