القروض منخفضة الفائدة وفرض رسوم على فواتير طاقة المستهلكين أبرز مقترحات خفض الأعباء على الدولة
العربى: الدولة تسعى حالياً لحسم تسعير الطاقة لجذب المستثمرين
عمران: إصدار الحكومة تعريفة موحدة الخطوة الأولى للاستفادة من الطاقة الجديدة
الخياط: نقل الطاقة للشبكة القومية بدون مقابل يساعد على خفض تكلفة شراء الطاقة المتجددة
النشار: التعريفة المقترحة 70 قرشاً للكيلو وات / ساعة تنخفض %6 سنوياً إلى 40 قرشاً عام 2027
يدرس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، مقترحاً لقرار جمهورى ومذكرة تفصيلية لإلزام المشروعات الكبيرة والمتوسطة كثيفة الاستهلاك للطاقة باستخدام الطاقة المتجددة، فيما يعكف المجلس الأعلى للطاقة حالياً على إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم كيفية الاستفادة من مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
ولكن يبقى السؤال الأهم، كيف سيتم تسعير الطاقة المنتجة وماهى المعايير والتشريعات التى سيخضع لها هذا القطاع والحوافز التى ستقدم للمستثمرين؟.
ومن المقرر أن يقدم مشروع القانون الجديد الضوابط المطلوبة لتنظيم كيفية دخول القطاع الخاص فى مشروعات توفير الطاقة الكهربية لصالح الدولة، وإضافتها على الشبكة الحكومية أو بيعها للمصانع، وهو ما يترقبه المستثمرون بشغف للوقوف على الآلية التى ستتبعها الدولة، خاصة فيما يتعلق بتسعيرة بيع الكهرباء والجهات التى يمكنها الاستفادة من هذه الطاقة، فضلاً عن تنظيم وتيسير عملية توفير الأراضى اللازمة لتلك المشروعات.
وطالب الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولي، بأن يكون ملف الطاقة المتجددة ضمن أوليات المرحلة المقبلة سواء كانت حكومة أو شعباً، مؤكداً أن الدولة تسعى حالياً لحسم تسعير الطاقة بما يشجع على جذب الاستثمار.
وأشار العربى، فى تصريحات صحفية مؤخراً، إلى أن مصر ستحصل على دعم من دول الخليج، خلال الفترة القادمة بما فيها السعودية والكويت، لضخ استثمارات بقطاع الطاقة ومن بينها الطاقات الجديدة والمتجددة.
قال حافظ سلماوى، مدير تنظيم مرفق الكهرباء،إن مصر يتعين عليها أن تمضى قدماً فى تطوير الطاقات المتجددة من أجل تحقيق الهدف المنشود بتوفير %20 من احتياجات الطاقة بحلول عام 2020 من الطاقة المتجددة.
وأوضح أن الوصول إلى هذا الهدف يتم عبر عدة تشريعات منها التعريفة المميزة، وهى مطبقة فى الدول التى تعتمد الطاقات المتجددة كمصدر للطاقة، وهى ليست بالأمر الجديد بالنسبة لمصر، حيث إنها مطبقة فى عدد من القطاعات، كما هو الحال فى تحديد تسعيرة توريد المزارعين لمحاصيل القمح والقطن إلى الجهات الحكومية.
شدد سلماوى على ضرورة عدم الربط بين التعريفة المميزة وتصنيع معدات وسائل الطاقة محلياً، نظراً لما تحمله من خطر ملاحقات المنظمات الدولية فى حال عدم مطابقة الأجزاء المصنعة للمواصفات القياسية العالمية.
من جانبه، طالب المهندس محمد موسى عمران وكيل وزارة الكهرباء للبحوث والتخطيط، بسرعة إصدار الحكومة قراراً بتعريفة موحدة لبدء الاستفادة من الطاقة الجديدة والمتجددة، وعلى الأخص الشمس والرياح، واعتبر التوسع فى هذا القطاع أمل البلاد فى التغلب على مشكلة الطاقة وتحقيق نهضة صناعية.
وقال عمران إن المشكلة الأكبر التى يعانى منها قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة أن سعرها أغلى بكثير من سعر الطاقة التقليدية، خاصة مع عدم وجود آليات لدفع فرق السعر للطاقة المتجددة والطاقة التقليدية وعدم تحديد الجهة التى ستتولى دفع الفارق لتشجيع القطاع الخاص على التوسع فى بناء محطات الطاقة المتجددة.
وفى سياق متصل، قال الدكتور محمد الخياط، مدير التخطيط بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إن تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة يتطلب إصدار تشريعات ولوائح تحدد الهدف من النشاط وتؤسس الدور الحكومى بوضوح، ومن ثم تحدد المسئوليات لكل مشارك بحسب دوره ومستواه، ومن الإجراءات التى يمكن اتباعها.
وأكد ضرورة إقرار خطة قومية للطاقة المتجددة، وأن يكون هناك «تعريفة للتغذية» تعتمد على تحديد الحكومة، بالاتفاق مع منتجى الطاقة من مصادر متجددة، وأن سعر كل وحدة طاقة تسددها الحكومة للمنتجين نظير وفائهم بالتزاماتهم.
ولفت الخياط إلى جاذبية هذه السياسة للمستثمرين، مما يساعد فى نشر الطاقات المتجددة والتشجيع على إدارة المحطات بكفاءة عالية، وقد تم تطبيقها فى العديد من الدول، ما أدى إلى ازدهار أسواق الطاقات المتجددة ونشر تطبيقاتها.
أضاف مدير التخطيط بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، أن تطبيق هذه السياسة يؤدى إلى تحميل ميزانيات الدول بأعباء مالية ضخمة، ما دفع بعض الحكومات لرصد قروض مصرفية منخفضة الفائدة لمشروعات الطاقات المتجددة، أو فرض رسوم ضئيلة على فواتير استهلاك الطاقة الشهرية يوجه عائدها لصالح دعم الطاقات المتجددة.
وبحسب الخياط، فهذه السياسات تعتمد على توقيع عقود طويلة المدى لشراء الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة، إلى جانب تقديم تسهيلات للربط بشبكة نقل الكهرباء، كما تتضمن الإجراءات المعتادة لمثل هذه السياسات توقيع عقود لشراء الطاقة Power Purchase Agreement، PPP لمدد تتراوح بين 20 و25 عاماً، وقد تختلف تعريفة الشراء خلال هذه المدة بحيث تتجه للانخفاض كلما زادت فترة تشغيل المشروع.
وقال الخياط إن العديد من الدول تعتمد على عدم وضع تعريفة مقابل نقل الطاقة بالشبكة القومية، بهدف المساعدة فى خفض تكلفة شراء الطاقة المتجددة، خاصة أن أى تكلفة تضاف على المستثمر ستنعكس مباشرة فى السعر النهائى للمستهلك.
وألمح إلى احتمال قيام بعض الحكومات بتطبيق سياسة المشتريات الحكومية، التى تقوم على تحفيز المستثمرين على دخول أسواق الطاقة المتجددة، من خلال شراء أنظمة الطاقة المتجددة بأسعار أعلى من معدلات السوق، وبما يمثل حافزاً للاستثمارات الصناعية وأداة لجذب شركات التصنيع العالمية نحو نقل خطوط إنتاجها إلى هذه الدول للاستفادة من فروق الأسعار.
وعلق الدكتور أمين مبارك أستاذ هندسة الميكانيكا بجامعة القاهرة، بأنه يتعين على الحكومة أن تبدأ مما انتهى إليه الآخرون، مشيراً إلى أنه نادى منذ 20 عاماً بسن قانون ينظم ضخ الكهرباء التى ينتجها القطاع الخاص على الشبكة القومية.
وأضاف أن هذا القانون معمول به فى دول أوروبا وعلى رأسها ألمانيا، مشيراًً إلى أنه لو قامت شركة بإدخال طاقة رياح على الشبكة الكهربائية يكون سعرها 8 سنتات، ولو كانت شمسية تتراوح ما بين 20 و30 سنتاً حسب الاستخدام، دون الرجوع إلى وزارة الكهرباء حيث يلزم القانون الشركات بأن تستقبل الطاقة المتجددة على الشبكة الكهربائية بأسعار محددة وبآلية تحفز المستثمرين فى جميع المجال.
من جانبه، قال وائل النشار رئيس شركة الشرق الاوسط للهندسة والاتصالات «أونيرا»، إنه تقدم باقتراح لوضع تعريفة تغذية الكهرباء فى الشبكة كحافز للمستخدمين المتوقعين للطاقة الشمسية الكهروضوئية لانشاء الانظمة.
وأضاف أن التعريفة المقترحة هى 70 قرشاً للكيلووات ساعة، ونظرا للتوقعات بانخفاض تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، فمن المقترح أن تنخفض تعريفة التغذية بمعدل %6 سنويا، لتصل التعريفة إلى 40 قرشاً للكيلووات ساعة بحلول 2027، وهى أقل من تكلفة توليد الطاقة المعتمدة على الغاز بنسبة %70، التى يتوقع بلوغها 69 قرشاً فى نفس العام.
ومع بداية عام 2027، توقع رئيس شركة «أونيرا سيستمز»، أن تنخفض تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية عن تعريفة التغذية المقترحة، مما يؤدى إلى مزيد من الاستثمارات المربحة لمستخدمى الطاقة الشمسية الكهروضوئية، مما سيؤدى لاختصار الأجل اللازم لاقامة المشروعات.
وقال النشار إنه فى حالة عدم الإسراع بالتحول إلى الطاقة المتجددة، سيواصل الاقتصاد المصرى النزيف، لتتكبد البلاد نحو 2.17 تريليون جنيه لتوفير امدادات الطاقة حتى عام 2027، بما يزيد على ضعف مجموع الناتج المحلى الإجمالى لمصر فى 2011 بالاسعار الحالية، كما سيكون من الصعب رفع دعم الطاقة، خاصة فيما يتعلق بهذه الفئة من السكان ذات الدخل المنخفض والتى تمثل أكثر من %60 من السكان.
لذلك، طالب النشار بضرورة الاعتماد على الاقتراض المباشر من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، أو الاستفادة من السوق الدولية عن طريق إصدار سندات سيادية بالدولار.
ومن جهته، قال محمد المهدى العضو المنتدب ورئيس مجلس إدارة شركة سيمنس- مصر، إن عدداً كبيراً من الدول اتجه إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، وألزمت المصانع بأن تكون نسبة من استهلاكها من طاقة الرياح، لكن ذلك يتطلب وضع تعريفة لهذه الطاقة، كما هو الحال فى دول مثل الأردن والمغرب ولبنان.
وتوقع المهدى أن تكون تعريفة طاقة الرياح 80 قرشاً / كيلو وات ساعة.
وأضاف أن الأولوية حالياً فى قطاع الطاقة تتمثل فى بدء تنفيذ محطات الرياح، والبدء فى المحطات الغازية بنظام الدورة المركبة، خاصة أن مصر انتهت من استغلال نحو %98 من جميع مواردها من الطاقة المائية، ووصلت كمية الطاقة المنتجة منها لنحو %12 من إجمالى الطاقة المنتجة فى مصر.
شدد العضو المنتدب ورئيس مجلس إدارة شركة سيمنس، على ضرورة تنويع مصادر مصر من الطاقة، وإعادة هيكلة الدعم المقدم لها، وتقديم المزيد من التسهيلات فى قطاع الطاقة المتجددة لجذب المزيد من المستثمرين، ومن ضمنها وضع تشريعات واضحة حول استغلال الأراضى المخصصة للطاقة المتجددة وتسهيل إجراءات الحصول عليها، بالإضافة إلى تحديد تعريفة شراء الطاقة المنتجة من المشروع.
وفى سياق متصل، طالب المهندس عمرو محسن، المدير التنفيذى لشركة «لوتس» للطاقة الشمسية، وزارة الكهرباء بسرعة الانتهاء والإعلان عن تعريفة شراء الطاقة المتجددة من المستثمرين، ما سيعمل على فتح الباب أمام القطاع الخاص بشكل كبير، بالإضافة لسرعة اعتماد قانون الكهرباء الموحد.
وأوضح أن الطاقة الشمسية هى الأفضل على الإطلاق وأسعار الخلايا تنخفض بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى إمكانية تركيب خلايا فوق أسطح المنازل، مما سيعمل على رفع العبء من على الطاقة التقليدية فى توليد الكهرباء.
ودعا محسن إلى فرض ضرائب ورسوم جمركية على المكونات المستوردة لتشجيع تصنيعها محلياً ودعم الشركات المصرية، كما يجب أيضاً دعم أسعار الطاقة الشمسية لتحفيز المواطنين على نشر ثقافتها والتوسع فى استخدامها، فى ظل توافر سطوع شمسى عالى بالبلاد يمكن استغلاله.








