بقلم: إيان بريمر ودافيد جوردون
لم يعد القادة الصينيون يشعرون بأن الوقت فى صالحهم عندما يتعلق الأمر بالاصلاحات الاقتصادية، ويسعى الرئيس شى جين بينج وبطانته بحس جديد من الضرورة الملحة إلى تطبيق واحدة من أكثر الخطط الإصلاحية الاقتصادية والاجتماعية طموحاً فى التاريخ.
ومع ذلك، فإن التغيير فى أى دولة استبدادية يخلق مخاطر خاصةً إذا ما نظرنا إلى نطاق الخطط المقترحة، فلكى تصل الصين إلى المرحلة الثانية من خطة التنمية، ينبغى عليها بيع حصة كبيرة من المنتجات الصينية الموجهة حاليا إلى أوروبا وأمريكا واليابان إلى المستهلكين داخل الصين.
وهذا التحول يتطلب زيادة كبيرة فى القوة الشرائية المحلية، وبالتالى تحويل هائل للثروة من الشركات المحلية الكبيرة إلى الاسر الصينية.
وعلاوة على ذلك، يبدو أن القادة الصينيين على وشك الموافقة على إنشاء 12 منطقة تجارة حرة اقليمية جديدة مما سيرفع التنافس والكفاءة إلى مستوى جديد فى العديد من القطاعات الاقتصادية.
وأصبح القادة الصينيون أكثر وعيا بالحاجة إلى تحرير النظام المالى للدولة، وهى خطوة ستتطلب تحمل التعثر فى سداد القروض المعدومة والقلق والغضب الناتج عن ذلك.
وهنا يكمن خطر التغير، ولكن الشعور بأن التقدم للأمام مهم للغاية هو هدف القادة الصينيين إذا كانت الصين تتجه لتتخذ خطوات حاسمة نحو بناء اقتصاد طبقة متوسطة وعصر رقمي، كما أن الإصلاحات ذات أهمية كبيرة لاستمرار الحزب الشيوعى فى السلطة.
وستسعى القيادة إلى زيادة كفاءة الشركات الحكومية من خلال سحب الدعم – والاموال – من الشركات التى يأتى أداؤها دون المستوى، كما ستتجه الحكومة إلى معالجة مشكلات الهواء والماء الملوثين بشدة، وهى مشكلة لا يمكن تجاهلها بعد الآن، وسوف تؤثر على النمو قصير الأجل كذلك.
وفى السابق، استجاب الحزب الشيوعى الصينى لتباطؤ النمو من خلال زيادة الإنفاق الحكومى لخلق الوظائف وبث النشاط فى النظام، أما الآن، فإن السلطات تسمح للنمو بالتباطؤ بسرعة محسوبة، وهذا يرجع جزئيا إلى أن التباطؤ هو شرط مسبق لنوع النمو الذى لا يعتمد على الدولة، كما ان التباطؤ يؤدى إلى استمرار الطلب على الإصلاح.
ورغم أن هذه الإصلاحات ضرورية، فإنها من المؤكد ستؤدى إلى صدامات نظراً إلى أن بعض الخاسرين لديهم وسائل للدفاع عن مصالحهم، فالمسئولون والشركات والقطاعات التى تواجه حملة التطهير والتدقيقات التنظيمية الجديدة بالإضافة إلى الشركات التى ستجبر على وقف أعمالها لديهم أصدقاء ذوو مناصب فى بيروقراطية الصين الهائلة.
وعلاوة على ذلك، فإن مناطق التجارة الحرة تجلب المزيد من المنافسة بما فى ذلك من شركات أجنبية مما يرفع مخاطر زيادة البطالة وهروب رؤوس الأموال.
ولطالما خشى القادة الصينيون الانقسمات العلنية بين النخبة لأن الاقتتال الداخلى قد يكشف أسراراً حساسة، والاصلاحات التى يقترحها «شى» هى من النوع الذى قد يكون له هذا التأثير.
وتعد المخاطر أعلى بكثير مما كانت عليه منذ 10 سنوات، لأن الملايين من الصينيين لديهم إنترنت، وأصبحت ادوات الاتصال الأخرى متاحة إلى عدد غير مسبوق من المواطنين، كما تنتقل الأفكار والمعلومات عبر الحدود الداخلية والخارجية للصين بسهولة وسرعة غير مسبوقين.
ولذلك، لا يزال الحزب الشيوعى يطور تكنولوجيات جديدة لخنق المعارضة أو إعادة توجيهها، ومع ذلك لا يستطيع قادة الصين كسب معركة السيطرة على الخطاب العام كل يوم، وهم يعرفون ذلك.
وتبدو السلطات واثقة بقدرتها على إدارة المخاطر الناتجة عن التباطؤ التدريجى للنمو، ولكن ماذا إذا كانت مخطئة؟ وماذا إذا تراكمت الديون المتعثرة متسببة فى أزمة ائتمان ضخمة؟ وماذا إذا نمت الاضطرابات لمستويات لم تشهد فى العديد من السنوات الماضية؟
ومن غير المرجح أن تحدث تلك السيناريوهات فى 2014، ولكن الدلائل الاولية تشير إلى أنه فى حالة تطور المشكلات سيختار الحزب إطلاق حملة على المعارضين، ولا يوجد ضمان أن وحدة الحزب ستصمد فى وجه هذا السيناريو.
وبالنسبة للدول الخارجية، تشكل الإصلاحات مخاطر تمتد وراء التباطؤ الحاد فى الاقتصاد، ويعد جيران الدولة أكثر المتضررين وخاصة اليابان، فإذا أصبحت الاصلاحات غير مقبولة شعبيا أو كشفت انقسامات خطيرة داخل القيادة، فسيكون لدى الحكومة اسباب وجيهة لتحويل انتباه الرأى العام عن التناقضات الداخلية من خلال افتعال معارك خارجية.
أما الصراع مع الولايات المتحدة فغير محتمل فى الوقت الحالي، ففى مثل هذا الوقت الحرج داخليا، لن تكسب الصين شيئاً من معاداة الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن إثارة المشكلات مع حلفاء الولايات المتحدة وخاصة اليابان قد تجر الولايات المتحدة إلى قتال ستفضل تجنبه بشدة.
وباختصار فإن الصين على شفا حرف من تحولات كبيرة وضرورية وخطيرة والتى تعد إما بتغيير الدولة إلى الأفضل وإما جعل كل شيء بما فى ذلك الاستقرار الاقليمى اسوأ بكثير، وسيتأثر العالم بأجمعه بما سيحدث مستقبلا فى الصين.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: موقع بروجكت سينيديكت








