بقلم: لوك باتى وتشانج تشون
كانت أوروبا والولايات المتحدة منذ فترة قصيرة تستنكر التدخل الصينى فى أفريقيا، لتعاونها مع الأنظمة فى السودان وزيمبابوي، كما كانت الشركات الصينية توبخ بسبب معاييرها الاجتماعية والبيئية الفقيرة فى استغلال الموارد الطبيعية.
ومع ذلك، فقد بدأت الدول الأوروبية فى محاكاة النهج الصيني، وركزت أكثر على التجارة على حساب التنمية، بينما وجهت الصين أنظارها نحو الغرب لتتعلم دروساً بشأن التأثير التنموى واستدامة مساعداتها لأفريقيا.
ولكى نفهم التحول فى الأسلوب الصيني، من الأهمية بمكان أن ننظر إلى الحقائق التى تغيرت سريعا فى علاقاتها مع أفريقيا، على مدار خمسين عاما تقريبا كان التعاون المتبادل سياسياً فى الغالب، وقائم على الخبرات الاستعمارية المشتركة.
وبينما لا يزال التاريخ المشترك مهماً للحوار السياسي، فقد بدأت التجارة والاستثمارات تهيمن على العلاقات فى العقد الماضى، وتدفع وزارة التجارة الصينية القوية والكبيرة بسياسة التنمية فى قسم المساعدات الأجنبية التابع لها.
وتسعى الصين إلى تسخير قوى الدولة مثل تطوير البنية التحتية لشركائها الأفارقة الأغنياء بالموارد حتى يستفيد الطرفان، وتجاوزت الولايات المتحدة باعتبارها أكبر شريك تجارى لأفريقيا فى 2009، وارتفع حجم التبادل التجارى بين أفريقيا والصين من 10 مليارات دولار فى سنة 2000 إلى 210 مليارات دولار العام الماضي، كما تعد الشركات الصينية من كبار المستثمرين فى القارة، خاصة فى قطاعات مثل البنية التحتية والموارد الطبيعية.
ومع ذلك، تعرضت الروابط الاقتصادية المنتعشة بين أفريقيا والصين إلى تهديد عدم الاستقرار والصراعات فى السنوات الأخيرة، وأصبحت الشركات الصينية تواجه مخاطر أمنية وسياسية بشكل متزايد، ولكن تتكيف دبلوماسية الدولة مع هذه المخاطر، فلم تعد بكين تهتم فقط بتعزيز مصالحها الاقتصادية وإنما أيضاً تحمى تجارتها واستثماراتها.
ونتيجة لذلك، أصبحت وزارة الخارجية الصينية تتوسط فى النزاعات وتساعد على حفظ السلام والأمن، فعندما نشب خلافاً فى جنوب السودان ديسمبر الماضي، ورحل مئات الصينيين العاملين فى قطاع البترول، دعم المبعوث الصينى الخاص لأفريقيا، تشونج جيان هوا، المحاولات الإقليمية للتوسط فى وقف إطلاق النار.
كما تحركت الصين بعد أن تعرضت للنقد من بعض الدول الأفريقية إلى إعادة تقييم سياساتها التنموية، لتجنب ردود أفعال العام الماضى، حينما اضطرت إلى ترحيل آلاف من عمال المناجم الصينيين غير الشرعيين من غانا.
كما تأمل الصين من خلال تحسين الجوانب الاجتماعية لسياساتها التنموية، أن تصبح قادرة على المشاركة الاقتصادية فى القطاعات الصعبة مثل زيادة دعم التعليم والبحث المشترك.
ويعد التقارب بين النهجين الأوروبى والصينى فى التنمية مثيراً للدهشة، كما أنه يبعث القلق للكثيرين فى أوروبا الذين ينتقدون نشاطات الصين فى أفريقيا، وبالمثل ينظر الكثير من الخبراء والمسئولون الصينيون إلى النشاطات الغربية فى أفريقيا بشكوك كبيرة.
ومع ذلك، بإمكان كل من أوروبا والصين الاستفادة الأولى يمكن أن تتعلم من الوجود الاقتصادى الصينى فى أفريقيا فيما يتعلق بفتح أسواق جديدة للصادارت، وفى نفس الوقت، يتطلع الخبراء والساسة الصينيون تقديم المزيد من برامج تقليص الفقر المستدامة والهادفة، وتعمل مع شركاء غربيين وأفارقة مثل تنزانيا وليبيريا.
ورغم ذلك، مازالت بكين تخشى أن تنضم أخيراً إلى «المعسكر الغربى»، حيث تتخوف الحكومات الأفريقية من فقدان القدرة على المساومة بين الجانبين، ومن ناحيتها تشعر بكين بالقلق من أن تفقد مركزها كشريك تنموى لأفريقيا.
وستكون مهمة شديدة الصعوبة لإقناع الحكومات الأفريقية لتقبل التعاون التنموى بين الغرب والصين، ويكمن الخطر فى اندفاع التجارة والاستثمارات دون الدراسة الكافية للأهداف التنموية على حساب الأفريقيين العاديين.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشال تايمز








