توقعات بارتفاع التدفقات الأجنبية يقابلها مخاوف من زيادة العجز المالى والحساب الجارى
من الأفضل أن توضح بعض الإحصائيات صعود أفريقيا على مدى العقد الماضى بدلاً من الازدياد الحاد فى أعداد البلدان التى تحصل على تصنيف ائتماني، فمع إدراج اثيوبيا الأسبوع الماضي، ارتفعت أعداد الدول الافريقية التى يتم تصنيفها من قبل وكالة واحدة على الأقل من وكالات التصنيف الائتمانى الكبرى الثلاث، “موديز” و”فيتش” و”ستاندرد آند بورز”، إلى 26 دولة مقارنة بـ15 دولة منذ عشر سنوات ودولة واحدة فقط عام 1994.
وتتمتع أفريقيا حتى الآن بنشوة تصنيفاتها الائتمانية الاولية وحفنة من رفع التصنيفات، وصاحب هذا الاتجاه موجة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتمويل بأسعار فائدة منخفضة من خلال سندات سيادية، ويتوقع بنك التنمية الأفريقى أن ترتفع التدفقات الأجنبية إلى القارة العام الجارى إلى مستويات قياسية تبلغ 84.3 مليار دولار بزيادة بنسبة %22.5 على العام الماضي، لتتجاوز بذلك المستويات القياسية التى وصلت إليها فى عام 2012.
لكن فترة الابتهاج هذه قد انتهت بالنسبة لقلة من البلدان الافريقية، بعد أن اكتشفت أن التصنيفات الائتمانية طريق ذو اتجاهين كلاهما مؤلم، إذ خفضت الوكالات التصنيفات الائتمانية لبعض الدول الافريقية بسبب تراكم العجز المالى بها، كما اخبرت عددا من البلدان الأخرى أنها معرضة لخطر خفض تصنيفاتها الائتمانية، فعلى سبيل المثال، وضعت ستاندرد آند بورز خلال الستة أشهر الماضية زامبيا وغانا ونيجيريا فى درجة سلبية، وخفضت التصنيف الائتمانى لموزمبيق واوغندا وكاب فيردي.
ويقول رافى بهاتيا، الخبير الإقليمى للشئون الافريقية لدى ستاندرد آند بورز، إننا نرى تقاعسا فى معالجة مشكلة العجز المالى والحساب الجاري، ما يثير القلق.
ويقول اوريلين مالي، محلل لدى موديز، إن تدهور المقاييس المالية يشكل خطراً متزايداً على استقرار المالية العامة بالنسبة لبعض دول أفريقيا جنوب الصحراء.
ويعود جزء من المشكلة إلى أن أفريقيا ضحية نجاحها، ويشرح بهاتيا هذا الأمر قائلاً إنه فى الوقت الذى يتسارع فيه النمو الاقتصادي، تبتلع البلدان المزيد من الواردات ما تسبب فى حدوث عجز ضخم بالحساب الجاري، وفى الوقت ذاته تنفق الحكومات الكثير على التنمية مما خلق عجزاً مالياً كبيراً.
وبوجه عام، تبدو المنطقة قوية وتتمتع بدائرة حميدة من النمو الاقتصادى القوى وتحسن أسلوب الحكم حتى أطلق عليها العديدون “أفريقيا الصاعدة”، فلا تزال نسب الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى أقل بكثير من نظيرتها فى البلدان الأوروبية الجنوبية، لذا يواصل المستثمرون ضخ مليارات الدولارات فى أسواق السندات والأسهم المحلية فى المنطقة.
ولكن إذ استمر وانتشر الاتجاه التصاعدى للعجز المالى والحساب الجاري، فمن الممكن أن يعيق ذلك الارتفاع الشديد فى الاستثمارات التى نقلت سوق الأسهم من لاجوس إلى نيروبي.
وشعر الساسة الأفارقة ببعض الآثار السلبية المصاحبة للارتفاع المفاجئ فى النمو الاقتصادي، فقد رفعت الحكومة فى زامبيا رواتب القطاع الحكومى بنسبة %50 العام الماضي، ما زاد عجزها المالى ليصل إلى %8.5 مقارنة بـ%2.5 منذ خمس سنوات، وعندما عادت زامبيا إلى سوق السندات السيادية العام الجاري، أُجبرت على دفع عائدات بنسبة %8.625 على سندات لأجل عشر سنوات، بزيادة نسبتها %5.36 على العائدات التى دفعتها فى أول ظهور لها فى سوق السندات عام 2012.
وأضف إلى ذلك تأثير تقليص برنامج بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى الخاص بالتيسير الكمى وتكاليف الاقتراض التى من المتوقع أن ترتفع العامين الجارى والمقبل فى أنحاء الدول الافريقية، وهذا من شأنه أن يصعب من مهمة إعادة تمويل السندات الحالية عندما يأتى ميعاد استحقاقها خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، ولاسيما إذا ابتعد المستثمرون عن الأسواق الحدودية.








