دنَ : مصر ستبقى لاعباً مهماً في الشرق الأوسط
وجهت ميشيل دنّ الباحثة الأولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، عدة توصيات الي الولايات المتحدة الامريكية، بعد تولي وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي لرئاسة جمهورية مصر العربية، كانت أولاها الإبقاء على التعاون الضروري فقط مع الحكومة المصرية في مجالي الأمن ومكافحة الارهاب.
وجاءت التوصية الثانية للتعبير عن دعم تطلّعات الشعب المصري لتحقيق الازدهار والحرية والعدالة، وتقييم التقدم الذي تم إحرازه على أساس تمتّع المواطنين بمثل هذه الفوائد، بدلاً من التركيز على تنفيذ خريطة الطريق السياسية الحالية.
وكانت الثالثة هي تحويل الجزء الأكبر من المساعدات – مليار دولار على الأقل من مبلغ 1.5 مليار دولار الذي يقدم سنوياً – إلى واحد أو اثنين من البرامج الكبيرة التي تستهدف المواطنين بصورة مباشرة، و البدء في برنامج كبير رفيع المستوى يوفّر التعليم العالي والمنح الدراسية والتدريب المهني للمصريين، بالحدّ الأدنى من التدخّل الحكومي.
فيما تحدثت أيضاً عن دعم إعادة فتح الفضاء السياسي والمجتمع المدني، الذي سيكون ضرورياً لبناء توافق في الآراء بين المصريين حول مستقبل بلدهم، من خلال تعزيز المساعدة المقدمة إلى المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المطوّقة.
و اعتبرت ميشيل أن مفتاح الاستقرار الدائم في مصر يتمثل في وضع استراتيجية سياسية مشتركة مع أوروبا، والعمل معها لإقناع الحلفاء في الخليج واسرائيل لدعم – أو على الأقلّ عدم تقويض – التنمية البشرية والنمو الاقتصادي الشامل (بدلاً من الهيمنة العسكرية).
و قالت أن مصر ستبقى لاعباً مهماً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على الرغم من أنها تعاني من مشاكل جمّة، مشيرة إلي أنها لا تزال الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وهي جارة لإسرائيل، وتتحكم بقناة السويس. ومن الواضح أن الولايات المتحدة غير مستعدّة للابتعاد عن البلاد بعد أن استثمرت عشرات المليارات من الدولارات في بناء علاقة مع الجيش المصري منذ مايقرب من أربعة عقود.
و أشارات الي أن تدخّل الجيش المتكرّر في السياسة زعزع استقرار مصر منذ إطاحة حسني مبارك، رئيس البلاد الذي أمضى ثلاثين عاماً في الحكم، في أوائل العام 2011. وقد ساعد الجيش في الوقت نفسه في إزاحة القوى السياسية العلمانية والإسلاميين المتطرفين، الذين انتقل بعضهم إلى التمرّد. وبالتالي لم يعد ممكناً اعتبار الثقة بالجيش كشريك أمني يساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي، بدل تقويضه، أمراً مفروغاً منه.
و قالت ميشيل أن ما تحتاجه مصر لتحقيق الاستقرار الجديد هو التوافق المشترك بوجه عام بشأن المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على إطاحة مبارك، لم تجرِ أي محاولة جادّة لبناء مثل هذا التوافق. فقد تجاهل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولّى السلطة بعد مبارك مباشرة، دعوات العلمانيين لعقد مائدة حوار مستديرة يتم فيها التخطيط لعملية انتقال ديمقراطي (مشابهة لما حدث في تونس)، وأذعن بدل ذلك إلى رغبات جماعة الإخوان المسلمين بالذهاب مباشرة إلى الانتخابات لاختيار برلمان لولاية تشريعية كاملة ورئيس. وبعد أن فازت في تلك الانتخابات، كما كان متوقّعاً، ادعّت جماعة الإخوان بأنها تملك تفويضاً شعبياً وحاولت فرض رؤيتها للمستقبل على المجتمع المصري.
اضافت أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يمتلك قدراً من السلطة القسرية تحت تصرّفه أكبر مما كان يمتلك مرسي. غير أن استطلاعات الرأي الأخيرة والإقبال المتواضع على الانتخابات يظهر أنه ليس أكثر شعبية بكثير من مرسي، وأن من المرجّح أن يواجه مقاومة شديدة ومستمرة.
و أوضحت ان الولايات المتحدة غذا ما كانت ترغب في تعزيز استقرار مصر، التي يمكن أن تكون حليفاً يُعوَّل عليه، فعليها تجنّب الوقوع في شرك هذه الألعاب التي لاغالب فيها ولامغلوب. وسيشكّل هذا تحدّياً لأن التركيز الأمني كان يهيمن دائماً على العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، وخصوصاً البعد المتعلّق بجيشي البلدين. في عهد مبارك، كانت معظم المساعدات الأميركية تُستنفَد في العلاقة الأمنية، ولم تكن مشاريع الإصلاح المختلفة المتفق عليها مع الحكومة (الاقتصادية والقضائية واللامركزية) تحظى إلا بقدر ضئيل من الاهتمام. وستحرص الحكومة المصرية الجديدة، وبخاصة الجيش الذي جاء منه السيسي، على العودة إلى ذلك النموذج.








