تعد العراق من الدول المؤسسة لمنظمة الأوبك وبدأت صناعة البترول بها منذ عام 1925، وبلغ احتياطى النفط العراقى الثابت حوالى 112 مليار برميل، مما يجعلها ثانى أكبر منتج فى أوبك بعد المملكة العربية السعودية، ولكن الأزمات والحروب التى مرت بها العراق عبر السنين هددت مكانتها فى منظمة الأوبك، وكانت الأوضاع قد بدأت تهدأ فى البلاد وشهد بداية العام الجارى انطلاقة جديدة لبغداد، إذ رفعت الإنتاج إلى 3.4 مليون برميل يومياً وزادت الصادرات إلى مستوى قياسى بلغ 2.8 مليون برميل يوميا فى فبراير لترسخ مكانتها بالمنظمة، ولكن بعد تصاعد الصراع بين الجيش العراقى والمسلحين، تمكّنت مجموعات متطرفة مسلحة من بينها تنظيم “داعش” من السيطرة على عدّة مدن شمالى العراق، فى مقدمتها الموصل، وبدأت المخاوف تزداد حول ارتفاع أسعار البترول، حتى أن بعض الخبراء يروا أنّ الأزمة الراهنة بالعراق ستؤدى لارتفاع أسعار البترول الخام بما لا يقل عن 10 دولارات، حسب تطور الأوضاع بين طرفى الصراع هناك.
قبل سيطرة المقاتلين الإسلاميين على جزء كبير من شمال العراق، كانت الآمال تتجه نحو استقرار أسعار البترول ولكن بعد الأحداث الأخيرة فمن المتوقع استمرار موجة ارتفاع الأسعار. فتوفير الكثير من البترول منخفض التكلفة فى وقت نفاد الحقول الناضجة فى أماكن أخرى هو بداية الانقباض فى الإمدادات.
توقعت وكالة الطاقة الدولية فى وقت سابق أن إنتاج العراق من البترول سوف يقفز من 2.5 مليون برميل يومياً إلى 4.4 مليون فى 2015 وإلى ما يقرب من 6 ملايين تقريباً بحلول عام 2020.
ولكن كما حدث فى مناسبات كثيرة منذ عام 1980، فالحرب والعقوبات والاضطرابات المحلية قد حدت من الإمكانيات الهائلة لثانى أكبر منتج فى منظمة «أوبك» بعد المملكة العربية السعودية فتعطّلت فرص استئناف الصادرات من شمال العراق عبر خط أنابيب بسبب عمليات التخريب فى مارس الماضى.
ذكرت مجلة الإيكونوميست أن القتال أغلق مصفاة «بيجى» الأكبر فى العراق، فى الثامن عشر من يونيو الجارى، التى تنتج 170 ألف برميل يوميا من البنزين والمنتجات الأخرى. بالإضافة إلى الصادرات، التى تزود شمال العراق وبغداد، والتى تواجه نقصاً فى الوقت الراهن.
وعلى الرغم من أن هناك فرصة ضئيلة فى أن الجنوب الشيعي، الذى ينتج %90 من بترول العراق، سوف يقع تحت سيطرة المتمردين، فهو أكثر عرضة لهجمات المسلحين وتفجيراتهم، نتيجة عدم الاستقرار السياسي.
وتحاول المنطقة الكردية شبه المستقلة فى العراق تكثيف الصادرات، مع آخر ناقلتين من المقرر تحميلهما فى ميناء “جيهان” فى تركيا، حيث سيطر الأكراد على مدينة البترول الرئيسية “كركوك” فى الشمال، ويطالبون ببناء وصلة خط أنابيب تصدير خاصة بهم ولكن المشترين مضطربون: حيث تهدد الحكومة المركزية العراقية بأنها سوف تقاضى أى شخص يشارك فى ما تعتبره بالصادرات غير القانونية.
وتقول أمريتا سين، خبيرة فى شركة انيرجى اسبكتس الاستشارية، إنه على الرغم من كل ما قدموه من تعاطف مع الأكراد، فأولوية الغرباء هى الحفاظ على اتحاد العراق.
تأتى الأخبار السيئة من العراق وسط مشاكل أخرى، حيث هبطت الصادرات من سوريا، التى وصلت إلى ما يقرب من 400 ألف برميل يومياً إلى الصفر تقريباً. وتأمل ليبيا، منتج البترول الكبير أن تعيد الإنتاج ولم تستطع. وعادت إلى إنتاج 1.5 مليون برميل يوميا بسرعة ما بعد الحرب الأهلية عام 2011، قبل أن تتراجع إلى أقل من مليون فى الوقت الراهن.
وتتصاعد المخاوف، حيث أفادت «سين» بأن الفوضى وتراجع الإنتاج أضر بشكل خطير حقول البترول فى ليبيا التى تعيش اوضاعا هشة بجانب فشل مضخات العراق فى العمل بطاقتها القصوى مع ارتفاع الخطر هناك أيضاً.
وبالفعل ارتفع سعر برميل خام برنت قليلاً بسبب اشتداد القتال فى العراق التى باتت أكبر مؤثر على التوقعات القاتمة على المدى المتوسط للأسواق.