سبيل الاتفاق الوحيد هو تقبل أن تصبح إيران نووية

بقلم: ستيفن ام والت

هل ستنجح الولايات المتحدة وايران فى التوصل لاتفاق بشأن برنامج ايران النووي، وهل سيتمكن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والرئيس الايرانى حسن روحانى من التغلب على المتعصبين الذين يكونون فى أحسن الأحوال قلقين من ابرام اتفاق، وفى أسوأ الأحوال يكونون معارضين بشدة؟
وبالاضافة الى العوائق الداخلية التى يواجهها كل طرف، يتمثل العائق الأساسى للاتفاق على عدم توافق الأهداف الرئيسية لكل طرف، فبالنسبة للولايات المتحدة ومجموعة الخمسة زائد واحد (بريطانيا، الصين، فرنسا، روسيا، ألمانيا)، فان الهدف الرئيسى هو منع ايران من الحصول على أسلحة نووية.
وبمعنى آخر، تريد الولايات المتحدة جعل حصول ايران على سلاح نووى مستحيل عمليا، سواء بإقناع ايران بتفكيك قدرتها على انتاج المواد الانشطارية أو من خلال ضمان أن الولايات المتحدة لديها الوقت الكافى لتدمير مخزون ايران من المواد والبنية التحتية النووية فى حال حاولت ايران التسابق لتصنيع قنبلة فى وقت لاحق.
أما بالنسبة لايران، فهى تعتبر برنامجها النووى بوليصة تأمين ضد أى محاولات أمريكية (أو اسرائيلية) لتغيير النظام، وطهران لا تمتلك برنامج أسلحة نووية فعال فى الوقت الحالى، لكنها تريد أن تضمن طريقا واضحا نحو تصنيع قنبلة عندما تقرر ذلك.
ومن الواضح أن التوفيق بين هذه المصالح المتضاربة ليس سهلا، ويتطلب – فى الواقع – أن يكون كل طرف مستعدا للتعايش مع أقل من أهدافها القصوى، فالولايات المتحدة ومجموعة الخمسة زائد واحد عليها التعايش مع احتمالية – ولو كانت بعيدة – أن يكون لدى ايران القدرة للحصول على سلاح نووى صغير فى وقت ما فى المستقبل، أما ايران عليها أن تتفهم احتمالية أن أى محاولة مستقبلية للحصول على سلاح نووى قد تحبطها الولايات المتحدة بعمل عسكري، وهنا ضمن هذه المنطقة الرمادية من عدم اليقين تقع احتمالية التوصل لاتفاق.
ويساعد التوتر بين أهداف كل طرف على تفسير الهوس الحالى «بالقدرة النووية اللازمة» – أى عدم انتاج سلاح نووى ولكن امتلاك التكنولوجيا والبنية التحتية اللازمة المطلوبة لانتاج سلاح نووى فى حال الضرورة – فالولايات المتحدة ودول الخمسة زائد واحد يحاولون اجبار ايران على الموافقة على تقليل مخزونها من المواد النووية وأن يخفضوا عمليات الطرد المركزى بشكل كبير، لكى يطول الوقت الذى قد تحتاجه ايران للحصول على مواد كافية لصنع قنبلة نووية.
كما أن الهوس بشان هذه القدرة فى غير محله تماما، خاصة اذا جعلته الولايات المتحدة عائقا فى طريق اتفاقا معقولا.
فبداية، تفترض العديد من التقديرات أن ايران ينبغى ألا تواجه أى صعوبات فنية فى طريقها لتصنيع سلاح نووى حتى وان امتلكت القدرة اللازمة، وهذا غير مرجح بالنظر الى خبراتها السابقة.
وعلاوة على ذلك، فان قدرة تتبع محاولة تصنيع سلاح تعتمد بشدة على مستوى وشمولية التفتيش من وكالة الطاقة الذرية، وقد وقعت ايران على تنفيذ «البروتوكول الاضافى» لاتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية مما سيسمح بتحسين نظام التفتيش بشكل كبير ويجعل من السهل تتبع عملية تصنيع السلاح.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الهوس يتجاهل الحقائق السياسية والاستراتيجية الأوسع التى يجب أن تقود منهجنا تجاه ايران وبرنامجها النووي، كما أنه يفترض أن ايران عازمة على الحصول على سلاح نووى وسوف تتجه نحوه سريعا اذا أدار العالم لها ظهره.
كما يدفع هذا الهوس بافتراض أن حصول ايران على قنبلة نووية سوف يكون له عواقب استراتيجية سيئة للغاية مثل تمكين ايران من «ابتزاز» جيرانها أو مهاجمة اسرائيل، بغض النظر عن أنه لا يوجد أى دولة ذات قوة نووية ابتزت احداً من قبل أو أن اسرائيل لديها رادع قوى ولا يمكن مهاجمتها دون ان تجر ايران الهلاك على نفسها أيضا.
وعلاوة على ذلك، التركيز فقط على مشكلات القدرة اللازمة يتجاهل المزايا الايجابية العديدة التى يمكن أن تجنيها الولايات المتحدة وغيرها من العلاقة الطيبة مع طهران، فقد أظهرت دراسة حديثة نشرها المجلس الايرانى الأمريكى القومى أن العقوبات على ايران كلفت الاقتصاد الأمريكى ما بين 135 مليار دولار و175 مليار دولار منذ 1990.
هذا بالاضافة الى أن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وايران تصبح أكثر ارتباطا تدريجيا، فى ظل زيادة نفوذ جماعات مثل داعش، وزيادة الانقسامات فى منطقة الخليج الفارسي، وبالتالى فان تحسن العلاقات بين واشنطن وطهران سوف يعزز قدرة الولايات المتحدة على معالجة هذه الأمور، بالاضافة الى انهاء الحرب فى أفغانستان.
كما ان المزيد من التعاون بين واشنطن وطهران سوف يعطى الولايات المتحدة بعض الثقل فى التعامل مع حلفائها المشاكسين الآخرين فى الشرق الأوسط (وهذا أحد أسباب عدم رغبة اسرائيل والسعودية فى وجود علاقات طبيعية بين الولايات المتحدة وايران).
ولكن بالنظر الى حجم التعاون الحقيقى الذى حصلت عليه واشنطن من حلفائها القدامى فى الآونة الأخيرة، فان احتمالية تطوير سلاح نووى ايرانى لا ينبغى أن تزعج أوباما أو كيرى أو غيرها.

إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: مجلة «فورين بوليسي»