«المستثمرين الصناعيين»: تمويل المشروعات يتذيل قائمة أولويات الجهاز المصرفى
الصناعات الغذائية تطالب برفع الشركات المتعثرة من «القوائم السوداء»
«المعدنية»: %8 ارتفاعاً فى تكاليف المشروعات الممولة بنكياً بسبب زيادة الفائدة
القطاع المصرفى: نمول المشروعات ذات الجدوى.. وزيادة مرتقبة لمعدلات الإقراض
رغم تأكيدات الحكومة فى الآونة الأخيرة على دعمها للنشاط الصناعى و المشروعات الصغيرة والمتوسطة لرفع معدلات النمو والتنمية فى الاقتصاد المصري، إلا أن منظمات الأعمال مازالت تعانى من أزمات تمويلية عديدة مع الجهاز المصرفى فى ظل ارتفاع سعر الفائدة وصعوبة تدبير العملة الأجنبية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك وفقاً لممثلى تلك المنظمات لـ«البورصة».
قال محمد جنيدي، رئيس نقابة المستثمرين الصناعيين ورئيس جمعية مستثمرى 6 أكتوبر، إن القطاع الصناعى يتذيل أولويات القطاع المصرفى منذ توتر الأوضاع السياسية فى السنوات الثلاث الأخيرة.
وطالب جنيدى بضرورة تبنى الحكومة لاستراتيجيات مصرفية مختلفة للقطاع الصناعى لمساعدة العديد من المصانع على الخروج من كبوتها، واعادة النظر فى التشريعات والقوانين التى تتخذها البنوك مع رجال الأعمال، تدفع رؤوس الأموال إلى الهروب خارج البلاد.
وقال خالد أبو المكارم، نائب رئيس مجلس ادارة غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إن الجهاز المصرفى لم يقدم الدعم الكافى للقطاع الصناعى رغم أنه أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمارات.
وأوضح ابو المكارم، أن نسبة تمويل الجهاز المصرفى للقطاع الصناعى لا تتعدى الـ%20 من حجم نشاطه، رغم أن حجم التصدير للقطاع الصناعى ارتفع خلال الـ5 سنوات الماضية %50، وهو ما يعد مؤشراً جيداً على قدرة المنتج المصرى للمنافسة عالميا.
وأشار أبو المكارم، الى أن الغرفة بصدد رفع مذكرة للجنة البنوك والضرائب باتحاد الصناعات خلال الشهر الجارى لمطالبته بمخاطبة الحكومة للتدخل لصياغة سياسات مصرفية داعمة للقطاع.
وقال رأفت رزيقة، عضو مجلس ادارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، ان أبرز المشاكل التى تواجه الصناع مع الجهاز المصرفى ارتفاع معدلات الفائدة على القروض وتعد من أعلى المعدلات عالميا حيث تتراوح بين 14 و%16، بالاضافة إلى فائدة 1 فى الألف التى تفرضها البنوك على أعلى رصيد مدين، مما يشكل أعباء مالية اضافية على الصناعة خاصة الغذائية.
وأضاف رزيقة أن هناك العديد من الشركات تعانى من التهميش من قبل البنك المركزى أو وضعها بـ «القائمة السوداء» وهو ما يحول بينها وبين الاقتراض من أى بنك، نظرا لعدم قدرتها على الوفاء بمديونياتها للبنوك.
وطالب رزيقة بضرورة منح الشركات المتعثرة استثناءات من قبل البنوك خاصة أن أعدادها قد تضاعف خلال الفترة الماضية بسبب الأزمات الاقتصادية المتعاقبة.
واقترح رفع التهميش عن تلك الشركات لفترة محددة تستطيع خلالها تعويم مصانعها والعودة للإنتاج لسداد مستحقات البنوك، مما يعود بالنفع على الاقتصاد.
وقال محمد حنفي، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إن سعر الفائدة فى البنوك المصرية يصل الى %16 فى بعض الأحيان، فيما تقل فى معظم بلدان العالم عن %8، ووفقا لتلك المعدلات، فإن أى مشروع يمول من قبل البنوك تزيد تكلفته %8 مقارنة باقامته فى أى دولة أخرى، وهو ما يؤدى الى زيادة سعر المنتج المحلى وصعوبة المنافسة فى الأسواق العالمية.
وأوضح أن المصانع تواجه أزمة أخرى مع البنوك فى تدبير العملات الأجنبية لاستيراد الخامات أو المعدات اللازمة، حيث يطلب البنك تدبير الشركة لقيمة الاعتماد المستندى بالدولار لعدم توفره.
وأشار الى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعانى عند طلب الحصول على تمويل من البنوك التى تضع شروطاً مجحفة يصعب على أى مستثمر صغير تحقيقها.
ولفت الى أن المصدرين يواجهون مشكلة تتمثل فى عدم سماح البنوك بسحب أكثر من 10 آلاف دولار فى اليوم من حسابهم الشخصي، الأمر الذى يسبب أزمات لبعضهم خاصة فى مجال مثل الصناعات المعدنية، حيث تصل أسعار شحنات الذهب على سبيل المثال لملايين الدولارات.
وفى سياق متصل، قال أحمد وهبه، رئيس جمعية مستثمرى الصفا، ان %80 من المصانع بالمنطقة الصناعية توقفت تماما فى الوقت الراهن بسبب تعنت البنوك مع المستثمرين.
وأوضح: رغم الاتفاق مع محمود أبو العيون، المحافظ الأسبق للبنك المركزى بتسوية مديونيات جميع المصانع بالمنطقة، لم يرفع حظر التعامل مع المستثمرين منذ خمسة أعوام.
وردا على تلك الشكاوى من رجال الصناعة قال تامر صادق، مدير عام قطاع الدعم التسويقى وتطوير الأعمال فى بنك مصر، ان البنوك لا تمانع من اقراض الشركات أو المصانع الجديدة حال توافر دراسات جدوى تستوفى شروط الاقراض بالبنك.
وتابع أن الاقراض الدور الأساسى للبنوك و المؤسسات المالية، وأن القطاع المصرفى عندما يقرض الأفراد يتطلب بعض الشروط قبل التمويل أيضا، ولا يقتصر الأمر على القطاع الصناعى فقط.
وتوقع صادق زيادة معدلات الاقراض الفترة القادمة نتيجة انخفاض نسبة المخاطر بعد تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري.
قال أحمد خطاب، رئيس قطاع الائتمان بأحد البنوك، ان أسعار الفائدة وسياسة التسعير ترتبط بتقييم الجدارة الائتمانية للعميل من خلال مخاطر التمويل وتختلف من حالة الى أخرى و من بنك الى آخر وما اذا كان التمويل قصير الأجل أم طويل.
وتابع أنه حال كان التمويل قصير الأجل فان تسعير سعر الفائدة أقل، مشيرا الى أن الأمر يتعلق بالمخاطر وتكلفة الفرصة البديلة فى حالة القرض طويل الأجل.
أضاف أن جميع البنوك تقوم بتقييم كل ملف ائتمانى على حدة و ترصد الحالات طبقا لعدة عوامل أهمها على سبيل المثال العميل يصدر أم لا، بجانب النظر الى نشاطه فى السوق.
وأكد أن البنوك تجرى تقييماً علمياً مبنياً على مؤشرات السوق عند التسعير، مشيرا الى أن سعر الفائدة على الاقراض غالبا ما يحدد من خلال سعر الكوريدور فى السوق، بجانب قياس المخاطر طبقا للجدارة الائتمانية لكل عميل ثم يضاف هامش الربح للبنك.
ومن جانبه، قال حسام راجح، مدير ادارة مخاطر الائتمان فى أحد البنوك، ان القطاع المصرفى يقوم بدوره الأساسى المتمثل فى الاقراض ولا يمانع منح التمويلات الى الشركات أو المصانع الجديدة، مشيرا الى أن ذلك هو الدور الأساسى للجهاز المصرفى.
وأضاف أن البنوك تعد الدراسات اللازمة لكيفية ادارة السوق و تحقيق أرباح حتى ولو على المدى البعيد، وحال عدم الاطمئنان لأى أسباب يرفض البنك التمويل.
وأكد أن أى بنك يرحب بالدخول فى فرص تشغيل جديدة لتوظيف السيولة.
وتوقع مدير ادارة مخاطر الائتمان، أن تشهد الفترة القادمة نموا فى الاقتراض من البنوك فى ظل تزايد الأنشطة الجديدة بعد البدء فى مشروع تنمية محور قناة السويس والذى سيفتح آفاقا جديدة للتمويل.







