يعتقد البعض أن تناول ما يسمى بـ”العقاقير الذكية“، يعزز الأداء الذهني. فمن منا لا يرغب بتحفيز ذاكرته وتفكيره؟ ولولا المضار المصاحبة لمثل هذه العقاقير كالإدمان وقلة النوم، لتناولها الناس جميعاً. لكن هذا الاعتقاد خاطئ، فقد بين أحد البحوث أن هذه الأدوية ليست مفيدة حقاً، ولا تعزز النشاط الذهني بل تؤذيه. وبناء على هذا، قد نتساءل عن السبب الذي يدفع البعض إلى تناول المنشطات كوسيلة لتعزيز مسيرته المهنية مثلاً.
وترتبط شهرة المنشطات بين من يتناولها بالعاطفة والتحفيز؛ فالمرء يتناول هذا النوع من الأدوية لرغبته بالحصول على شعور أفضل، أو لأنه بحاجة إلى التمتع بمزيد من التحفيز لإنجاز ما يتوجب عليه فعله. غير أن الأدوية المنشطة لا تحل أي مشكلة.
فما المشكلات التي يحاول الموظف حلها باستخدام المنشطات؟
المهارات المفقودة في العمل: إن من يعمل خلال الليل أو في الإجازات، يسعى في الحقيقة إلى التعويض عن المهارات المؤسسية وعادات العمل التي تنقصه، ولا شك أن المنشطات تساعده على الالتزام بذلك. لكن هناك حلول أفضل، مثل: تعلم عادات أفضل، لاسيما أن نتائج المنشطات ليست مستدامة.
عدم التوازن بين الحياة الاجتماعية والعمل: بسبب بيئة العمل التنافسية، يبدو إيجاد توازن بين الحياة والعمل إنجازاً عظيماً وصعباً، لاسيما في المدن الكبرى حيث تتوافر أماكن الترفيه التي لا يمكن مقاومتها. ومن الحلول لإيجاد هذا التوازن هو المزج بين الحياة الاجتماعية والعمل بجد. لكن للأسف، الرغبة بتجربة كل شيء قد تشتت التركيز عن الأولويات، وتؤدي إلى عدم التعامل بجدية مع الحياة. كما أن المرء قد يتوهم إمكانية تحقيق كل شيء في وقت واحد، وأنه لا حاجة لاتخاذ خيارات صعبة من خلال الاعتماد على تناول المنشطات للحفاظ على التركيز.
النهج الخاطئ للمحافظة على الصحة البدنية واللياقة: من المعروف أن المزاج والإنتاجية يتحسنان مع تحسن السلوكات الإيجابية، مثل: ممارسة التمارين الرياضية، وقضاء بعض الوقت في الطبيعة، وبناء علاقات جيدة مع الآخرين، واتباع حمية غذائية صحية، وأخذ قسط كافٍ من النوم، والراحة وممارسة بعض التأملات. لكن للأسف، عندما يضيق الوقت، ويشعر المرء أنه محاصر بمسؤوليات العمل، يتوقف عن ممارسة هذه العادات الجيدة. وكلما ضاق الوقت، قلت الفترة التي يمضيها الشخص لتحسين صحته وعافيته، وبالتالي يعمد إلى استخدام المنشطات. لكن هذا الأمر يبعده تماماً عن الإنتاجية التي يسعى إليها.
الاكتئاب غير المشخص بجميع درجاته: قد يلقي الاكتئاب بظلاله على أي شخص. وقد يبدو وضعه جيداً بشكل عام، لكنه لن يكون كذلك إن عالج المرء نفسه بنفسه؛ فقد يستخدم بعض العقاقير الخاصة بقصور الانتباه أو المنشطات، فيستعيد روعته وثقته. لكن المعالجة الذاتية ليست أفضل الحلول في مثل هذه الحالات.
قصور الانتباه وفرط الحركة: إن علاج هذا المرض من دون الرجوع إلى طبيب، ينطوي على خطورة كبيرة. فعلى سبيل المثال، قد يعاني أحد الموظفين الإداريين من القلق وأعراض ما قبل الصدمة وقصور الانتباه، وقد يصاحب التوتر والتشتت هذا الإحساس، وفي هذه الحالة قد يساعد تناول عقار (إديرال-Adderall) مبدئياً، لكنه سيزيد من حدة التوتر مع استمرار الاستخدام. لذلك، يجب على من يعاني من هذه الأعراض استشارة المتخصص بهذا المجال.
اتباع المسار الخاطئ: من الصعب أن تبرع في عمل تكرهه، أو تستيقظ كل صباح وأنت تدرك أنك ستنفذ العديد من المهمات التي لا تكره أداءها. مع ذلك يتمكن البعض من تخطي هذه العقبة والتأقلم معها، فنحن بطبيعة الحال قادرين على التأقلم ونتميز بالمرونة. إلا أن أكثر الناس مرونة قد لا يشعرون بالتحفيز المطلوب، فيلجؤون إلى تناول المنشطات.
فقدان الثقة بالنفس، وعدم احترام الذات: قد يتفاجأ البعض من مدى صعوبة الحياة، وأن على المرء العمل بجد كي يحقق ما يصبو إليه. وقد يأخذ المرء هذا الموضوع من ناحية شخصية، فيعتقد أن بذل جهد إضافي يعني أنه ليس ذكياً، أو أنه يتمتع بقدرات متواضعة. وهذا الأمر يؤثر سلباً على ثقته بنفسه، وبالتالي يتناول المنشطات كي يحقق المزيد من المنجزات. وفي الحقيقة، لا تحسن هذه الطريقة من مستوى الأداء بل تزيد من الشعور بالرضا فقط، وبالتالي تعيد الثقة بالنفس.
الخوف: بينما يشكل الخوف جزءاً من المشكلات المذكورة أعلاه، إلا أن هناك 3 حالات يشكل فيها جزءاً أساسياً من أسباب تناول المنشطات، وهي: الخوف من الفشل والخوف من النجاح والخوف من الإحساس بالتعب. وقد يخرج الخوف من الفشل عن السيطرة أحياناً، حيث لا يقتنع المرء بالمستوى المثالي لعمله ويسعى إلى تحقيق الكمال المطلق. ومن جهة أخرى، قد يخشى المرء من التعب أو الملل، وأن هذا يعني حدوث الخطأ، وبالتالي يفضل تناول عقاراً منشطاً مثل “أديرال” مثلاً، عوضاً عن الإحساس بالتعب.
وفي النهاية، يجب أن لا ينظر الموظفون والمديرون والأصدقاء إلى تناول المنشطات في مكان العمل لأسباب غير طبية، على أنه أمر حميد وأسلوب طبيعي. فتناولها يدل على أن الشخص يحاول حل مشكلة ما، وأنه بحاجة إلى مساعدة ليجد الحلول المثلى.
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط








