المستثمرون راهنوا على فرص النمو فى دول جنوب الصحراء ..و34 مليار دولار صفقات المنطقة العام الجارى
دفعت المخاوف بشأن تفاقم أزمة «إيبولا» فى أفريقيا والمستويات الحالية من الاضطرابات السياسية وانخفاض أسعار السلع، المستثمرين إلى الهروب من المنطقة منذ فترة ليست بالبعيدة، ورغم ذلك ينتعش عقد صفقات جديدة فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، نظراً إلى أن غالبية المستثمرين تجاهلوا المخاوف قصيرة المدى ووضعوا رهاناً كبيراً على آفاق النمو فى المنطقة.
ويقول رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لدى «سيتى جروب»، ميجيل أزيفيدو، إن أفريقيا تحت المجهر والشركات تعمل على تطوير استراتيجياتها للاتجاه نحو المنطقة والذى سيعقبه بالطبع انتعاشة فى عمليات الاندماج والاستحواذ.
وأعلنت مؤخراً مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات صفقات بقيمة 8 مليارات دولار فى قطاعات متعددة، وهو ما يؤكد شهية المستثمرين للاستفادة من الأسواق الاستهلاكية المتنامية فى المنطقة. وتضمنت الصفقات استثمارات لمجموعة «كارلايل» للاستثمار المباشر لأول مرة فى نيجيريا وجنوب أفريقيا، وتحالفاً بين مجموعة «ساب ميلر» و«كوكاكولا»، ودخول شركة التأمين الفرنسية «أكسا» السوق فى نيجيريا، فضلاً عن صفقات اندماج ضخمة فى قطاع التجزئة فى جنوب أفريقيا.
وأفادت مزودة البيانات المالية «ديولوجيك»، بأن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء شهدت حتى الآن 631 صفقة اندماج واستحواذ، وهو أعلى معدل للصفقات منذ عام 1995.
ويقول خبراء القطاع، إذا استمرت صفقات الاندماج والاستحواذ فى التدفق، فالعام الجارى قد يتجاوز الرقم القياسى لصفقات الاندماج والاستحواذ فى المنطقة عام 2012 مع 656 صفقة. وتوقع صندوق النقد الدولى أن تكون أفريقيا ثانى أسرع المناطق نمواً العام المقبل، إذ توقع الصندوق أن تنمو بنسبة %5.75، بعد منطقة آسيا الناشئة التى تضم الهند والصين، وفى المقابل، سوف تتوسع أمريكا اللاتينية بنسبة %2.2، ورغم أن انخفاض أسعار البترول والسلع الأخرى قد يقلص النمو فى عام 2015، فالتفاؤل لا يزال سائداً فى المنطقة.
وقال مدير محافظ لدى شركة «إنفيستيك»، جوزيف روهم، إن الاتجاه المهم هو تجدد اهتمام المستثمرين فى الشرق الأوسط بأفريقيا، حيث ضخت شركة دبى للاستثمار العام الحالى 200 مليون دولار فى شركة «أسمنت دانجوتي» فى حين دفع بنك قطر الوطنى 500 مليون دولار مقابل شراء حصة كبيرة فى البنك الأفريقى «إيكوبنك».
ويقول المصرفيون إن شهية الشركات فى جنوب أفريقيا، التى تواجه النمو الاقتصادى المحلى الباهت، تغذى نشاط الصفقات، إذ أعلنت شركة التجزئة «وولورث» ومقرها كيب تاون، خططاً العام الجارى للاستحواذ على المتجر الاسترالى «ديفيد جونز»، فى صفقة بلغت قيمتها 2.14 مليار دولار.
ويدعم الرقم القياسى للصفقات قصة «صعود أفريقيا» بوضوح، وسجل النمو الاقتتصادى فى أفريقيا نمواً قوياً على مدار العقد الماضى، ووصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ نهاية فترات الاستعمار فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
ويقول رئيس البنك الاستثمارى «جولدمان ساكس»، كولين كوليمان، إن أداء أفريقيا يفوق المناطق الأخرى، فهناك حماس كبير حيال أفريقيا خاصة مع تراجع النمو فى اقتصادات الأسواق الناشئة. ومع ذلك هناك ما يثير القلق بشأن قوة صفقات الاندماج والاستحواذ فى المنطقة، فرغم أن الصفقات بلغت رقماً قياسياً، فإنها لا تزال أقل من صفقات عام 2013.
وأعلنت الشركات، منذ يناير الماضي، صفقات اندماج واستحواذ بلغت قيمتها 34 مليار دولار، أى أقل من قيمة الصفقات فى الفترة ذاتها العام الماضى التى بلغت 35 مليار دولار، وأقل أيضاً من قيمة الصفقات فى عام 2007، أى قبل الأزمة المالية العالمية، إذ بلغت آنذاك 49 مليار دولار.
ويقول القائمون على الشركات ومصرفيو البنوك الاستثمارية، إن انخفاض قيمة الصفقات يعكس اتجاهين لا علاقة لهما بقوة نشاط الاندماج والاستحواذ.
أولاً، ينصب تركيز المستثمرين على نحو أكبر على صفقات الاندماج والاستحواذ خارج جنوب أفريقيا، ولاسيما، فى نيجيريا، حيث تكون قيمة الصفقات أصغر حجماً.
وثانياً، تراجع تقييمات قطاع الموارد الطبيعية عن أيام الازدهار خلال عام 2005-2007 عندما قادت الشركات الصينية الاستثمار فى السلع الأفريقية.








