المركزى الأوروبى يسابق الزمن لوضع برنامج الهروب من الركود
1000 مليار يورو قيمة الزيادة المقترحة لموازنة البنك
تغرق سفينة الاتحاد الاوروبى فى أعماق الانكماش الاقتصادى، بينما أصوات الشجار تعلو داخل أروقة البنك المركزى الأوروبى بين مؤيدى ومعارضى برنامج التيسير الكمى وفى خلفية الصورة القاتمة تظهر بوضوح التصدعات والتشققات فى جدار منطقة العملة الموحدة الأوروبية.
وتجلت القيود التى يواجهها ماريو دراجى، رئيس البنك المركزى الأوروبى وسط الانقسامات الجديدة بين صانعى السياسة النقدية أوروبا فى معركته لإنقاذ منطقة اليورو من خطر الركود الاقتصادى.
وبعد فترة وجيزة من الوحدة، فتحت الجراح القديمة مرة أخرى أوائل الشهر الجارى عندما واجه دراجى معارضة ستة أعضاء من مجلس محافظى البنك ضد خطط المركزى الأوروبى لزيادة موازنته العمومية بنحو تريليون يورو.
وعلى الرغم من أن لهجة المركزى الأوروبى الصارمة عززت الآمال بأن البنك سوف يشرع فى تبنى برنامج تيسير كمى شامل خلال الأشهر المقبلة، تهدد المعارضة بتقويض حجم ونطاق ما يستطيع البنك المركزى الأوروبى شراءه من السندات.
وأوضحت صحيفة الفاينانشيال تايمز، أن الانكماش مازال يشكل تهديداً على منطقة اليورو، مع انزلاق مقياس التضخم الأساسى الفرنسي، الذى لا يتضمن السلع متقلبة الأسعار مثل الغذاء والبترول، إلى منطقة سلبية لأول مرة الشهر الماضي.
ولكن الانقسام داخل مجلس محافظى المركزى الأوروبى ونقص الشهية فى بروكسل لممارسة المزيد من المراقبة على الاصلاحات الاقتصادية فى الدول الأعضاء دفعا رئيس البنك المركزى الأوروبى للمراهنة على التيسير الكمى الذى قد يأتى أكثر تعقيداً فى يناير المقبل.
ويأمل دراجى أن مناشداته تسليم سلطات أوسع لمؤسسات الاتحاد الأوروبى لفرض الاصلاحات الهيكلية قد تهدئ من المخاوف بشأن برنامج شامل لشراء السندات السيادية.
وتخشى أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، والأعضاء الأكثر تشدداً فى المجلس الحاكم للبنك المركزى الأوروبى من أن تتبنى برنامجاً شاملاً للتيسير الكمى قد يقضى على الحافز الذى يحرك الحكومات للقيام بإصلاحات اقتصادية.
ولكن مسئولى الاتحاد الأوروبى يفضلون، فى الوقت الراهن، تركيز جهودهم على خطة استثمارية جديدة بقيمة 315 مليار يورو.
وعلى الرغم من أن برلين من غير المرجح أن تعبر عن اعتراضها على شراء السندات علناً، فمن المتوقع أن تواجه سياسة التيسير الكمى اعتراضاً واسع النطاق من قبل الدول الأعضاء الأكثر قوة فى منطقة اليورو.
ويشكل المعارضون ربع المجلس الحاكم، ويعترضون على التطورات الجديدة فى سياسة البنك المركزى الأوروبى بتحريك الموازنة العمومية للبنك إلى مستويات عام 2012 لتبلغ حوالى 3 تريليونات يورو.
وبينما تحدث غالباً مثل هذه المعارضات فى البنوك المركزية الأخرى، فمن المتوقع أن يتخذ المسئولون فى البنك المركزى الأوروبى القرارات بإجماع الآراء، وتبدو الخطوات الأكثر جدلاً، مثل شراء السندات السيادية، أكثر صعوبة دون دعم واسع النطاق.
ولا تزال خطط البنك المركزى الأوروبى لبرنامج شراء السندات قيد المناقشة، وبعيدة كل البعد عن الوصول إلى قرار نهائى بشأنها، ووقع جميع أعضاء المجلس الحاكم على بيان ينص على أنه إذا بدأ انخفاض أسعار البترول يشكل خطراً على توقعات التضخم أو جاءت تدابير البنك المركزى القائمة مخيبة للآمال، حينئذ سيكون تبنى برنامج أقوى للتيسير الكمى مبرراً.
ولكن معارضة أعضاء مجلس محافظى البنك قد تؤثر على تصميم برنامج التيسير الكمى بطرق عدة، منه قدرة المركزى الأوروبى على تقديم التزام غير محدد المدة لشراء السندات، وهذا من شأنه أن يحاكى الجولة الثالثة من التيسير الكمى التى أطلقها بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي، عندما اشترى البنك سندات بقيمة 85 مليار دولار حتى تحسن سوق العمل، ونظراً لأن هدف المركزى الأوروبى هو التضخم، فمن الممكن أن يربط مدة شراء السندات بتوقعات ضغوط الأسعار، ولكن أى رفض لتحديد حد أقصى لشراء السندات قد يثير الخلافات.
والقرار الآخر الذى قد يتأثر بالمعارضة هو شراء المركزى الأوروبى للسندات وفقاً لحصة كل بنك مركزى فى دول منطقة اليورو من إجمالى رأسمال البنك- الذى يتم تحديده وفقاً للناتج المحلى الإجمالى لكل دولة- أو وفقاً لنسبة السندات الحكومية المستحقة.
ويعنى شراء السندات وفقاً لحصة كل بنك مركزى فى دول منطقة اليورو من إجمالى رأسمال البنك أن التركيز سينصب على السندات الألمانية، فى حين سيكون الخيار الآخر فى صالح السندات الايطالية، ولكن شراء السندات الايطالية سيكون له تأثير جذرى على العائدات.