اليونان غير مؤهلة للاستفادة من التيسير الكمى
بعد أشهر من المناورات، أعلن البنك المركزى الأوروبى أخيراً عن خطط شراء السندات الحكومية فى محاولة راديكالية لمعالجة مشكلة التضخم الآخذ فى التراجع فى منطقة اليورو.
وكان رد فعل الأسواق فورياً، إذ ارتفعت توقعات التضخم، وهبطت قيمة العملة الموحدة، وارتفعت أسعار الأسهم والسندات، ولم يبد هذا الارتفاع أى علامة على التراجع منذ الإعلان عن خطط المركزى الأوروبي، رغم فوز حزب «سيريزا» المناهض للتقشف فى الانتخابات العامة فى اليونان، والذى يقلق البعض أن يزعزع الاستقرار فى المنطقة.
وقال اقتصادى لدى بنك «يو بى إس»، سوكى مان، إن الإجراءات الجريئة التى اتخذها المركزى الأوروبى خلقت نوعاً من النشاط المفرط فى الأسواق، لم يره أحد منذ الجولة الثالثة من التيسير الكمى فى الولايات المتحدة، كما أن تفاؤل المستثمرين من شأنه أن يعزز الأصول الخطرة لفترة من الوقت.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن سياسات تخفيف القيود النقدية التى تتبناها البنوك المركزية هى استراتيجية لا يقتنع بها الجميع، ولكن سرعة وحجم تحركات السوق يوضحان أن البنك المركزى الأوروبى تجاوز التوقعات.
ومنذ أن كشف المركزى الأوروبى النقاب عن خططه الخاصة بالتيسير الكمي، فإن التركيز ينصب حالياً على تفاصيل خطته، وما الذى سيقوم بشرائه بالضبط.
ومن خلال البرنامج، سيصبح المركزى الأوروبى منذ مارس المقبل اللاعب الرئيسى فى أسواق السندات، وسيشترى أصولاً بقيمة 60 مليار يورو شهرياً حتى سبتمبر 2016 على الأقل- وقد تمتد هذه الفترة إذا لم ترتفع معدلات التضخم.
وهذا المبلغ يشتمل على سندات البنوك المغطاة التى يمتلكها المركزى بالفعل، ويتضمن شراء الأوراق المالية المدعومة بأصول، وهذا يعنى أن مشتريات الحكومات والمركزى الأوروبى للسندات من السوق الثانوى تقترب من 50 مليار يورو شهرياً، وهو إجمالى أقل من تريليون دولار.
وأفاد بنك «أوف أمريكا ميريل لينش»، بأن غالبية مشتريات الحكومات والمركزى الأوروبى ستتضمن الديون السيادية التى تصدرها الدول فى منطقة اليورو، وسيبلغ إجمالى تلك المشتريات 5 تريليونات يورو إذا تضمنت أذون الخزانة قصيرة الأجل، و4.6 تريليون يورو إن لم تتضمنها.
بالإضافة إلى ذلك، سيحتوى برنامج المركزى الأوروبى على السندات المعدلة طبقاً للتضخم والسندات ذات العائدات السلبية والسندات فوق الوطنية التى تصدرها منظمات مثل آلية الاستقرار الأوروبي. وأفاد بحث أصدره بنك «أر بى إس»، بأن إجمالى تلك السندات يبلغ 420 مليار يورو.
ولن تكون مشتريات السندات متساوية بين جميع دول منطقة اليورو، إذ سيستخدم المركزى الأوروبى «دلالات رأسمالية» تعكس ثقل كل دولة الاقتصادى والديموغرافى داخل منطقة اليورو.
ويقول الخبير الاقتصادى لدى «كريدى أجريكول»، فريدريك دوكروزيت، إن هذا الأمر سيحابى أكثر دول القلب عن الدول الطرفية المثقلة بالديون.
وأوضحت تقديرات «دويتشه بنك»، أن السندات الألمانية التى تبلغ قيمتها 250 مليار يورو، سيتم شراؤها مقابل السندات البرتغالية التى تبلغ قيمتها 18 مليار يورو، فى حين أن سندات الدول التى ما زالت فى منتصف برامج حزمة الانقاذ، مثل اليونان، لن يتم إدراجها فى برنامج المركزى الأوروبى إلا إذا امتثلت لشروط البرنامج، ولم تتجاوز الحد أقصى من إصدار السندات الذى يبلغ %33، والحد الأقصى يعنى أن اليونان لن تكون مؤهلةً للاستفادة من برنامج المركزى الأوروبى ما لم تسدد ديونها المستحقة فى يوليو المقبل.
وسوف يعتمد نجاح برنامج شراء السندات على الطريقة التى سينتهجها حاملو السندات، إذ أشار رئيس قسم الدخل الثابت لدى بنك «إتش إس بى سي»، ستيفين ماجور، إلى المشكلة التى سيواجهها البنك المركزى الأوروبى حال حمل البنوك كمية أكبر من السندات، فسيكون هناك صعوبة فى إقناع تلك البنوك ببيع السندات مقابل النقدية فى الوقت الذى يسجل فيه سعر الفائدة على الودائع النقدية معدلاً سالبا، وإذا اختاروا فعلاً بيع السندات، فإن ما ستفعله البنوك بالعائدات سيحدد نجاح خطة المركزى الأوروبي.
وجزء من هدف التيسير الكمى هو التشجيع على الاستثمار فى الأصول عالية المخاطر ذات العائدات الأعلى، مثل سندات الشركات، ولكن ذلك سيعتمد على زيادة البنوك التجارية موازناتها العمومية، وعدم ترك العائدات فحسب لبنوكها المركزية القومية.
والبديل أن يقوم المركزى الأوروبى بالتقرب من مديرى صناديق إدارة الأصول وشراء السندات الخاصة بهم، وهذا من شأنه أن يؤدى إلى المزيد من الارتفاع فى أسعار السندات.