تيمور: انخفاض سعر العملة والفائدة سيسهم فى تنشيط الصناعة والسياحة
الفقى ينتقد الخفض ويتوقع أن يلوم صندوق النقد الدولى لمصر الأسبوع المقبل
اختلف الخبراء الاقتصاديون والماليون حول جدوى ودوافع تخفيض السعر الرسمى للعملة المحلية “الجنيه” فى هذا التوقيت الذى يشهد متغيرات اقتصادية مختلفة.
وفى مناظرة نظمتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أمس رأى الفريق المؤيد قرار خفض السعر الرسمى أن الوقت مناسب، فى ظل تراجع أسعار النفط العالمية، ما سيؤثر بالإيجاب على تقليل عجز الموازنة وزيادة الاستثمارات الأجنبية.
فى حين رأى الفريق المعارض أن القرار جاء مناقضاً لقرار خفض أسعار الفائدة مؤخراً، وسيؤدى إلى حدوث ضغوطات على معدلات التضخم فى الفترة المقبلة.
وتساءلت الدكتورة شيرين الشواربى، منسق عام الندوة، أمس، عن «الحاجة الملحة لخفض قيمة الجنيه فى الوقت الراهن، وما هى الظروف التى دفعت البنك المركزى لاتخاذ هذا القرار الأسبوع الماضى، والأهداف المتوقعة منه، بجانب مدى توافق هذه الخطوة مع التخفيض السابق فى سعر الفائدة».
قال محمد تيمور، رئيس مجلس إدارة شركة فاروس للاستشارات المالية، إن مصر لا تعانى ظروفاً خاصة، كما يدعى البعض، قائلاً «أرى أن تعديل سعر الصرف الرسمى مفيد جدا للمستثمرين، وكانت هناك طلبات سابقة بضرورة تحريك سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه، مشيراً إلى أنه خلال الفترة الماضة لاحطنا إقبالاً واضحاً، وتلقينا طلبات للاستثمار فى السوق المصرى من قبل المستثمرين«.
أضاف أن الشركة قامت بعمل حسابات على تأثير التعديل على عجز الموازنة، وميزان المدفوعات، والميزان التجارى، وأظهرت أنها مؤشرات إيجابية، فكلما زاد سعر الدولار ارتفعت الحصيلة من قناة السويس، والحصيلة الجمركية، وبالتالى تحسين الاختلالات المالية.
طالب بشجاعة أكبر فى التعامل مع الظروف الاقتصادية، مشيراً إلى أن قرار خفض الجنيه جاء لإنقاذ الصناعة المصرية.
أشار تيمور إلى أن تحريك أسعار الفائدة سيجعل مصر قادرة على زيادة الاستثمار، وسيقوم بتوفير خدمات سياحية، علاوة على زيادة التصدير ورفع دخل الفرد.
لفت إلى ضرورة وجود تتابع فى تحريك أسعار الصرف من فترة إلى أخرى دون تحريكها بشكل مفاجئ، ومرة واحدة، مضيفاً أن عمليات التعاقد التجارية تأخذ فى اعتبارها أسعار الصرف المرتفعة فى السوق السوداء، ما يعنى أن تأثير خفض الجنيه سيكون محدوداً للغاية، نتيجة التضخم فيما يتعلق بأسعار السلع الوسيطة.
فى السياق ذاته، قالت نيفين الطاهرى، رئيس مجلس إدارة شركة دلتا شيلد للاستثمار، إن فكرة خصوصية الظروف بالنسبة لمصر ليست مطروحة خاصة فى ظل الانفتاح العالمى، رداً على أن قرار رفع سعر الدولار لم يتخذ فى التوقيت المناسب.
أضافت أن الأولويات الاقتصادية يجب أن تنصب على توفير العملة الأجنبية، وليس تحديد سعرها، مشيرة إلى أن «المركزى» يراهن بهذا الإجراء على جذب استثمارات أجنبية مباشرة وزيادة معدلات النمو.
تابعت أن تقييم أسعار الخامات والسلع الوسيطة من قبل التجار والمستوردين تأخذ فى اعتبارها الأسعار المرتفعة للدولار، مشيرة إلى أن تحريك أسعار الصرف سيساهم فى تقليل الفجوة بين قيمة الصادرات والوارادات البالغة 30 مليار دولار.
أضافت أن تراجع أسعار الفائدة سيساهم فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ونموها فى الفترة المقبلة.
وعلى جانب فريق المعارضين، قال سلطان أبوعلى، وزير الاقتصاد الأسبق، إن الوقت ليس مناسباً لتحريك العملة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها الحكومة الانتقالية الحالية نتيجة عدم الاستقرار الأمنى بشكل كامل، وغياب الاستجابة لزيادة الإنتاجية، الأمر الذى أدى إلى إلغاء تعاقدات المصدرين لعدم التزامهم بمواعيد التوريد.
طالب المسئولين فى وزارتى الصناعة والاستثمار باتخاذ قرارات جريئة، وحل مشاكل المستثمرين لخلق الثقة لديهم قائلاً «لو عملنا الدولار بـ10 جنيهات بلن يؤتى ثماراً جيدة، خاصة فى ظل الظروف الحالية».
وانتقد أبوعلى فكرة غياب الخصوصية للاقتصاد المصرى قائلاً «%50 من الواردات تتمثل فى الغذاء، وبالتالى سيؤثر هذا القرار سلباً على محدودى الدخل والمواطنين، وسيساهم فى زيادة التضخم».
أكد أن تخفيض قيمة العملة لن يؤدى إلى زيادة الصادرات نتيجة غياب وجود إنتاج كبير بالسوق المصرى، مشيراً إلى أن عجز ميزان المدفوعات لن ينخفض بالشكل المرغوب نتيجة غياب المرونة فى الصادرات والواردات.
أضاف أن النظام الاقتصادى العالمى فى الدول النامية مثل مصر لابد أن يكون نظاماً قائماً على وجود فارق بين السعرين الرسمى وغير الرسمى لحين عودة النمو والتعافى، لافتاً إلى ضرورة وجود تسلسل فى الإجراءات، ودراستها بعناية، وعدم التعامل مع القرارات بمبدأ الصدمات، خاصة فى ظل وجود أولويات أخرى للحكومة أهم من تخفيض سعر الجنيه.
وفى السياق ذاته، قال فخرى الفقى، استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن الظروف المالية الحالية غير مناسبة لخفض قيمة الجنيه.
أضاف أن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بلغ 5.85 جنيه عقب ثورة 25 يناير بالمقارنة بـ7.50 جنيه حالياً،أى تراجع بنسبة %45، وبالتالى حدث بالفعل تراجع لقيمة الجنيه، وليس تصحيحاً للسعر كما يزعم الفريق المؤيد.
أكد أن قرار الخفض أدى إلى كثرة المضاربات، وعمل العاطلين، وأصحاب المحال التجارية الصغيرة فى تجارة العملة، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن فى ندرة الدولار.
وتخوف الفقى من انخفاض مستوى الاحتياطى النقدى عقب قرار خفض العملة، وتوفير الدولار فى السوق، ما سيؤثر سلباً على قدرة البلاد على سداد المديونيات، وبالتالى التأثير على التصنيف الائتمانى.
أكد أن التقييم الذى أجرته بعثة صندوق النقد الدولى مؤخراً، فى زيارتها، وضعت سلبيات على الاقتصاد منها سعر صرف الدولار، نافياً حدوث الثقة بتوحيد سعر العملة، كما يزعم البنك المركزى، باتخاذ إجراء الخفض.
تابع أن التقرير النهائى للصندوق سيتم عرضه الاثنين القادم فى مجلس إدارته، متوقعاً التعليق بالسلب على اتخاذ قرار «المركزى» الأخير بخفض قيمة الجنيه، قائلاً «أتوقع تقديمه اللوم لمصر».
أضاف أن اتباع «المركزى» سياسة التعويم المدار كان لابد أن يوفق عليه الصندوق مسبقاً، وفقاً للمادة الثامنة والملزمة باتباع سياسة تعويم الصرف، وأنه الهدف الأصلى للصندوق، مؤكداً أن مصر ليست جاهزة فى الوقت الحالى للخفض.
أكد الفقى أنه كان من الأفضل الانتظار لحين الانتهاء من مؤتمر القمة الاقتصادى لمعرفة حجم الاستثمارات التى يستهدف المستثمرون الأجانب ضخها فى السوق المصرى، داعماً فكرة تأجيل قرار الخفض من 3 إلى 6 شهور.
أضاف أن الاستثمار العربى هو اللاعب الرئيسى فى المؤتمر الاقتصادى المقبل خاصة، أنه يواجه عقبات فى الدول العربية الأخرى فى الوقت الراهن والسوق المصرى سيكون الملاذ لضخ أمواله به.
تابع أن المستثمر الأجنبى لا يأخذ قرار الاستثمار فى مصر دون دراسات دقيقة واضحة للأوضاع الاقتصادية الراهنة وتأثيرها فى المدى الطويل.
أضاف الفقى أن قرار خفض قيمة الجنيه جاء متضارباً مع سياسة سعر الصرف، وسيؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الأعباء على المواطن الفقير.