كيف تختار أفضل الجمعيات الخيرية لتمنحها اموالك ؟

يعد اتخاذ قرار بالتبرع للجمعيات الخيرية أمرا سهلا، لكن الجزء الأصعب هو أي هذه الجمعيات تختار لتمنحها مالك؟

ومع وجود أكثر من مليون منظمة خيرية في الولايات المتحدة وحدها، يصبح اختيار الجمعية المناسبة لتتلقي تبرعاتك السخية أمراً محيرا، فهل تختار جمعية خيرية قريبة من منزلك أم أخرى خارج البلاد؟ وهل تقوم بدعم جمعية معروفة أو أخرى لم يتسن لها شغل العناوين الرئيسية؟ وكيف لك أن تتأكد من أثر تبرعك؟
يوجد العديد من الطرق المختلفة لمساعدة جمعية خيرية، حيث يمكنك التبرع عبر الإنترنت، أو لأشخاص معروفين، أو التطوع بوقتك، أو دعم منظمة ما، أو أن تصبح راعيا لها.
ومع ذلك، فإن اخترت المساعدة، فدومًا هناك عاملان رئيسيان يؤثران على تبرعاتك، حسبما قال توم هول، مدير مؤسسة “يو بي إس” للأعمال الخيرية في المملكة المتحدة: “الناس يريدون مساعدة الآخرين، ويريدون أن تأتي قيمة الدولار بأفضل نتائج على الحياة الاجتماعية. وباختصار، يريدون الأثر الأكبر لأموالهم.”
اختارت “يو بي إس” التركيز على الأسباب التي تأتي بنتائج إيجابية للأطفال، حيث استخدمت دراسة قدمها جيمس هيكمان، الحاصل على جائزة نوبل، والذي أظهر أن معالجة تنمية الطفولة في وقت مبكر يعد أكثر المكاسب الاقتصادية والاجتماعية أهمية، وبالتالي تعظيم أثر التبرعات الخيرية.
وقالت كاترينا روزكويتا، مؤسسة مركز “هاي إمباكت فيلانثروبي”، وهو جزء من جامعة بنسلفانيا يعني بدراسة تأثير الأعمال الخيرية، إن أعمال العديد من المانحين تتأثر بشكل كبير بالتجربة الشخصية، مما يجعل التبرع ناتجاً عن أسباب قريبة من قلوبهم.
وقالت إنها تنصح أن يبدأ المانحون من حيث الغاية، “ما هو التغيير الذي يطمحون إلى رؤيته في العالم؟”، وهذا يمكن أن يعمل على توفير الرعاية مثلا لضحايا الإيبولا في غرب أفريقيا، أو مساعدة الأطفال المحرومين من القراءة في مدرسة محلية.
البحث والتدقيق
وينصح خبراء التبرعات الخيرية بأنه بمجرد الإنتهاء من اختيار الهدف، ينبغي أن تقوم بفحص المنظمة التي ستتلقى تبرعاتك.
وقالت مايا برابهو، مدير قسم الأعمال الخيرية ببنك “كوتس” البريطاني، عليك أن تطرح أسئلة من قبيل “هل تبدو استراتيجية تلك المؤسسة واضحة لك، ويمكنك أن ترى أي دليل على تأثير عملهم؟”
ويوصي هول بالنظر إلى مهارات فريق الإدارة العليا، ويضيف: “الحوكمة الرشيدة هي الأساس في أي مؤسسة خيرية تعمل بشكل جيد.” ويؤكد ذلك بقوله: “انظر إلى تركيبة مجلس الأمناء، وكم عدد أعضائه؟ وانظر إلى قاعدة المهارات الخاصة بكل عضو، وهل هم على بينة من القضايا التي قد تؤثر عليهم؟”
ويحذر الخبراء من أن يعتمد اختيارك لمنظمة خيرية بشكل جوهري على مستوى نفقاتها الإدارية، لأن حساب ذلك أمر صعب، نظرًا لاتساعه وتنوعه.
بالإضافة إلى ذلك، قالت كاترينا إنه يمكن لبعض المؤسسات غير الربحية أن تبرر ارتفاع نفقاتها، على سبيل المثال، إن كانت تستثمر في نظام تكنولوجيا المعلومات.
وتوجد أيضًا العديد من الأدوات عبر الإنترنت التي يمكن أن تساعدك في تحديد منظمة خيرية غير ربحية. ومن المنظمات الأمريكية: شبكة “غايد ستار”، التي تقدم معلومات عن أهداف واستراتيجيات وإنجازات المنظمات الخيرية.
وهناك أيضا “مستكشف المؤسسات الخيرية”، الذي يقيم المنظمات على أساس الكفاءة والشفافية؛ وأيضًا موقع “المنظمات غير الربحية العظمى”، الذي يقدم قاعدة بيانات كبيرة من آراء المستخدمين حول الجمعيات الخيرية.
امنح مالك قيمته
ومع ذلك، وأيا كان السبب، يتحد جميع المانحين في رغبتهم في تحقيق أقصى قدر من التغيير الإيجابي بإنفاق أموالهم، فهم يريدون إحداث فرق ملموس بما يقدمونه من تبرعات. إذاً، كيف لك أن تمنح مالك أكبر قدر من التأثير؟
من إحدى السبل لتحقيق ذلك هي الاستفادة من وجود اتجاه متزايد في القطاع غير الربحي، مثل التمويل الخيري الجماعي، إذ يتحد المانحون معًا لتمويل مشروعات أكبر محددة سلفا.
وتشمل مواقع الإنترنت التي تقدم فكرة التمويل الجماعي موقع globalgiving.org، وموقع piggbackr.com، وموقع fundly.com وموقع razoo.com.
وتمكن المنح التي تقدم من خلال هذه المواقع المانحين من المشاركة في مشاريع محددة تروق لهم، وفي كثير من الحالات، تزودهم بمعلومات عما أحرز من تقدم فيها، وذلك بإرسال التحديثات عبر البريد الإلكتروني لكل متبرع.
وقال هول إنه من خلال اختيار منظمة خيرية لا تتمتع باهتمام إعلامي كبير، يمكنك في الغالب أيضا أن تجعل تبرعاتك تصل إلى مزيد من الأهداف.
وأضاف أن مرضًا شائعاً مثل الملاريا، على سبيل المثال، سوف يتلقى تبرعات أكثر بكثير من تلك الخاصة بداء الكلب مثلا، مما يعني أنه غالبًا ما يأتي دعم لمثل هذه القضايا الأقل شهرة بنتائج إيجابية في وقت مبكر وبسهولة.
وقدم هول مثالًا على ذلك، وهو قيام أحد عملاء البنك بالتبرع بملغ وقدره 300 ألف دولار للمساعدة في القضاء على داء الكلب في جزيرة بوهول في الفلبين، واستخدم المبلغ في تمويل بحث جامعي قيم حول الأمراض المعدية، وبعد نشر هذه الدراسة في مجلة طبية، أعلنت الحكومة الفلبينية عن إلتزامها بتخصيص المزيد من التمويل للقضاء على داء الكلب في الجزيرة.
وقالت مايا أن تزايد أعداد الجهات المانحة يشجع أفراد الأسرة أو الأصدقاء على المشاركة لتحقيق أكبر قدر من التبرعات. وبجانب الدور الذي تؤديه مايا في تقديم المشورة للمستثمرين الأثرياء حول التبرعات الخيرية، تعطي مايا ابنها مبلغًا صغيرًا من المال كل عام للتبرع به لجمعية خيرية يختارها. وعندما كان يبلغ من العمر 8 أعوام، اختار جمعية خيرية تهتم بالدلفن.
وفي عيد الميلاد، اختار ابنها الذي بلغ سن المراهقة حاليًا بعد الكثير من البحث التبرع لجمعية مكافحة الإدمان، وهي مؤسسة خيرية تعمل مع الأشخاص المتضررين من الإدمان على المخدرات والكحول.
ماذا تجني من التبرع؟
قد تعود عليك منافع أكثر من الشعور بالطمأنينة من تبرعك بعدما تقدمه، سواء أكان ذلك لمكافحة مرض الإيبولا أو رعاية الدلفن، أو أي منظمات خيرية تختار.
إذ قد تزيد الإعفاءات الضريبية من قيمة تبرعك بتوجيه المزيد من أموالك مباشرة إلى المؤسسة الخيرية، وهذا يعني أنه عندما يحين الوقت لتقديم إقرار ضريبي شخصي، فسوف يُحصل مسؤول الضرائب مبلغا نقديا من مالك الذي تكتسبه بشق الأنفس.
وهناك أحد عشر دولة بارزة في نهجها السخي تجاه التبرعات الخيرية، إذ تقدم للأفراد إعفاءات ضريبية قيمة كهدية على تبرعهم للجمعيات الخيرية، حسبما جاء في دراسة عالمية أجرتها “مؤسسة تشارتيز إيد” ومكتب “ماكديرموت ويل آند إيمري” للمحاماة في الولايات المتحدة.
ومن هذه البلدان بلجيكا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وسويسرا، والولايات المتحدة.
وقد تكون الامتيازات ذات قيمة كبيرة، ففي سنغافورة، على سبيل المثال، يقلل التبرع بمبلغ 100 دولار أمريكي لإحدى الجمعيات الخيرية المحلية من خضوع دخلك للضريبة بنحو 250 دولار.
وفي الولايات المتحدة، إن كنت ضمن الشريحة الضريبية التي تدفع 33 في المئة، فإن التكلفة الفعلية لتبرع بقيمة 100 دولار تكون فقط 67 دولاراً.
وهناك أيضا أدلة تشير إلى حوافز ضريبية لتعزيز عملية التبرع في البلدان ذات الدخل المنخفض. وهنا يشير آدم بيكرينغ، مدير السياسة الدولية بمؤسسة “تشارتيز إيد”، إلى الدراسة التي توصلت إلى أن نحو 27 في المئة من الناس في البلدان منخفضة الدخل يتبرعون بانتظام لجمعيات خيرية، وهذا لوجود حوافز ضريبية، مقارنة بنحو 18 في المئة فقط من أولئك الذين لا توجد في بلادهم مثل هذه الحوافز الضريبية.
وفي الغالب لا تقوم الحكومات برد ما تبرعت به إليك مرة أخرى، ولذا عندما تقوم الحكومة بذلك، فإنها فرصة تستحق الاقتناص.

بى بى سى