3.5 تريليون دولار مدخرات المجموعات غير المالية فى الربع الثالث من 2014
منذ الأزمة المالية العالمية، كان هاجس صُناع السياسة يتمثل فى المستويات المتزايدة للديون الحكومية، ولكن مع استمرار النمو الاقتصادى فى العالمين النامى والمتقدم فى تخييب الآمال، بدأ الاهتمام يتحول إلى الجانب الآخر من الميزانية العالمية، ألا وهو أكوام النقدية الضخمة التى خزنتها الشركات خلال العقد الماضي.
واستهدف الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أوائل الشهر الجاري، 2 تريليون دولار من أرباح الشركات الأمريكية المحولة للخارج؛ لتجنب دفع الضرائب فى الوطن، مقترحاً ضرورة فرض ضريبة بنسبة %14 عليها.
وعلى الجانب الآخر من الأطلنطي، تحدث مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا، عن الحاجة لسياسة مالية فى منطقة اليورو تساعد على «إعادة تدوير» المدخرات الخاصة، مشيراً إلى أن اتحاد العملة يفشل فى موازنة الأكوام المتزايدة من نقدية الشركات والفرص الاستثمارية المربحة.
وسعت البنوك المركزية فى الاقتصادات الغنية إلى تثبيط الشركات عن الادخار من خلال تخفيض أسعار الفائدة، وإطلاق برامج لشراء الأصول، ولكن الفترة المطولة للأموال الرخيصة فشلت فى منع الشركات الكبرى عن صناعة دروع نقدية هائلة.
وأظهر بحث أجرته شركة «ديلويت» للخدمات المتخصصة، أنه فى الربع الثالث من العام الماضى ادخرت أكبر الشركات غير المالية فى العالم 3.5 تريليون دولار كاحتياطيات نقدية، مرتفعة بذلك من 1.8 تريليون دولار فى 2005.
وتمتلك الشركات الأمريكية وحدها نصف هذه الأرصدة النقدية، بينما تبلغ حصص اليابان وفرنسا وبريطانيا %13، و%7 و%6 على التوالي.
وبالنسبة للحكومات التى تسعى لتسخير هذه الموارد، هناك أداة أخرى ممكنة، وهى الأنظمة الضريبية. ويقول خبراء الضرائب، إن تغيير القوانين الحالية يمكن أن يشجع الشركات على الاستثمار أكثر، أو دفع أجور أعلى، أو توزيع النقدية على المساهمين من خلال زيادة الأرباح الموزعة.
وتمتلك الولايات المتحدة خياراً رئيسياً، وهو إلغاء إجراء فرض ضرائب على الأرباح العائدة إلى الوطن من الشركات التابعة فى الخارج، والحرص على قيام الشركات ببساطة بدفع الضرائب محلياً.
وتواجه الشركات الأمريكية ضريبة دخل فيدرالية بقيمة %35، وتعلق على ذلك جورجيا مافيني، الباحثة فى مركز جامعة أوكسفورد للضرائب التجارية، قائلة، إن نظام الضرائب الحالى فى الولايات المتحدة غير تنافسى بالمرة، وهذا ما يدفع الشركات الابتكارية لترك أموالها بالخارج.
وفى عام 2004، حاولت الولايات المتحدة إغراء بعض الأموال بالعودة إلى الوطن من خلال تمرير قانون «الاستثمار فى الوطن»، الذى سمح للشركات بإعادة أموالها للوطن بسعر ضريبة مخفض عند %5.25 لمدة عامين طالما أن هذه الأموال سيتم ضخها فى استثمارات جديدة، وخلق وظائف، أو تخفيض الديون.
ومع ذلك، ورغم إعادة 360 مليار دولار من الأرباح إلى أمريكا، فإن معظمها تم استخدامه لإعادة شراء الأسهم، وليس الاستثمار.
كما يمكن أن تقوم الدول بزيادة بدل الإهلاك، رغم أن الأموال المفرج عنها قد لا يتم استخدامها فى الاستثمار البنّاء.
وقال كليمينز فيوست، أستاذ اقتصاد فى جامعة مانهايم الألمانية، إن نجاح زيادة بدل الإهلاك يعتمد على الهدف منه، فإذا كان الهدف تعزيز الطلب على المدى القصير فهى سياسة جيدة، ولكنها ليست دائماً سياسة حكيمة إذا كان الهدف التأثير على القرارات الاستثمارية طويلة الأجل.
وذهب بعض صناع السياسة لأبعد من ذلك، فقد قامت كوريا الجنوبية العام الماضي، بتطبيق نظام ضريبة عقابى للشركات التى تحمل أكواماً نقدية ضخمة، فالشركات التى تزيد مدخراتها على 50 مليار وون (46 مليون دولار) سوف تدفع ضرائب زائدة بنسبة %10، إلا إذا أنفقت الدخل الزائد على الأرباح الموزعة، أو الاستثمارات، أو الأجور.
ويبدو أن هذه الخطوة نجحت إلى حد ما، حيث قامت بعض الشركات مثل «سامسونج إلكترونيكس» بزيادة الأرباح الموزعة والاستثمار، ومع ذلك يخشى الاقتصاديون أن يقدم ذلك نموذجاً للحكومات الأخرى.
وقال فويست، عن هذا النظام، إنه نظام معقد للغاية، وسوف يضيف طبقة أخرى من التعقيدات للقوانين الضريبية الحالية، موضحاً أن الحكومات لديها خيارات أخرى لتشجيع الاستثمارات مثل إزالة عدم اليقين بشأن التنظيمات المستقبلية والتى يمكن أن تدفع الشركات للإنفاق أكثر.








