القوانين ليست عائقاً أمام الاستثمار والمشكلة فى البيروقراطية
يجب تنمية عوائد القطاع العام لعلاج عجز الموازنة بجانب هيكلة الدعم
تعديلات قانون ضرائب الدخل غير واضحة وتحتاج إصلاحات
قال محمود سليم، رئيس بنوك الاستثمار بشركة “ إتش سى ” للأوراق المالية والاستثمار، إنه لا تخفى على أحد السلبيات التى تُحيط بالمناخ الاستثمارى فى مصر، والتى لا يجب إغفالها لكى تعمل جميع الأطراف على تدارك المصاعب، أملاً فى مستقبل أفضل.
وأضاف، خلال حواره لـ«البورصة»، أن السعى والتميُّز خلال أيام أوشهور غير كفيل بإحداث التغيير المطلوب على الوجه الأمثل، ورغم أن ما بذلته الحكومة بداية مُبشّرة على صعيد الإصلاح الاقتصادى إلا أنه لا يزال أمامها الكثير من التحديات الصعبة.
ومن وجهة نظره، يستهدف المؤتمر فى المقام الأول تعريف المستثمر بالتطورات التنموية، و الرؤية الاقتصاديه لمختلف القطاعات الاقتصادية وإتاحة الفرصة لالتقاء أطراف المعادلة الاقتصادية لطرح جميع وجهات النظر، وجميع التعديلات التى أجرتها الحكومة لجذب الاستثمارات قبيل المؤتمر، لا تستهدف المؤتمر بشكل أساسى، وإنما هى مُجرد تشريعات لتنظيم المناخ الاستثمارى على مدار العقود المُقبلة.
وقال إن جميع الإجراءات التى اتخذتها الحكومة قبيل انعقاد المؤتمر بأيام، كان يمكن تأجيلها لكى تخرج بشكل كامل سواء كانت تخص الاستثمار أو القوانين أو غيرها من المحفزات والإجراءات، لأن المستثمر لا يُعول على الإجراءات والقوانين التى تصدرها الحكومة قبل المؤتمر فحسب، وإنما يهتم أولاً بالتطبيق العملى على أرض الواقع والأداء الاقتصادى للدولة فى أعقاب المؤتمر وعلى مدار السنوات المقبلة.
أضاف أن معظم السلبيات ومعوقات الاستثمار التى تعمل الحكومة على إزالتها لن تتم فى غضون أيام وإنما تتطلب المزيد من الوقت والجهد، ولكن الخطوات التى اتخذتها الحكومة دليل على بدء العمل فى الاتجاه الصحيح ولا يزال الطريق طويلاً أمام تلك الإصلاحات.
وقال إن الحكومة المصرية تتبع إجراءات روتينية معقدة وغير واضحة فى أغلب مؤسسات الدولة، وخاصة فى استخراج التراخيص والموافقات، بالإضافة إلى عدم رغبة عدد من موظفى الحكومة فى اتخاذ قرارات حتى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية، بما يُكبّد المستثمر مزيداً من التكاليف والوقت فضلاً عن إضاعة مجموعة من الفرص.
أوضح أن كل تلك السلبيات وغيرها تسببت فى تغيير وجهة المستثمر العربى والأجنبى ليتجه إلى دول إفريقيا التى أصبح تمتلك مناخ استثمار أكثر جذباً من الاقتصاد المصرى، الذى يعانى مشاكل مُزمنة فى القوانين والإجراءات وتطبيقها، وأعطى مثلاً بقانون الضرائب.
وأَضاف أن هناك ازدواجية ضريبية على الشركات القابضة بسبب ضريبة توزيعات الأرباح بما سيُقلص من عمليات تأسيس الشركات القابضة داخل مصر، فضلاً عن تأخر إصدار اللائحة التنفيذية فيما يخص عمليات تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية بالبورصة من المستثمرين.
ورصد سليم عدداً من المعوقات تتمثل فى مشكلة تخصيص الأراضى وترفيقها ومشكلة حصول المشروعات بعد إنشائها على الطاقة اللازمة لتشغيلها، ما أدى إلى انخفاض إنتاج المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة وبالتالى لا ننتظر إنشاء أى مشروعات مثيلة خلال الفترة المقبلة، إلى جانب الانخفاض الحاد من قبل الحكومة فى استثمارات البنية التحتية من طرق وسكك حديد وموانئ وصرف صناعى وغيرها، وكذلك انخفاض مستوى مهارة الموارد البشرية المصرية.
وقال إن أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبى هى الأغذية والراعية الصحية والعقارات والطاقة والخدمات المالية، كما يجب التركيز على القطاع السياحى وإعادة تنشيطه لدوره الرئيسى فى تحريك كل القطاعات الاقتصادية.
أما المشاكل الخاصة بالمؤشرات الاقتصادية، فيرى أنها فى سبيلها إلى التحسن مع تعافى المناخ الاستثمارى وتشجيع الاستثمار وجذب مزيد من رؤوس الأموال، بالإضافة إلى الخطوات التى تتخذها وزارة المالية على صعيد الإصلاح المالى، واتجاه البنك المركزى إلى تحريك أسعار الصرف، والقضاء على السوق السوداء للدولار.
وعن استهداف الحكومية الوصول بمعدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى %3.5، قال إن تلك المستويات مازالت متدنية للغاية، ولا سبيل أمام الحكومة سوى الوصول إلى معدلات نمو تفوق %6 لتخفيض معدلات الفقر والبطالة من خلال تحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى.
وأعلن أشرف سالمان، وزير الاستثمار، مُنذ أيام، عن احتياج مصر إلى استثمارات محلية وأجنبية بقيمة 415 مليار جنيه لتحقيق معدل نمو يصل إلى %3.8، وسوف تساهم الحكومة بنحو 58 مليار جنيه فقط فى صورة استثمارات حكومية من خلال الموازنة العامة.
وعلى صعيد آخر قال سليم إن العجز المُزمِن فى الموازنة العامة للدولة، قد يتحسن بانخفاض أسعار البترول بما يقلل مصروفات دعم الطاقة، ولكن لا يجب التعويل كثيراً على الحلول المستوردة حتى لا تصبح الموازنة العامة للدولة رهن القرارات الاقتصادية الدولية.
وصرح هانى قدرى، وزير المالية، بإن الحكومة تستهدف خفض عجز الموازنة تحت %10 خلال 3 سنوات، ليصل إلى أقل من %5 خلال 5 أو 7 سنوات، وقال إن الدولة فى حاجة إلى موارد مالية تتراوح بين 10 و11 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية فى الموازنة العامة، تستهدف الحصول عليها فى صورة استثمارات أجنبية أو طرح سندات وأذون خزانة أو من إيرادات السياحة عند انتعاش القطاع.
ونصح سليم عند الاتجاه إلى تخفيض العجز بعدم التركيز فقط على تقليص المصروفات عن طريق تخفيض الدعم فحسب وإنما يجب النظر أيضا إلى زيادة الإيرادات الاستثمارية للحكومة وإعادة هيكلة القطاع العام الذى يمتلك أصولاً ضخمة ويتكبد خسائر سنوية كبيرة.
واتجهت الحكومة قبل أسابيع إلى رفع الضرائب على «السجائر» بنسبة 50%، بما يوفر عوائد يومية للدولة قُدرت بنحو 20 مليون جنيه تُمثل فرق زيادة الأسعار، بما يتراوح بين 5 و6 مليارات جنيه سنوياً وفقاً لحجم المبيعات.
أما على صعيد أعمال شركة اتش سى، فكشف سليم عن قيام الشركة، بترتيب نحو 9 عمليات استحواذ وطروحات خاصة داخل البورصة المصرية خلال الفترة الراهنة، منها عرض شراء شركة «تريكويرا» لشركة مينا فارم للأدوية، إحدى الشركات المقيدة بالبورصة، بالإضافة إلى زيادة رأسمال شركة الشرق الأوسط للزجاج بـ200 مليون جنيه، بالإضافة إلى 7 عمليات فى قطاع الأدوية والأغذية والتعبئة والتغليف والرعاية الصحية والأجهزة المنزلية، وبعضها فى مراحل المفاوضات والآخر يقوم بإجراءات الفحص النافى للجهالة.
وقال إن الشركة تتولى الترويج لمشروع «جمشة» العقارى بالمؤتمر الاقتصادى، ويقع خليج «جمشا» على مساحة 12 مليون متر، منها 8 ملايين متر متاحة للتطوير، وفى موقع جغرافى متميز قبل مدينة الغردقة بنحو 40 كيلومتراً، وقبل الجونة بـ20 كليومتراً، ولم تتحدد تكلفته الاستثمارية حتى الآن، حيث تتوقف على الشركات المنفذة ومراحل المشروع وغيرها من التفاصيل، وبدأت الشركة فى مخاطبة المستثمرين داخل وخارج مصر وبمنطقة الخليج مرحبين بفكرة المشاركة فى المشروع.
