عمرو الألفى: الزيادة السكانية وضعف الخدمات يمثلان فرصاً استثمارية كبرى للقطاع
يعد قطاع الصناعات الدوائية أحد القطاعات الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية والعربية خلال المرحلة المقبلة نظراً للزيادة المستمرة فى عدد السكان وارتفاع نسب الإنفاق على الصحة مع زيادة نسب الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والكبد، حسبما يرى محللون اقتصاديون.
وعلى الرغم من قلة المشروعات والاتفاقات الصحية التى تم عرضها فى مؤتمر القمة الاقتصادية منتصف الشهر الماضى قال المحللون إن الفترة المقبلة ستشهد تكالباً بين المستثمرين العرب والأجانب للاستحواذ على شركات أدوية ومستشفيات قائمة فى السوق المصرى أو إنشاء كيانات طبية جديدة فى محافظات الصعيد الأكثر افتقاراً للخدمات الطبية.
وعرضت وزارة الصحة مشروعين لتصنيع الحقن الآمنة ذاتية التدمير ومشتقات الدم محلياً باستثمارات تصل إلى 1.4 مليار جنيه على مؤتمر القمة الاقتصادية لكنها لم تستطع توقيع عقودها، كما قامت بتوقيع بروتوكولى تعاون مع شركة جنرال إلكتريك لإنشاء نظام معلوماتى لإدارة الخدمات الصحية فى مصر لتحسين الخدمات فى المستشفيات، وشركة سعودية بلجيكية للتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة باستخدام تكنولوجيا حديثة دون استخدام المحارق الملوثة للبيئة.
قال عمرو الألفى، رئيس قطاع البحوث بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، إن قطاع الخدمات الطبية يصنف ضمن القطاعات الاندفاعية والتى يصعب تحديد نسب نمو ثابتة له سنوياً.
«القطاع الطبى جاذب للاستثمار فى ظل نمو سكانى سنوى يصل إلى %2 وخدمات تأمين صحى غير كافية لعلاج الأفراد ما يجعله فرصاً استثمارية أمام أعين الدول العربية وخاصة فى ظل توافر الخبرات الطبية والكوادر العالية» يضيف الألفى.
واتفقت أمل شفيق، مستشار طبى بالبنك الدولى، على أن فرص الاستثمار فى القطاع الطبى مرتفعة فى ظل ارتفاع نسب التلوث البيئى واتجاه الحكومة لرفع مخصصات الدولة فى الإنفاق على الصحة.
وفقاً لبيانات الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014-2015، ارتفع الإنفاق العام على الصحة إلى 42،4 مليار جنيه، بزيادة نسبتها %26.6 على مخصصات الإنفاق العام على الصحة فى الموازنة الماضية والذى بلغ 33،5 مليار جنيه.
وتخطط الحكومة المصرية لرفع نسب الإنفاق على الصحة من الناتج المحلى الإجمالى خلال 3 سنوات وفقاً للدستور، ويبلغ الإنفاق العام على الصحة فى الموازنة الجديدة نحو %1.75 من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بنحو %1.64 فى الموازنة الماضية، ويبلع متوسط الإنفاق العالمى على الصحة %6.6 من الناتج العالمى عام 2010.
وتختلف نسبة الإنفاق العالمى على الصحة حيث تصل نسبة الإنفاق إلى %2 من الناتج القومى فى الدول الفقيرة، ونحو %3 فى دول الدخل المتوسط، وفى الدول الأفريقية جنوب الصحراء تم تخصيص نحو %2.9 من الناتج المحلى الإجمالى فيها للإنفاق العام على الصحة، وفى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تضم الدول العربية، تم تخصيص نحو %2.4 من الناتج المحلى الإجمالى للإنفاق العام على الصحة، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
«عدد المرضى يساوى ثلاثة أضعاف عدد الأسرة الموجودة بالمستشفيات، ما يجبر الحكومة على ضرورة استغلال المستشفيات المتعثرة وضخ استثمارات لتشغيلها أو الاتجاه لبناء مستشفيات جديدة لسد احتياجات المواطنين» حسب شفيق.
وتابعت مستشارة البنك الدولى: من الممكن زيادة نسب النمو فى القطاع الطبى حال إزالة الدولة أى عوائق أمام الاستثمارات الأجنبية وتعديل النظر إلى المنظومة الصحية والاهتمام بها.
وتتبنى وزارة الصحة والسكان استراتيجية جديدة تستهدف تطوير وتحسين الخدمة فى المستشفيات القائمة وتقليل الإنفاق على إنشاء كيانات جديدة، مع فتح المجال للشراكة مع القطاع الخاص للتعاون فى مجالى التطوير والإدارة الفترة المقبلة، حسب غادة نصر، مدير المكتب الفنى لوزير الصحة.
وتشير إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن السوق المصرى يضم 81 مستشفى جامعياً و632 مستشفى تابعاً لوزارة الصحة حتى عام 2013، ويبلغ عدد الأسرة فى المستشفيات 96 ألف سرير.
وعلى مستوى القطاع الخاص، أوضح الجهاز المركزى أن إجمالى عدد المستشفيات بلغ 937 مستشفى عام 2013، فيما بلغ إجمالى عدد الأسرة فى المستشفيات 26 ألف سرير.
وشهدت الفترة الماضية استحواذ شركات عربية وأجنبية أبرزها «أبراج» الإماراتية التى استحوذت على مجموعة من الكيانات الطبية مثل «القاهرة التخصصى» ومستشفى كليوباترا ومجموعة معامل البرج والمختبر.
وعن القطاع الدوائى بما يضم الأدوية والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل، يتوقع محللون أن يشهد استثمارات كبرى خلال الفترة المقبلة أسوة بقطاع الرعاية الصحية والمستشفيات فى ظل زيادة نسب إنفاق المصريين على الصحة وانتشار الأمراض المزمنة.
يقول عمرو الألفى، رئيس قطاع البحوث بشركة مباشر، إن استثمارات شركات الدواء فى مصر ليست كبيرة من حيث رأس المال نظراً لاعتمادها على الأدوية المثيلة وعدم وجود براءات اختراع لأدوية جديدة.
تابع: عدم وجود منظومة واضحة لسياسات تسعير وتسجيل الدواء فى مصر أدى إلى وجود فجوة بين معدلات النمو والإيرادات فى القطاع الخاص، وأن الحال لم يختلف فى شركات قطاع الأعمال عن الشركات الخاصة، فعلى الرغم من تحقيق شركة ممفيس التابعة للشركة القابضة للأدوية نمواً خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة %16 إلا أن الشركة حققت خسائر تصل إلى 12 مليون جنيه.
وحقق قطاع الصناعات الدوائية بما يضم شركات الأدوية والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل مبيعات إجمالية شاملة التصدير، بقيمة 62 مليار جنيه خلال العام الماضى 2014، حسب بيانات غرفة صناعة الدواء.
وسجلت صادرات القطاع الطبى 6 مليارات جنيه خلال العام الماضى 2014 بواقع 1.8 مليار جنيه للمستلزمات، و2.5 مليار للأدوية، و2.8 مليار للتجميل، وفقاً لبيانات المجلس التصديرى للأدوية.
ومن المستهدف رفع حجم صادرات القطاع بنسبة نمو %20 لتصل إلى 7.2 مليارات جنيه بنهاية العام الجارى، وذلك من خلال خطة للتوسع بالتصدير فى أسواق جديدة.
يقول محسن خلف، رئيس شركة ممفيس السابق- إحدى شركات القابضة للأدوية، إن المستثمر الأجنبى هو الأفضل والأقرب إلى الاستثمار فى القطاع الدوائى فى مصر، موضحاً «المستثمر العربى لن يضيف إلا أموالاً فقط لشراء مصانع، أما المستثمر الأجنبى فيقوم بإضافة منتجات جديدة ومبتكرة».
وتابع «لا يهم الدولة ضخ الأموال، لكن الأهم هو إضافة أدوية ومستحضرات طبية جديدة تعمل على تحسين الخدمات الطبية، فالدواء أمن قومى».
ويرى خلف أن الاستثمار فى القطاع الصحى يجب أن يكون عن طريق عقد شراكات بين الشركات المصرية والأجنبية التى من الممكن أن تضيف إلى قطاع الدواء.
وحقق قطاع الدواء منفرداً مبيعات إجمالية بقيمة 36 مليار جنيه خلال العام الماضى 2014 مقارنة بـ30 ملياراً العام الماضى، وتستحوذ الشركات متعددة الجنسيات على %58 من إجمالى المبيعات رغم إنتاجها %48 فقط من الوحدات نتيجة ارتفاع أسعارها مقارنة بالمحلى.
ويضم سوق الدواء 130 مصنعاً محلياً و6 أجنبية كبرى و20 مكتباً علمياً لشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى 800 شركة تجارية تصنع لدى الغير، وتعتمد تلك الشركات على استيراد أكثر من %90 من الخامات الدوائية.
وقال محمد سامى الحمبولى، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن فرص النمو فى قطاع المستلزمات الطبية جيدة جداً، وأن السوق جاذب جداً للاستثمار فى ظل زيادة عدد السكان التى تجعل مصر فى المرتبة الـ15 على مستوى العالم من حيث السكان.
«السوق يتمتع بقوة شرائية كبيرة إضافة إلى أن المنتج الأجنبى يجد سوقاً واسعاً بمصر فى ظل الاتفاقيات العديدة الموقعة عليها الحكومة والتى تمنح إعفاءات من الرسوم الجمركية وتسهيل الإجراءات، ما يساعد على جذب أكبر للاستثمار الأجنبى» حسب الحمبولى.
ولفت إلى أن مشاكل القطاع لم تتغير منذ 6 سنوات ولم تحل إلى الآن، حيث يواجه أزمات متكررة مع وزارة الصحة والإدارة المركزية لشئون الصيدلة، أبرزها تلك المتعلقة بتراخيص المصانع وإجراءات التسجيل والتضييق على الصادرات والتعنت فى الإفراج عن الخامات.
وقال إن شعبة المستلزمات الطبية تقدمت بمقترحات لوزارة الصحة لحل جميع المشكلات التى تواجه القطاع، وأن أهم مطلب لقطاع المستلزمات تطبيق المواصفة العالمية فى التعامل مع أطراف هذا القطاع.
ويضم قطاع المستلزمات الطبية نحو 210 مصانع باستثمارات تتجاوز 6 مليارات جنيه ويوفر 160 ألف فرص عمل، وفقاً لبيانات شعبة المستلزمات الطبية بالاتحاد العام للغرف التجارية.
وحقق قطاع المستلزمات الطبية مبيعات بقيمة 10 مليارات جنيه خلال عام 2014، والإنتاج المحلى يغطى %60 من احتياجات السوق المصرى من المستلزمات.
وقال ماجد جورج، نائب رئيس غرفة الأدوية وعضو شعبة مستحضرات التجميل، إن القطاع التجميلى جاذباً بشكل أكبر للاستثمار، وأشار إلى أن مبيعات القطاع شاملة مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية والعطور، ارتفعت بشكل كبير خلال العام الماضى 2014، حيث حققت 8.6 مليارات جنيه، مقابل 7.5 مليار عام 2013 بنمو %15.
أوضح أن شركات التجميل المحلية تصّدر نحو %30 من إجمالى إنتاجها، مشيراً إلى أن المنتجات المصرية نجحت فى اقتحام الأسواق الأفريقية خلال العام الماضى.
ويضم قطاع مستحضرات التجميل 84 مصنعاً مسجلاً بوزارتى الصحة والصناعة والتجارة، و150 مصنعاً خارج المنظومة الرسمية، بجانب 15 مصنعاً أجنبياً، والعديد من المكاتب العلمية لشركات أجنبية كبرى، علاوة على ما يزيد على 1200 شركة تجارية تصنع مستحضراتها لدى الغير.