محمد العريان: عوامل داخلية وخارجية وراء سياسة «الصبر».. ٪3 النمو المتوقع لـ2015
وأشار البنك إلى أنه على استعداد للانتظار بضعة أشهر أخرى- وربما فترة أطول من ذلك- قبل أن يتراجع عن برنامجه التحفيزي، ويرى محررو وكالة بلومبيرج أنه استنادا إلى أحدث بيانات الناتج والتضخم، فإن الصبر بالطبع هو السياسة الصحيحة.
ويقول محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمي، فى مقال له مع وكالة بلومبيرج، إن الاحتياطى الفيدرالى قلق بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وهذا القلق أكدته البيانات التى أظهرت ضعف النمو على نحو مفاجئ، إذ بلغت وتيرة النمو خلال الربع الأول من العام الجارى %0.2، وهذا القلق ينبع من عاملين، العامل الأول داخلى حيث ظلت شهية الشركات الأمريكية لتحمل المخاطر الاقتصاية منخفضة، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالاستثمار فى الطاقات الانتاجية والمعدات الجديدة، وهذا يتناقض على نحو صارخ مع حماسة تحمل المخاطر فى الأسواق المالية، وتردد المستهلكون فى استخدام الأرباح الناجمة عن انخفاض أسعار البترول لزيادة انفاقهم على السلع والخدمات الأخرى، كما تضررت الصادرات من ارتفاع قيمة الدولار منذ الصيف الماضي، كل ذلك بات أكثر وضوحا من خلال التأثير السلبى للعوامل المؤقتة فى الربع الأول بما فى ذلك سوء الأحوال الجوية وغلق الموانئ.
أما العامل الثانى فهو خارجى وأكثر تقلباً، نظرا لأن الظروف الاقتصادية غير المستقرة صاحبها سياسات قومية واتجاهات جيوسياسية محفوفة بالمخاطر، فأوروبا تتعامل مع أزمة اليونان، ولم تنفذ اليابان بعد عناصر الإصلاح الهيكلى التى يتضمنها برنامج التعافى الاقتصادى ذات «الأسهم الثلاثة» تنفيذا كاملا، أما فى الاقتصادات الناشئة، فالدول مثل البرازيل وروسيا مازالت تواجه مخاطر الهبوط، فى حين أن الصين ليست قادرة على استئناف دورها كمحرك للاقتصاد العالمي.
ويرى العريان أن موعد أول ارتفاع فى أسعار الفائدة غير محدد، فقد ترك الفيدرالى إمكانية رفع أسعار الفائدة فى يونيو على مائدة المناقشات، ولكن هدفه الحقيقى هو استعادة قدر كبير من المرونة، وهو ما يؤكد أن قراره يعتمد اعتمادا قويا على البيانات، والتاريخ الأرجح لرفع أسعار الفائدة هو سبتمبر، رغم أن ذلك أيضا غير مؤكد.
وبمجرد أن ترتفع أسعار الفائدة، سيبذل الاحتياطى الفيدرالى قصارى جهده لإقناع الأسواق بأن وتيرة الرفع المتتالية ستكون بطيئة وتخضع لتصحيح المسار، وخلال قيامه بذلك، سيحاول البنك مواجهة السلوك التقليدى للأسواق فى تسعير الفائدة التى قد تسود فى نهاية دورة رفع الأسعار، ونتيجة لذلك، فالتوجيه المستقبلى للسياسة النقدية من المرجح أيضا أن يشكل ضغوطا على وجهة أسعار الفائدة التى تعد دون متوسطاتها التاريخية.
ويقول العريان إن كل ذلك يجعل سببين منطقيين ومهمين لصبر البنك على رفع أسعار الفائدة، الأول، رغم أنه من المرجح أن يتعافى النمو وينهى العام بوتيرة سنوية تتراوح ما بين %2.5 و%3، فإن العرض والطلب سيعيقان التعافى الأقوى الذى من المفترض أن يحققه الاقتصاد وسيستمران فى إثارة المخاوف حيال الناتج المحتمل، ثانيا، من المرجح أن تظل الضغوطات التضخمية هادئة لفترة طويلة.
ويواجه الاحتياطى الفيدرالى معضلة أخرى، فتشديد السياسة النقدية التى تعد فضفاضة جدا سيجعل من الصعب الحول دون تحمل المخاطر المالية المفرطة التى من شأنها أن تكون مدمرة فى ظل غياب النمو الأقوى.
وبقدر رغبة الفيدرالى فى إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، فهذا لن يحدث فى أى وقت قريب، وعندما تبدأ تلك الفترة الاستثنائية من أسعار الفائدة المنخفضة جدا فى الانتهاء العام الجاري، فالأمر الذى من المرجح أن يعقبها هو دورة تجريبية وغير معتادة من الارتفاع الهائل المفاجئ فى أسعار الفائدة.
كتب: نهى مكرم
شيماء رأفت