بقلم: رولا خلف
خلال الأسابيع القليلة الماضية، سألتُ العديد من المسئولين الغربيين إذا كانت حملة القصف السعودية فى اليمن تسجل بداية تغير جوهرى فى سلوك الرياض، وهل ينبغى توقع سياسة اكثر عنفا من المملكة تحت حكم الملك سلمان المتوج حديثا، وهل اليمن ستكون الحرب الوحيدة التى تدخل فيها المملكة؟ وهل نحن أمام دولة سعودية جديدة؟
وكانت الإجابة واحدة فى كل مرة: نحن لا نعرف بعد.
وفى صباح يوم الأربعاء، فى توقيت غريب عند الساعة الرابعة فجرا بتوقيت الرياض، اقترب الملك سلمان قليلا من إعطائنا إجابة، وفى إعلان مدو، أقال ولى العهد الأمير مقرن، الذى كان مقربا من الملك الراحل عبدالله، ورقى نائبه، محمد بن نايف وزير الداخلية صاحب العقلية الأمنية لمنصب ولى العهد، والأهم من ذلك، والأكثر إثارة للجدل أنه عين ابنه المفضل الشاب، محمد بن سلمان، كولى ولى العهد بعد بن نايف.
وكانت رسالته: هذا عصر جديد فى السعودية.
كما تم الإعلان أيضا عن تغييرات حكومية مهمة، بما فى ذلك، استقالة سعود الفيصل، وزير الخارجية المحنك، ووجه السعودية المألوف بالخارج، واستبداله بفرد من خارج الأسرة الملكية، عادل الجبير، سفير المملكة فى واشنطن، وبذلك أنهى السيطرة الممتدة لعقود لفرع الفيصل فى العائلة على السياسة الخارجية للمملكة، كما عين عادل فقيه، وزير العمالة القدير، وزيرا للاقتصاد والتخطيط.
إذن، ماذا يمكن أن نستنتج من هذه التغييرات؟ دعونا نبدأ بالجانب الإيجابي.
أولا، انتهاء المخاوف الرئيسية المتعلقة بأن السعودية سوف تُحكم لعقود من قبل ملوك كبار فى السن ومرضى من خلال القرار الحاسم بالانتقال إلى الجيل الثانى فى عائلة «آل سعود».
وسوف ينتهى مسار الخلافة إلى أبناء بن سعود، مؤسس المملكة، عند الملك سلمان، وسيتولى بعده الأمراء الأصغر سنا ذوى المزيد من الطاقة والوقت للحكم (وللإصلاح كما نأمل).
ثانيا، اختيار محمد بن نايف سوف يلقى ترحيبا وارتياحا بالخارج، والداخل أيضا على الأغلب، خاصة بعد ظهور قدراته فى الحكومة، رغم أن أغلبها فى الجانب الأمني، كما انه المفضل عند المسئولين الأمريكيين والبريطانيين الذى أشادوا بشدة بحملته ضد مسلحى القاعدة.
وفى الداخل أيضا، يكن الشعب له الاحترام، وقال لى سعودى ذو اتصالات إنه سواء يتحدث نايف مع الليبراليين أو المحافظين، فهو يجعلهم يشعرون أنه واحد منهم.
ومع ذلك، تثير هذه التغييرات بعض التساؤلات، وهنا سنتناول الجوانب السلبية المحتملة:
أولا، تغيير مسار الخلافة الآن فعليا من الأب إلى الابن، بدلا من الأخ للأخ، وهذا ظهر فى الإشارة الواضحة من الملك من خلال تعيينه محمد بن سلمان كولى ولى العهد.
وبينما يعد هذا التغيير مفيدا لمستقبل السعودية، من غير المرجح أن يمر مر الكرام على أفراد الأسرة المالكة الأصغر سنا، وصحيح أن إقصاء ولى العهد السابق لا يمثل خطورة كبيرة على الملك، لأنه لا يتمتع بمركز قوة داخل العائلة، ولكن الأمراء الآخرين من الفروع المهمة فى العائلة قد لا يوافقون على قرارات الملك، وتعد السياسات المتعلقة بآل سعود مبهمة للغاية، إلا أن المحللين والمسئولين بالخارج سوف يراقبون أى لمحة عن الشقاق.
ثانيا، لا يمتلك محمد بن سلمان البالغ من العمر 30 عاما، والذى يتولى منصب وزير الدفاع حاليا، خبرة، وسوف يحتاج وقتا حتى يثبت نفسه، ويبدو أن تعيينه كولى ولى العهد محاولة للاستفادة من الحملة السعودية على اليمن، والتى قادها الأمير باعتباره وزير الدفاع.
ولا يعتقد الكثيرون خارج المملكة أن الحرب على اليمن قد آتت ثمارها المرجوة نظرا لتحقيق السعودية لعدد قليل من اهدافها المعلنة، ولكن هذه ليست وجهة النظر داخل المملكة، حيث تلقى الفكرة المجردة لتحدى إيران رواجا كبيرا، وقال أحد المحللين السعوديين إنه لم يقابل أحدا فى الداخل معارضا للحرب، وأضاف «يشعر الرأى العام السعودى بأن إيران أهانته، وأن حملة القصف وضعت حدا لحركة التوسع الإيرانية».
ثالثا، تركزت السلطة الآن فى أيدى رجال الأمن – محمد بن نايف، ومحمد بن سلمان– وتنحى سعود الفيصل وزير الخارجية القوي، وهناك مخاوف من أن يأخذ تأكيد الذات شكلاً من أشكال المواجهة فى وقت تتزايد فيه التوترات مع إيران، وبالنظر إلى الفوضى التى تعم الشرق الأوسط، تتطلع الحكومات الغربية إلى أن ترى المزيد من الدبلوماسية بدلا من استعراض العضلات من الرياض.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: صحيفة «فاينانشال تايمز»








