تعرضت إسبانيا لصعوبات كبيرة خلال الأعوام السبع الماضية، مع فقدان الوظائف، والتقشف، لتصبح إحدى أكبر ضحايا الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو.
وأوضح تقرير نشره موقع “سي إن بي سي” أنه في الوقت الذي يبدو فيه الاقتصاد الإسباني في طريقه نحو التعافي، مع توقع المفوضية الأوروبية بتحقيقه معدل نمو 2.8% في العام الجاري، و 2.6% في 2016، يظل معدل البطالة يؤثر سلبًا على الاقتصاد.
ووفقًا لهيئة إحصاءات الاتحاد الأوروبي، فإن واحدا من كل 4 أشخاص تقريبًا في إسبانيا لا يجد وظيفة.
وعلى جانب آخر، يشهد أحد القطاعات الاقتصادية في إسبانيا ازدهارًا ملحوظًا، حيث تقوم الشركات الإسبانية بالإشراف على أو تنفيذ العديد من أكبر مشروعات البنية التحتية حول العالم.
قطاع البنية التحتية
وتشمل مشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الشركات الإسبانية وصلة السكك الحديدية عالية السرعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، والنفق في الجانب الشرقي من مدينة “مانهاتن”، وتوسيع قناة “بنما”.
ويعتقد التقرير أن السبب وراء ازدهار هذا القطاع من الاقتصاد الإسباني، بينما تعاني باقي القطاعات للتعافي من أزمة العقارات، والركود الاقتصادي يمكن اكتشافه منذ 50 عامًا مضت.
وقال “وليام شسليت” محلل مساعد في معهد “إلكانو” الملكي إن أصول هذا النجاح المميز للغاية تعود إلى أواخر الستينيات، والسبعينيات من القرن الماضي، حينما بدأت في بناء الطرق ذات الرسوم المرورية.
وأضاف: “أنه في الوقت الذي تقوم به باقي الدول باستخدام شركات حكومية لبناء الطرق ذات الرسوم المرورية، فإن العديد من الشركات التي عملت على مشروعات البنية التحتية الإسبانية، والتي تم بناؤها لاستيعاب صناعة السياحة المزدهرة كانت مؤسسات خاصة”.
وأشار التقرير إلى أن الخبرة التي اكتسبتها شركات البنية التحتية الإسبانية نجحت في إفادتها جيدًا حينما أنشأت الدول الأوروبية علاقات اقتصادية وسياسية أكثر قربًا، حيث اتجهت العديد من الشركات الإسبانية للتوسع الخارجي عقب انضمام مدريد إلى الجماعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي حاليًا) في عام 1986، ثم منطقة اليورو في عام 1999.
مشروعات خارجية كبرى
ونجحت الشركات الإسبانية في الوقت الحالي في الفوز بعقود لمشروعات حول العالم، حيث أظهر تقرير نشرته وزارة التعاون والعلاقات الخارجية الإسبانية عن عام 2014 أن الشركات الإسبانية حصلت على مجموعة من المشروعات الدولية بقيمة تتجاوز 74 مليار يورو (83.6 مليار دولار أمريكي تقريبًا).
وتوسعت الشركات الإسبانية في مشروعاتها حول العالم، حيث تعمل شركة “فيروفيال” على مشروع “كروسريل” في لندن، وتحديث حوالي 20 كيلومترا من الطريق السريع في أستراليا.
كما حصلت شركة “أو إتش إل جروب” عبر شركتها التابعة في التشيك بتنفيذ مشروع بقيمة 1.5 مليار يورو، لتنفيذ خط سكك حديدية بطول 390 كيلومترا يربط بين “أوبسكاجا” و”ناديم” في روسيا.
نتائج إيجابية للاقتصاد الإسباني
ويرى ” شسليت” أن الشركات التي كانت عادة ستتعرض للانهيار أو المعاناة على أقل تقدير نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ضربت إسبانيا خلال الأعوام الماضية سجلت أداء مرضيًا، ولم تتجه لإلغاء الوظائف، بدعم نجاحها المستمر بالخارج.
وأشار إلى أن العديد من قطاعات البناء الصغيرة في إسبانيا تعرضت للانهيار، إلا أن الشركات الكبرى مثل “إيه سي إس”، و”إبرتيس”، و”ساسير”، و”أو إتش إل”، وغيرها تحولوا من نجاح إلى آخر.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من أن النجاح الخارجي للشركات الإسبانية لم يساعد على خلق العديد من الوظائف داخل البلاد، إلا أنه أدى لإضافة بعض الوظائف، مع اتجاه الشركات لتعيين أشخاص قادرين على إنجاز المشروعات المتفق عليها في الخارج.
كما منحت هذه الشركات إسبانيا “الهيبة”، و”الشعور بالفخر” أثناء واحدة من أكثر الفترات الصعبة في تاريخ البلاد الحديث.