بدايةً، الفيسبوك لديه إحصاءات أكثر دقة عن المواد التي تشاهدها علي الإنترنت من تلك الإحصاءات التي تخرج من وكالات أبحاث السوق التي تقيس حجم مشاهدات البرامج التلفزيونية والإعلانات وتفوُّق كل منها علي نظيره.
أعلن “فيسبوك” يوم 29 يونيو 2015 عن تغييرات جديدة في “خوارزميات” الأخبار التي تُعرَض لك علي الصفحة الرئيسية الخاصة بك News Feed.
حيث ستحدد نوعية المرئيات التي ترغب في مشاهدتها، وتقوم بتوصية مرئيات أخري شبيهة وعرضها في مقدمة صفحتك الرئيسية.
كيف سيتم ذلك؟ فيسبوك يقيس نوع المرئيات التي ترغب في مشاهدتها كالآتي: مجرد قيامك بالضغط علي الفيديو لمشاهدته، ولكم ثانية أو دقيقة شاهدته، متي اخترت مشاهدة الفيديو بدقة عالية HD، ومتي جعلت الصوت صامتا Mute (فربما يكون هذا مؤشرا علي أنك لا تملك سماعات رأس أو أنك تشاهده في العمل مثلاً)، وإذا كنت قد اخترت “تكبير النافذة Full Screen” أم لا.
كل هذا سيدخل في حساباته لتحديد مفضلاتك من المحتوي المرئي، ومن ثَم يعرض عليك المزيد من هذا النوع من المرئيات التي يشاركها أصدقاؤك، حتي لو لم تقم بالإعجاب أو التعليق علي الفيديو أو مشاركته، فبعد أن سأل فيسبوك مجموعات من الأشخاص وقام بتحليل مجموعة من البيانات، لاحظ فريق البحث أن الإعجاب أو التعليق من عدمه ليس مؤشراً حقيقياً لإبداء الاهتمام بهذا النوع من المحتوي.
في السنة الأخيرة، بدأ فريق عمل مقاطع الفيديو في فيسبوك يستوعب ما هي نوعية المقاطع التي يملّ منها أغلب مستخدميه، كالمقاطع الطويلة، كما قام بتحسين مشغل الفيديو نفسه، وأضاف أدوات لتحسين جودة المقاطع التي يرفعها المستخدمون، هذ التحسينات رفعت نسبة المشاهدات حتي وصلت اليوم لـ 4 مليارات مشاهدة علي “فيسبوك” في اليوم الواحد، بعد أن كانت 1 مليار مشاهدة فقط في سبتمبر الماضي. حتي أن مشاهدات مستخدمي الموقع للمرئيات تخطت مشاهداتهم للمحتوي النصي والمصور بمرور مارس الماضي.
منذ أسابيع قليلة مضت، كانت خوارزميات “فيسبوك” قد بدأت في تحديد مدة إبقاء نظرك كمستخدم علي كل منشور يُعرض أمامك. نفس الفكرة سيتم تركيزها علي محتوي الفيديو، سيبدأ بقياس المدة الزمنية التي استغرقتها لمشاهدة المحتوي المرئي، هل كانت 5 ثوان، أو 20 ثانية أو 96 ثانية، ويا حبذا لو شاهدت الفيديو في شاشة كاملة وبتقنية عالية الجودة HD، هل قمت بالتعليق علي الفيديو بأكثر من تعليق، وهل شاركته مع أصدقائك وكتبت فوقه كلمة “رائع!”؟
كل هذا سيكون مؤشرا ممتازا علي أن هذا النوع من المحتوي يلفت انتباهك.
هذه الميزة الجديدة تأتي بعد أن قام موقع فيسبوك بطرح خاصية تحليلات الفيديو داخل الصفحات (Page Admin Dashboard) مؤخراً، حيث تقدم لمديري الصفحات إمكانية معرفة عدد المشاهدات للمرئيات التي يقومون بنشرها علي صفحاتهم، ومعرفة مَا جاء عن طريق إعلان ومَا وصل للمحتوي المرئي بطريقة طبيعية، ومن زار الفيديو أكثر من مرة، ومقارنة الأوقات الزمنية التي قضاها الزوار لمشاهدة الفيديو، وهكذا.
إذا كانت هذه المؤشرات توضح لك كمدير صفحة، ما ينبغي عليك تقديمه لأعضاء صفحتك وما ينبغي أن تهتم به أكثر في المرات القادمة، فهذا ما سيقوم به فيسبوك مع جميع مستخدميه.
فيما يخص يوتيوب، فالبيانات الضخمة التي بحوزة فيسبوك الآن قد تعطيه ميزة يتنافس بها مع مشغل المرئيات الأول في العالم “يوتيوب”.
يوتيوب مبني علي أساس أنه المُستضيف للمرئيات التي تأتي من كل مكان علي الويب، وأنه الوجهة الأولي لمشجعي الفنانين أو الرياضيين لمشاهدة آخر فيديو قام نجمه المفضل بإصداره.
هو يتميز بكونه المكان الوحيد لمشاهدة أي شيء ترغب في مشاهدته، لذا أنت من المؤكد تعود إليه من وقت لآخر عندما تكون لديك الرغبة لمشاهدة شيء أو معرفة جديد من تتابعهم، وهو بالفعل يخصص لك صفحة تعتمد علي اهتماماتك، لكنه لا يغذيك بالجديد والمثير الذي يتداوله أصدقاؤك ويتكلمون عنه الآن.
أما فيسبوك فهو يُغذّيك بالجديد في لحظتها، ولديه مئات من الملايين من الناس يوجِّهون المحتوي بداخله، حوالي مليار وأقل من النصف بقليل يدخلون بشكل يومي، غالباً كل ساعة، ليشاهدوا الجديد الذي يشاركه أصدقاؤهم والصفحات التي يتابعونها، فهي ليست أي مقاطع فيديو وحسب.
فإذا كان “يوتيوب” يعتمد علي توصية المرئيات بحسب مقاطع الفيديو المشابهة لما تشاهده عليه الآن، فالفيسبوك يعتمد علي توصية الفيديوهات التي تهمك، والتي يشاركها أصدقاؤك وما يفرضه الواقع والأحداث من حولك، كما أن بإمكانه أن يعرف المرئي الذي يتشاركه مجموعة من الأفراد لهم اهتمامات معينة، ويوصي به لمجموعة أخري لها نفس الاهتمامات أو الموقع الجغرافي والاجتماعي نفسه!
سبب آخر يدفع “فيسبوك فيديو” إلي التفوق علي يوتيوب، هو ما أعلن عنه في الأول من يوليو 2015 عن أنه سيبدأ في تقاسم أرباح الإعلانات مع أصحاب محتوي الفيديو، بحيث سيحصل صاحب الفيديو علي نسبة 55% من عوائد الإعلانات علي المحتوي المرئي الذي يقوم برفعه علي الموقع، حيث سيتم اقتراح المرئيات التي تحمل إعلانات بين أخري مقترحة علي مستخدم الفيسبوك.
هذه الخاصية سيبدأها فيسبوك عبر تطبيقه iOS في الأسابيع القادمة، وستأتي تباعاً علي أندرويد والويب في الشهور التالية.
كل هذا يوضح أن تخصيص البيانات وتحليلها للاستفادة منها يعني مزايا جديدة واهتماما أكبر بالمستخدم يمكنه أن يضعك في سوق جديدة، منافسة “فيسبوك” لـ “يوتيوب” في مجال المرئيات كانت أبعد مما نتصور، إلا أنه وبفضل البيانات الضخمة التي يقوم فيسبوك اليوم بجمعها وتحليلها، والتحسينات التي يُدخلها باستمرار علي منتجاته الجزئية، يبدو أننا علي وشك تغيُّرات جديدة ستُربك تصوراتنا نحن عن الشبكات الاجتماعية التي نستخدمها.
هل سيخسر يوتيوب مكانته التي ظل لأعوام مسيطراً عليها؟
