يحتاج الرئيس الأمريكي إلي تأييد ثلث مجلسي النواب والشيوخ لتجنب استخدام حق الفيتو
اتخذ أوباما مساراً مناقضاً، فالمفاوض الحقيقي يضع نفسه مكان خصمه
بقلم: إدوارد لوس
أصبح لدي منتقدي الاتفاقية الإيرانية التي أبرمها باراك اوباما انطباع قوي بخسارة المؤامرة، إذ وصفها أحد الوزراء الإسرائيليين بأنها «من أحلك الأيام في تاريخ العالم»، وشبه الجمهوريون أوباما بنيفيل تشامبرلين، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق المحب للسلام، ويتفق الجميع على أن الاتفاقية التي أطاحت بثلثي القدرة النووية الإيرانية، وتجميد الباقي سوف تعجل بطريقة ما باليوم الذي تمتلك فيه إيرن قنبلة نووية، وخلال الشهرين المقبلين، قبل تصويت «كابيتول هيل» على الاتفاقية، سنسمع الكثير من هذا الكلام المنمق، ويصل الأمر إلي ما إذا كان الكونجرس يري أن إيران قادرة على التصرف بعقلانية أم أنها دولة خبيثة على نحو فريد فاقت أمريكا وشركاءها مكراً في غرفة المفاوضات.
وتعد الفرص أوفر بأن اتفاقية أوباما سوف تسود، إذ يحتاج الرئيس الأمريكي إلي تأييد ثلث مجلسي النواب والشيوخ لتجنب استخدام حق الفيتو- أي يحتاج إلي تصويت 43 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ و145 من مجلس النواب- ومع ذلك فالرهان ليس أكيداً إذ إنه سيواجه خلال الستين يوم المقبلين هجوماً من إسرئيل والسعودية وجميع مرشحي الرئاسة الأمريكية من الحزب الجمهوري، وبالإضافة إلي رؤية إيران من منظور المدمر، فالجميع لديه مزيد من الدوافع للرغبة في إحباط الاتفاقية.
وفي حالة المملكة العربية السعودية، فالمنطق بسيط، إذ تعد إيران المنافس الرئيسي للسعودية التي تتدعي التحدث باسم الأقلية الشيعية في المنطقة، الذي يعيش جزء كبير منهم في شرق المملكة الغنية بالبترول، وفي اللعبة الطائفية التي محصلتها صفر، فإن أي شيء يدعم إيران يعد سيئاً.
وتعتبر المعارضة الإسرائيلية أيضاً واضحة، فنظراً لأنها الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في المنطقة- رغم أن هذا الأمر غير معلن- فإنها ترغب في الحفاظ على احتكارها.
ويقول الإسرائيليون إن حقيقة أن الاتفاقية تؤجل نجاح إيران من شهرين إلي عام تعد راحة كاذبة، ومن خلال جلب دولة منبوذة من العزلة، فذلك على العكس يزيد من فرص إيران في أن تصبح دولة نووية في نهاية المطاف.
وأخيراً، يري الجمهوريون أوباما رئيساً ضعيفاً يهدد قوة الولايات المتحدة من خلال التحدث ببساطة مع دولة إرهابية، وتعد نوعية الاتفاقية غير مناسبة، وتتداخل بعض هذه الدوافع، فعلى سبيل المثال، يشارك بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، العداء الشخصي للحزب الجمهوري تجاه أوباما، وما يجمعهم هو رفضهم رؤية إيران قادرة على التغيير.
واتخذ أوباما مساراً مناقضاً، فالمفاوض الحقيقي يضع نفسه مكان خصمه، ونقطة الانطلاق بشأن إيران هي أن رغبتها في أن تصبح نووية تعد عقلانية تماماً، ووصفت أمريكا إيران بأنها جزء من «محور الشر» في عام 2002 عندما رغبت طهران في مساعدة الولايات المتحدة في أفغانستان عندما اشتركوا في عدائهم ضد طالبان.
وأشار أيضا محمد خاتمي، رجل الدين المعتدل الذي كان رئيس إيران آنذاك، إلي أن الاتفاقية النووية ممكنة، وإذا كان الرئيس جورج بوش استجاب له، لتوصل إلي اتفاقية أفضل بكثير، ولكن بدلاً من ذلك وصف إيران بالشر، ومن غير المثير للدهشة أن إيران صعدت من جهودها السرية.
وثانياً، يعد قرار إيران تفكيك برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية أمراً عقلانياً أيضاً، فمن غير المرجح أن تتخلي عن برنامجها النووي بكل سهولة، لكن هذا الأمر جاء بعد نحو عقد من الزمن من العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والتي جلبت اقتصاد البلاد على ركبتيه، ويعتقد نظام على خامنئي، المرشد الأعلى، أن ذلك سوف يعزز فرص بقائها على قيد الحياة.
ومن الممكن، كما يتوقع نقاد أوباما، أن إيران ستنفق الكثير من الأصول المجمدة التي تقدر قيمتها بنحو 100 مليار دولار على الوكلاء الإقليميين- وحزب الله في المقدمة- وماذا في ذلك؟ فحزب لله مقارنة بداعش وأمثالها، تعد جماعة منضبطة النفس، وفي عالم من الخيارات السيئة، فإن زيادة نفوذ حزب الله ثمن مقبول للاتفاقية التي تؤجل- وربما تقضي على- شبح سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط.
ومن المحتمل جداً أن تفشل الاتفاقية النووية، ولكن إذا حدث ذلك فسيكون بسبب إيران وليس الكونجرس، إذ ستكون هزيمة ذاتية للولايات المتحدة أن تدمر أهم عمل دبلوماسي لها خلال جيل.
المصدر: فاينانشيال تايمز








