المستشفيات الخاصة تستحوذ على 70% من الخدمات الطبية.. و”التأمين الصحى” يعيد “الحكومية” للمنافسة
بين مطرقة ارتفاع أسعار الخدمات الصحية بمستشفيات القطاع الخاص، وسندان الإهمال وضعف الخدمات بالمستشفيات الحكومية، يتكدس آلاف المرضى يومياً على الأرصفة فى انتظار العلاج.
وعلى الرغم من رفع الحكومة مخصصات الإنفاق على الصحة من 1.5% من الدخل القومى إلى 3% العام المالى الحالي، تطبيقا لنصوص دستور 2014 التى ألزمت الدولة بزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى لنحو 10% من الناتج الإجمالى فى 2016-2017، لكن التوقعات تشير إلى عدم تحسن الخدمات الطبية بالمستشفيات الحكومية الفترة المقبلة فى ظل استحواذ الأجور على قرابة 60% من إجمالى المخصصات.
وتبلغ مخصصات الإنفاق على الصحة فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015-2016 نحو 48.7 مليار جنيه، مقابل 42.3 مليار العام المالى الماضى، بزيادة 6.3 مليار، وخصصت الحكومة 4.4 ملياراً فقط لبند الاستثمارات، مقابل 6.5 مليار طلبتها الوزارة قبل إقرار الموازنة الجديدة.
وتسعى وزارة الصحة لتطوير قرابة 27 مستشفى العام الجارى وتنفيذ مشروع المستشفيات النموذجية فى 27 محافظة، لتوفير خدمة طبية للمواطنين غير القادرين على العلاج فى مستشفيات القطاع الخاص.
وبحسب تقارير صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تستحوذ مستشفيات القطاع الخاص على 70% من الخدمات الطبية المقدمة فى مصر، مقابل 30% للمستشفيات العامة والجامعية، وتشير التقارير إلى أن حجم الإنفاق السنوى على الصحة ارتفع بنهاية 2014 لما يقرب من 80 مليار جنيه.
“المواطن يذهب للمستشفيات الخاصة لأنها تقدم خدمات طبية جيدة مقارنة بمثيلاتها الحكومية.. ورغم ارتفاع الأسعار نحن نعالج نحو 70% من المصريين سنوياً”، حسبما قال علاء عبدالمجيد، رئيس غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات.
يرى عبدالمجيد أن ارتفاع تكاليف التشغيل وأجورالعاملين بالقطاع، يدفع المستشفيات الخاصة لزيادة أسعار خدماتها لضمان هامش ربح مناسب، يساعدها على مواصلة تطوير الخدمات.
وقال: الحكومة لديها كم كبير من المستشفيات، لكنها غير موزعة بشكل صحيح على جميع أنحاء الجمهورية، وأكد ضرورة عمل خريطة صحية للدولة تعمل على إعادة توزيع الخدمات الصحية لضمان وصولها للمناطق الأكثر فقراً.
وتوقع عبدالمجيد أن يجذب القطاع الصحى عدداً كبيراً من المستثمرين العرب والأجانب الفترة المقبلة، فى ظل الزيادة المستمرة فى عدد السكان، والحوافز التى تقدمها الحكومة فى قانون الاستثمار الجديد.
وقال خالد سمير، العضو المنتدب لمستشفى دار العيون، إن القطاع الخاص يستحوذ على النسبة الأكبر من الخدمات الصحية المقدمة للمرضى المصريين، خاصة فيما يتعلق بالخدمة الأولية “العيادات الخارجية”، وأوضح أن تلك النسبة تقل تدريجياً مع الخدمات العلاجية الثانية والثالثة المتعلقة بالإقامة داخل المستشفيات والعمليات الجراحية.
وأضاف “المواطن يضطر للجوء لمستشفيات القطاع الخاص للبحث عن العلاج على الرغم من ارتفاع اسعار الخدمات بها، لما تقدمه من خدمة أفضل مقارنة بالمستشفيات الحكومية التى تعانى من ضعف قدرتها الاستيعابية والعجز الشديد فى غرف العناية المركزة”.
وطالب سمير بضرورة تقليل الضرائب على المستشفيات وتخصيص الأراضى بالمجان والاهتمام بتدريب الأطباء وتطوير التأمين الصحى، لمساعدة المستشفيات الخاصة على تقديم خدمات طبية تناسب الحالة الاقتصادية للمواطنين.
وقال إن القطاع الصحى يحتاج إنشاء العديد من المستشفيات لمواجهة العجز فى معظم التخصصات الطبية لافتا إلى أن المنظومة الصحية بأكملها تفتقر إلى الامكانيات وتخصصات مثل المخ والاعصاب والقلب والجراحات الشبكية.
وقال علاء غنام، مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن مستشفيات القطاع الخاص تستحوذ على 70% من تقديم الخدمات الصحية بفضل جودة الخدمات التى تقدمها، مضيفاً “المستشفيات الخاصة تحظى بثقة المريض المصرى على الرغم من ان الاطباء المعينين بمستشفيات الحكومة هم نفس الاطباء بمستشفيات القطاع الخاص”.
وأشار غنام إلى أن حجم الانفاق على العلاج ارتفع إلى 80 مليار جنيه بنهاية العام الماضى، وأن هذه التكلفة تزيد بشكل سنوى وفق للمتغيرات التى تطرأ على المجتمع.
وطالب غنام بالتوقف عن إنشاء المستشفيات الحكومية الجديدة، والتركيز على تطوير الحالية وتنظيم واعادة هيكلة القطاع الطبى بشكل كامل.
هل يساهم التأمين الصحى فى خلق التوازن بين أسعار القطاع الخاص وجودة خدمات الحكومة؟
يعول الكثير من المواطنين على قانون التأمين الصحى الشامل التى تخطط الحكومة تطبيقه بالتعاون مع القطاع الخاص، نهاية العام الجارى، لتحسين الخدمات الصحية المقدمة.
وقال غنام إن قانون التأمين الصحى الشامل يعد الحل الأمثل لتطوير الخدمات الصحية للمريض المصرى، لما سيساهم فى تحسين الخدمات الطبية بجميع المستشفيات.
وعلى العكس قال خالد سمير، العضو المنتدب لدار العيون، إن القانون غير واقعى ولن يؤدى إلى حلول حقيقية تعمل على تقديم خدمات طبية افضل للمواطنين، مضيفاً “القائمون على الصحة فى مصر غير قادرين على تنفيذ القانون ويجب تعديله لأنه يحوى ثغرات كبيرة”.
فيما يرى علاء عبدالمجيد رئيس غرفة الرعاية الصحية أنه عند تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل فى الفترة المقبلة ستشهد تعاوناً وشراكة بين القطاعين الخاص والعام فى تقديم الخدمات العلاجية للمريض المصرى.
وقال إنه جار حالياً إعداد الصورة النهائية للقانون التى ستعرض على مجلس النواب القادم تمهيداً لإقراره بعدما انتهت اللجنة القائمة على قانون التأمين الصحى الجديد من إعداده وتمت مناقشته مع منظمات المجتمع المدنى والغرفة.
وتابع أن خطة الوزارة أيضاً فى تطبيق نظام التأمين الصحى الجديد “التأمين الصحى الشامل” سيجعل المريض هو المستفيد الوحيد من خلال تنافس المستشفيات المختلفة فى تقديم خدمات طبية أفضل.