قال الدكتور سون سونج مؤسس المجموعة الاستشارية وعضو لجنة التخطيط الاقتصادى فى كوريا الجنوبية، إنه فى عام 1964 بلغ الدخل القومى للفرد فى كوريا الجنوبية 67 دولار للفرد، وفى عام 1961 بلغ الناتج المحلى الاجمالى 2.26 مليار دولار، ثم تطور فى عام 2014 ليبلغ 24 مليار دولار.
وأضاف خلال مؤتمر الابتكار فى الحكومات، أن كوريا من أوائل الدول التى استخدمت التكنولويجا والانترنت، وتحولت كوريا فى ثمانينات القرن الماضى إلى دولة مانحة وليست دولة حاصلة على منح، وذلك بعد زيادة معدلات التصدير والتحول إلى الصناعات الالكترونية والصناعات الثقيلة.
وأشار أنه تم التحول من النظام السلطوى إلى النظام الديموقراطى، ما ساهم فى دعم جوانب النمو الاقتصادى، وخلال بداية الديموقراطية واسقاط النظم السلطوية يحدث بعض الإضطرابات التى يبدأ بعدهها الازدهار، وفى بداية الخمسينيات من القرن الماضى لم يكن لدى كوريا الجنوبية اى خيار واعتمد الاقتصاد الكوريى على الاقتصاد اليابانى كمستعمرة وكان هناك محدودية انتاجية وتدنى مستوى التعليم وبلغت الامية 33% فى الستينيات ونحو 10% نسبة الوفيات من المواليد، وكان معدل التضخم أكثر من 2000%، وكان الوضع اسوأ من غانا وموزنبيق وغيرها من الدول المشابهة آنذاك.
أضاف أنه فى مطلع الستينات تم التركيز فى البداية على التنمية الاقتصادية وقد حدث انقلابا عسكريا ركز بشكل اساسى على التنمية الاقتصادية وفى عام 1975، انضم “سونج” إلى تلك اللجنة ممثلا للمجتمع المدنى، وكانت تتمتع اللجنة بسلطات واسعة وتم تخصيص موارد مالية جيدة لوضع الخطط الاستراتيجية وكان هناك نفوذا وتأثير لتلك اللجنة على القطاع النقدى الائتمانى وكانت كل القطاعات والمؤسسات تلتزم بتلك الخطة.
واستطرد قائلا، إنه تم وضع عدد من الخطط الخمسية التى انتهت جميعها فى عام 1996، وتم تصميم معاير للعرض والطلب وتم تفعيل أداء السوق وبذلك تراجعت اختصاصات الحكومة مع توازن حرية السوق والسياسات الاقتصادية الحكومية، وتراجعت الحكومة عن التدخل فى اليات السوق للقضاء على الفساد، وفى الثمانينات لم تتمكن الشركات الكورية من تطبيق النظم الرقمية المستحدثة انذاك ولكن استطاعت الحكومة تخطى تلك الأزمة.
وأوضح أن الوضع اتسم هناك بنقص فى العمالة الماهرة ولكن كانت هناك ارادة قوية لتحسين الوضع الاقتصادى، ثم قامت الحكومة باعتماد واقرار استراتيجيات للتنمية الاقتصادية وكان السوق الكورى محدود للغاية لايسمح بوضع استراتيجيات وتطبيقها وتتطلب الأمر خلق مزيد من الطلب لدعم الصناعات والسوق الكورية وبالتالى اختارت الحكومة الكورية التركيز على بعض المجالات وقررت النفاذ إلى ايجاد طلب خارج الدولة من أجل التصدير وفتح الاسوال الخارجية ونمت بنسبة 8.5% ولكن كانت معدلات التضخم نحو 12% فى تلك الفترة.
واستكمل قائلا، إنه فى فترة السبعينات كان هناك احتياج لاعادة هيكلة القطاع الريفى الذى كان يتراجع مقارنة بالقطاع الحضرى الذى كان يعانى من نقص الوظائف وتم اطلاق حركة لدعم التيار والقطاع الريفى حتى أن رئيس الولايات المتحدة الامركية يستشهد بالتطوير المجتمعى الريفى الذى احدثته كوريا، وكان التركيز على قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة وكان هناك احتياج للتطور فى قطاعات اخرى وتم النفاذ الى القطاعات الكيميائية والصناعات الثقيلة بما دعم الوضع الصناعى فى تلك المرحلة رغم صعوبة التنفيذ التى واجهتها كوريا.
وقامت الحكومة بتخصيص المزيد من الموارد من أجل دعم العمالة ودعم القطاعات المستهدفة وتم اختيار سونج نفسه للقيام بدراسات خارجية مستفيدا من المنح الدراسية التى قدمتها الحكومة لابناءها، وكانت رواتب العاملين نحو 1000 شهريا، ولكن الحكومة استثمرت فى مواردها البشرية وكان مردود الاستثمار فى المواطن مرتفعا للغاية، وتم التركيز على المجال الهندسى ومجال العلوم والتكنولوجيا.
واستعرض رسما بيانيا للطفرة التى احدثتها كوريا فى التعليم الجامعى، وكيفية تمكن الاقتصاد من تحقيق تطور كبير ورغم ارتفاع معدلات التضخم الا انها كانت انعكاسا للطلب المتزايد، موضحا أنه فى حقبة الثمانينات واجهت كوريا تتطورا جديدا فى اطار العولمة العالمية وخفض التعريفات ونظم خاصة بمنظمة التجارة العالمية، وبالفعل كانت السياسات الحكومية اكثر مرونة وبعد حركة العولمة انخفضت عمليات تدخل الحكومة واصبحت تدخلات الحكومة مستحيلة بسبب مراقبات منظمة التجارة العالمية، وكان الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للحكومة ولكنها نجحت فى اجتياز المرحلة، الخاصة بالتحول للاقتصاد المفتوح.
كما تم تطوير البيئة الاقتصادية والتكنولوجية والبنية التحتية والنظم القانونية والقضائية لدعم المناخ الاستثمارى، وتخصيص الموارد وانخفض الاحتياطى الكورى إلى صفر فى اوقات الحروب، وتعرض المواطن لاهمال كبير وقام الشعب بجمع الذهب الذى يمتلكه لدعم الاحتياطى النقدى تلك هى العقلية الشعبية التى استطاعت النهوض بكوريا الجنوبية.
وتحدث “سونج” عن الظروف المواتية والعناية الطبيعية التى تميزت بها كوريا من خلال الوضع الجغرافى وغيرها من العوامل الطبيعة وكذلك مصر تمتلك ظروف مناسبة وأرادة مواتية للنمو التطور، وتمتلك حظا جيدا فى ظروفها ومواردها الكلية مثل كوريا الجنوبية.
وأكد على أن الخطة الحكومية المصرية 2030، تأخذ فى اعتبارها التجربة الكورية، كما يجب أن يكون هناك سياسات مناهضة للفساد لكى تنجح خطط التنمية، مشددة على ضرورة التطبيق والمتابعة أيضا، ومشاركة القطاع الخاص الذى يعتبر المحور الرئيسى للخطة حيث أن الحكومة وحدها لاتستطيع النهوض بالدولة.












