يعد الاقتصاد الإسبانى ، حالياً، إما إحدى العجائب وإما منطقة كارثية، وذلك يعتمد على الزاوية التى تنظر إليه منها، فالنمو الاقتصادى قوي، إذ بلغ أكثر من 3% العام الجاري، وتوقعات التوظيف توحى بالتفاؤل، مع توقعات الحكومة بتوفير 600.000 فرصة عمل فى عام 2015، وأسعار المنازل آخذة فى الارتفاع بوتيرة معقولة، وثقة المستهلك أعلى مما كانت عليه خلال ذروة الطفرة العقارية. ولكن بعد عامين من النمو الاقتصادى القوي، لا يزال الناتج المحلى الإجمالى فى إسبانيا أقل من مستويات ما قبل الأزمة، فأكثر من 1.5 مليون عامل يبحثون عن وظيفة، وتعد معدلات البطالة، التى تصل نسبتها إلى 22%، أحد أعلى المعدلات فى العالم المتقدم.
وارتفعت مستويات عدم المساواة بصورة كبيرة، فضلاً عن تزايد المخاوف من أن ملايين العاطلين عن العمل لن يجدوا طريقاً أبداً للعودة إلى السوق، وتركز أحد الآراء بشأن الاقتصاد الإسبانى على الناتج والتحول الأخير فى التيار الاقتصادي.
بينما تدرس وجهة النظر الأخرى إجمالى المشاكل الاقتصادية التى تراكمت خلال الأزمة، أو بعبارة أخرى، تسلط إحدى وجهات النظر الضوء على قوة التعافي، والأخرى على حجم التحديات المرتقبة.
ويقول جوان روسيل، رئيس جمعية أرباب العمل فى إسبانيا: «لا نزال فى بداية التعافى الاقتصادي، وما زال هناك العديد للقيام به، ولكننا ننمو بمعدلات كانت تبدو لنا مستحلية منذ عام».
وبالنسبة لروسيل، كان أداء قطاع الصادرات الأكثر تميزاً فى قصة التعافي، فما بين شهرى يناير ويوليو الماضيين، صدرت إسبانيا سلعاً وخدمات بقيمة 148.6 مليار يورو، وهو ما يعد ارتفاعاً يتجاوز 5% عن العام الماضي.
وأضاف روسيل، أن الصادرات تشكل الآن 35% من الناتج المحلى الإجمالى لإسبانيا، فى حين كانت منذ عشر سنوات 25% فقط من الناتج الإجمالي.
وأوضحت صحيفة فاينانشيال تايمز، فى تقرير لها، أن طفرة الصادرات تعكس تحولين مهمين خلال الأزمة، الأول هو الاستعادة التدريجية للقدرة التنافسية لإسبانيا ضد الدول الأخرى داخل منطقة اليورو، ويعود ذلك بشكل رئيسى لانخفاض تكاليف الأجور، وزيادة المرونة فى سوق العمل.
ويكمن العامل الثانى، الذى يفسر أداء الصادرات المميز، فى انهيار الطلب المحلى فى أعقاب أزمة العقارات، فالشركات التى اعتادت على بيع سلعها وخدماتها داخل السوق المحلى المزدهر، اضطرت فجأة إلى البحث عن مستهلكين خارج إسبانيا.
ومنحت الصادرات الدفعة الأولية للاقتصاد الإسباني، لكن الآن فإن الطلب المحلى هو المحرك الرئيسى لزيادة الناتج المحلى الإجمالي، ووفقاً للتوقعات الأخيرة للبنك المركزى الإسباني، من المنتظر أن يرتفع الاستهلاك الخاص 3.1% العام الجاري، واستثمارات الشركات 6.5%.
ومن المتوقع، أيضاً، أن ينمو الاستهلاك الحكومى 1% بعد سنوات من خفض الإنفاق القاسي، وتوضح غالبية التوقعات أن إسبانيا سوف تستمر فى نموها الاقتصاد القوي، وإن كان بمعدلات منخفضة.








