الأرقام تطرح السؤال: هل يعيش السوق أزمة مصطنعة؟
“السبع”: الأسعار سترتفع 2.5% بسبب “الأخضر”
“بلبع”: تكلفة استيراد المكونات زادت
مصدر فى “الأهلى المصري”: البنك ليست لديه قوائم انتظار طويلة
بينما يحذر عدد من خبراء قطاع السيارات ، من حالة ركود يعيشها السوق بسبب استمرار أزمة الدولار وارتفاع الأسعار، وزيادة قوائم الانتظار لاستلام السيارات .. كشف البنك المركزى عن ارتفاع فى عمليات استيراد السيارات ومكوناتها خلال 2015 بنسبة 113% مقارنة بالعام الماضي.
وتظهر الأرقام التى أعلنها البنك المركزي، توفير الدولار لقطاع السيارات بصورة أكبر مما حدث عام 2014 الذى لم يشهد ارتفاع أسعار السيارات مثلما يحدث الآن.
بداية، قال علاء السبع، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، رئيس مجلس إدارة مجموعة “السبع أوتوموتيف” للسيارات، إن أسعار السيارات سترتفع بنسبة قد تصل إلى 2.5% عن السعر الحالى، بعد القفزات السعرية للدولار خلال يومى الخميس والأحد الماضيين، وتسجيله 8.03 جنيه رسمياً، بينما أصبح سعره فى السوق الموازي 8.45 جنيه.
وأضاف أن الوكلاء والموزعين، يتجهون لشراء الدولار من “السوق السوداء” بأسعار مرتفعة، نتيجة إدراج القطاع فى ذيل قائمة فتح الاعتمادات المستندية، ما يعكس رؤية المسئولين الحكوميين، واعتبارهم أن السيارات من السلع الاستفزازية.
ولفت “السبع”، إلى أن الهدف الأساسى من خفض قيمة العملة أمام الدولار، بمثابة دعوة للمستثمرين الأجانب لضخ استثماراتهم بالسوق المصري. لكن عدم خلق بيئة استثمارية حقيقية قبل اتخاذ تلك القرارات، سيوقف الاستثمار فى قطاع مثل قطاع السيارات.
وكشف أن مبيعات السيارات انخفضت العام الحالى بنسبة تصل إلى 11% عن مبيعات العام الماضي، نتيجة قرارات البنك المركزى بوضع حد أدنى للإيداع النقدي، موضحاً أن القطاع كان ينتظر تحقيق نمو فى المبيعات يتجاوز 30% خلال 2015، مقارنة 2014. وبعد فرض قيود شديدة على فتح الاعتمادات المستندية انخفضت المبيعات منذ مطلع العام الحالى عن المستهدف تحقيقه.
وطالب “السبع” محافظ البنك المركزى بتوفير العملة لاستيراد السيارات ومكوناتها كما يحدث مع باقى السلع، وألا يتم التعامل مع السيارات على أنها سلعة ترفيهية واستفزازية، مضيفاً أن “من حق كل مصرى أن توفر له كافة مستلزماته، وإن لم تستطع الدولة توفير العملة لاستيراد السيارات فعلى الدولة توفير منظومة نقل محترمة تستطيع أن تنقل المواطن من وإلى أى مكان فى مصر”.
وأوضح أن قطاع السيارات يمثل 62% من إجمالى ما تحصله مصلحة الجمارك من رسوم على السلع المستوردة، بينما تمثل الرسوم الضريبية والجمركية من قطاع السيارات 14 – 15% من الناتج القومى للدولة.
وقال حمدى عبدالعزيز، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات لـ”البورصة”، إن مشكلة قطاع السيارات لا تتمثل فى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه فقط، وإنما المشكلة الحقيقية التى تقف عائقاً أمام القطاع من مصنعين وتجار، هى صعوبة الحصول على الدولار نفسه.
وأوضح أنه بعد الإجراءات التى فرضها البنك المركزى للقضاء على السوق الموازي، تم اعتبار السيارات سلعةً ترفيهيةً وليست أساسيةً، ووضعها فى نهاية قائمة انتظار الاعتمادات المستندية لاستيراد مكونات تدخل عمليات التصنيع المحلي، أو استيراد السيارات الكاملة للوفاء بطلبات العملاء.
وكشف أن تأثير ارتفاع الدولار أمام الجنيه سيكون محدوداً، متوقعاً ارتفاع سعر السيارات بنسبة 1 إلى 2%.
ونفى أن يكون انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار هو الدافع الذى سيجذب مستثمرين للسوق المصري، موضحاً أن ما يشغل أى مستثمر فى أى قطاع، حالياً، هو “البيروقراطية”، وهى وحدها تكفى لهروب المستثمرين، علاوة على صعوبة الحصول على أرض لبناء مصنع عليها، فى حين بدأت معظم دول العالم منح المستثمرين الأراضى بالمجان مقابل إنشاء مصنع وجذب عمالة.
يضاف لذلك، عدم توحيد سعر صرف للعملة، ما يرمى بظلاله على أى قرار للمستثمرين بدخول السوق.
وأضاف عبدالعزيز، أن القرارات التى اتخذها البنك المركزى بداية فبراير الماضي، من فرض حد أقصى للإيداع الدولارى فى البنوك بقيمة 10 آلاف دولار يومياً، و50 ألفاً شهرياً، جعلت من الصعوبة على المستثمر الأجنبى نقل أرباحه خارج مصر.
وتوقعت شعبة السيارات بغرفة تجارة الجيزة، أن تدخل أسعار السيارات فى سلسلة ارتفاعات متوالية خلال الـ3 أشهر المقبلة، نتيجة زيادة سعر الدولار إلى 8.03 جنيه رسمياً، واستمرار أزمة فتح اعتمادات مستندية.
وقال عمر بلبع، رئيس الشعبة لـ”البورصة”، إن ارتفاع سعر الدولار يغمس القطاع فى حالة من الركود قد تطول.
وأوضح أن ارتفاع الدولار، سيدفع شركات السيارات إلى رفع سعر البيع فى ظل صعوبة فتح اعتمادات مستندية للاستيراد، مشيراً إلى انخفاض العرض عن الطلب خلال الفترة المقبلة.
وأضاف “بلبع”، أن استمرار أزمة الدولار يدفع الوكلاء والموزعين لبيع السيارات بأكثر من ثمنها الحقيقى فى السوق العالمى، وتنتشر ظاهرة “over price”، وفى النهاية يتحمل المستهلك أعباء تلك الأزمة.
ولفت إلى أن مصنعى السيارات المحلية سيرفعون أسعار السيارات المجمعة بالداخل، لارتفاع تكلفة استيراد المكونات وقطع الغيار، وبالتالى زيادة أسعار السيارات المحلية.
وقال مسئول بقطاع الائتمان بالبنك الأهلى المصري، إن البنوك لم تتوقف عن فتح اعتمادات مستندية لقطاع السيارات، والذى يمثل أهمية كبيرة لها، إذ إن لديها أولويات بقوائم الانتظار.
أضاف أن هناك تعليمات من البنك المركزى تلزم البنوك بإعطاء الأولوية للسلع الاستراتيجية، والتى تسهم فى خفض التضخم ومواجهة ارتفاع السلع الغذائية بالسوق المحلى، وفى الوقت نفسه لم تتوقف عن فتح أى اعتمادات مستندية للسيارت.
وأكد أن قطاع السيارات من القطاعات المهمة التى تحظى باهتمام كبير من جانب البنوك، مشيراً إلى البنك ليست لديه قوائم انتظار طويلة لقطاع السيارات، بل توجد بعض الشركات التى لم تستكمل أوراقها، لذا لم يبت فى طلباتها.
وأشار إلى أن إجمالى التسهيلات الائتمانية لقطاع السيارات بالبنك بلغ حوالى 400 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالى، مشيراً إلى أن هناك تسهيلات قيد الدراسة بحوالى 150 مليون جنيه سيتم البت فيها خلال شهرين.
اضاف المسئول، أن مشكلة نقص السيولة الدولارية بمصر لعبت دوراً مهماً فى تقليص فتح مزيد من الاعتمادات المستندية لجميع قطاعات الدولة، ولم يقتصر الدور على قطاع السيارات فقط، موضحاً أن البنك المركزى المصرى أصدر تعليمات مؤخراً تلزم البنوك بعدم منح أى تسهيلات ائتمانية لغير السلع الاستراتيجية من العطاءات الاستثنائية التى يتم طرحها أسبوعياً، وضرورة توجيهها إلى السلع الاستراتيجية فقط، وهذا القرار ساهم فى خفض توجيهات البنوك لقطاع السيارات لكونها ليست من السلع الاستراتيجية.
فى المقابل، قال رأفت مسروجة، الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات “الأميك”، إن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه برىء تماماً من ارتفاع سعر السيارات فى الوقت الحالي، كاشفاً أن معظم شركات السيارات، إذا اتجهت لاستيراد سياراتها والمكونات وقطع الغيار، فإنها تتعامل بـ”اليورو”، والأخير يشهد انخفاضاً واضحاً أمام الجنيه.
وأكد “مسروجة”، أن معظم الشركات تتجه لرفع أسعار سياراتها متعللة بارتفاع سعر الدولار، فى حين أن تلك الشركات ما زالت تبيع من مخزونها، وإذا أقبلت على الاستيراد من الخارج فإنها تتعامل بالعملة الأوروبية لتفادى مشكلة الحصول على الدولار.
وأضاف أن الشركات تبيع سياراتها بسعر غير حقيقى، ما يدفع لبيع السيارات بأعلى من سعرها أو ما يعرف بظاهرة “أوفر بريس”، فيما يعطى للشركة إشارة بأن السيارة تشهد إقبالاً كبيراً من العملاء.
وعندما يرتفع سعر السيارة، ترصد الشركة انخفاضاً فى طلبات الشراء، ومن ثم تتجه لطرح عروض تخفيض على السيارات، كإجراء تصحيحى لخطأ تسويقى ارتكبته الشركة فى حق العملاء والسيارة أيضاً.
وسبق أن علمت “البورصة”، أن رئاسة مجلس الوزراء كلفت مجموعة عمل، برصد أسعار السيارات خلال العام الحالى، ومقارنتها بالعام السابق والتعرف على أسباب ارتفاع الأسعار، ومن ثم اتخاذ قرارات جديدة لمعالجة ارتفاع الأسعار.
كما سبق، أن قال الدكتور رؤوف غبور، رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لشركة “جى بى أوتو غبور” لـ”البورصة”، إن أسعار السيارات ستشهد ارتفاعاً فى ظل استمرار انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.
وأضاف “غبور”، أن العاملين فى القطاع لا يمكنهم تحمل الارتفاع فى الضرائب والجمارك بشكل كامل عن المستهلك، مؤكداً: “بداية العام كان سعر الدولار 7.12 جنيه، لكن فى الوقت الحالى وصل سعره لأكثر من 8.03 جنيه رسمياً، ويجب أن يترجم ذلك إلى زيادة فى الأسعار حتى يكون هناك توازن فى الأرباح للعاملين فى القطاع”.
وقال هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى السابق خلال مشاركته فى اجتماعات مجموعة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ببيرو الأسبوع الماضي، إن الاحتياطى من النقد الأجنبى ينخفض، وأى دولة تمر بحالة اقتصادية مثل تلك التى نمر بها فى مصر، يجب أن تكون لديها أولويات، والبنك المركزى لا يطبع الدولار، وإنما يديره لما يحقق أولويات الاقتصاد المصرى.
وأضاف رامز: “على سبيل المثال أعلنا عن استيراد الشركات المصنعة للسيارات كبيرة الحجم ما قيمته 3.2 مليار دولار هذا العام، مقارنة بأقل من 1.5 مليار العام الماضى، وهذا رقم قياسى جديد، والغريب أن أسعار السيارات ارتفعت رغم انخفاض اليورو أمام الجنيه، وانخفاض قيمة الجمارك، ما يعنى أن الأسعار مبالغ فيها، أى ارتفعت بنسبة 113%”.