وحدهم أبطال هاري بوتر يمتلكون عصا سحرية وعندما تواجههم مشكلات ما عليهم إلا توجيه العصا والنطق بتعويذة غريبة لا تنتمى لأى لغة، فيسقط الأشرار وتفتح الأبواب المغلقة، أما محافظ البنك المركزي الجديد يواجه مشكلات حقيقية تحتاج العمل والتحدث بلغة يفهمها الجميع لوضع قواعد الخروج من الأزمة.
وأبدى الكثيرون ترحيبهم بالمحافظ الجديد بمجرد الإعلان عن اسمه، وارتفع سقف التوقعات مباشرةً نظراً لتاريخه المعروف.
وهو ما يضع طارق عامر، المحافظ الجديد فى أزمة ارتفاع سقف الطموحات ويدفعه للتفكير فى «كيف يصبح هارى بوتر؟».
فالأزمات ليست وليدة لفترة تولى هشام رامز، وإنما هى تراكم لأوضاع سياسية واقتصادية سلبية، بدأت منذ 2011، وتغيير تلك الأوضاع لا يستلزم، فقط، تولى محافظ لديه خبرات وقدرات كبيرة بقدر تطلبه سياسات وإجراءات قادرة على تعديل الموقف للأفضل.
وتستمر أزمة توفير النقد الأجنبي التى تفاقمت خلال الشهور الأخيرة فاقداً 3.7 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الجارى ليفقد 1.7 مليار دولار من قيمته سبتمبر الماضى، ويسجل 16.33 مليار دولار، وهو أكبر تراجع له منذ بداية العام.
وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية بنحو 20.3 مليار دولار منذ ثورة يناير 2011، وحتى الآن، لكن مصر تلقت أكبر مساعدات خارجية منذ حرب الخليج الثانية، والتى بلغت نحو 18 مليار دولار تقريباً.
وقال هانى جنينة، محلل مالى ببنك الاستثمار فاروس، إن هناك ثقة بقدرات وخبرة طارق عامر، المحافظ الجديد للبنك المركزى، لكنَّ تغيير المؤشرات الراهنة ليس باليسير. وأضاف «جنينة»، أن تغيير محافظ البنك المركزى خطوة إيجابية، ولكنه لا يملك عصا سحرية لتغيير الواقع، وإنما هناك أزمات اقتصادية حقيقة تتطلب تكاتف جهات عديدة على رأسها الحكومة لإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويرى «جنينة»، أن هشام رامز، محافظ البنك المركزى السابق قطع مسافة كبيرة نحو الوصول للسعر المتوازن للعملة المحلية، متوقعاً استكمال «عامر» سياسة خفض الجنيه مع الأخذ فى الاعتبار التأثيرات السلبية للقرار.
وأكد «جنينة» أهمية الخبرة فى إدارة منصب قيادى كمحافظ للمركزى، مشيراً إلى أنه لا يمكن فى نفس الوقت تجاهل الحقائق الباقية كتراجع الاحتياطى، وارتفاع الدولار وضغوط الدين.
كما تستمر أزمة تسعير العملة المحلية واتساع الفارق بين سعر الدولار فى السوقين الرسمى والموازى بقيمة تجاوزت 50 قرشاً فى بعض الأيام، على الرغم من تعدد الإجراءات التى لجأ لها هشام رامز خلال الأعوام الثلاثة التى تولى فيها إدارة البنك المركزى.
وفقد الجنيه 19% من قيمته أمام الدولار خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ليصل إلى مستواه الحالى البالغ 8.03 جنيه.
ويطرح البنك المركزى 120 مليون دولار دورياً خلال 3 مزادات أسبوعية بخلاف عدد كبير من العطاءات الاستثنائية التى تراوحت قيمتها بين 300 مليون دولار و1.5 مليار دولار.
وقال محلل مالى بأحد بنوك الاستثمار، إن تغيير محافظ البنك المركزى مجرد إجراء ضمن إجراءات مرتقبة تتبع التغيير، مشيراً إلى أن جزءاً من الأزمات يتطلب فترات طويلة وجزء آخر يتطلب قرارات سريعة لتعديل الأوضاع.
أضاف أن ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبى بمعدلات آمنة يحتاج فترة طويلة لزيادة معدلات الإنتاج، ودعم الصادرات ونمو السياحة وجذب الاستثمارات المباشرة، وكلها خطوات تحتاج لتهيئة مناخ أفضل ودعم حكومى كبير.
فى حين أن هناك أموراً تتطلب قرارات سريعة وعليها مردود سريع كأزمة تسعير الجنيه والاستمرار فى خفض العملة ومحاصرة سوق الصرف الموازى.
وتوقع المسئول تغييرات خلال الربع الأول من العام المقبل فى مختلف المؤشرات، متوقعاً تغييرات وسياسات جديدة فى إدارة ملف السياسة النقدية، مشيراً إلى أن لكل مرحلة معطياتها التى تستلزم قرارات مختلفة.
وقال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، إن القرارات التى يصدرها محافظ البنك المركزى تكون وفقاً لضوابط مدروسة، مشيراً إلى أن هناك قوانين وضوابط عالمية يتم الاسترشاد بها عند إدارة تلك الملفات الشائكة.
ويرى «إسماعيل»، أن خطوة تغيير المحافظ مهمة للغاية، ولكن نجاحها مترتب على مدى تفاعل الجهات الأخرى واستيعاب المواطن العادى للقرارات التى يتخذها سواء بشأن خفض قيمة الجنيه أو ضوابط ترشيد معدلات الاستيراد.








