أصحاب المدابغ: “الروبيكى” غير جاهزة للنقل.. و«العمال»: «هندور على شغلانة غيرها»
“الصناعة” تضغط لإتمام النقل يوليو المقبل.. و«المدابغجية»: توفير التمويل والخدمات أولاً
تجاهل أصحاب المدابغ بمنطقة مجرى العيون بمصر القديمة، خطة الحكومة لنقل المدابغ إلى مدينة الروبيكى خلال العام المقبل، وجددوا توسعاتهم الرأسية لمدابغهم القائمة.
ورصدت «البورصة» فى جولة ميدانية بمنطقة مجرى العيون، إنشاء نحو 7 مدابغ جديدة بالمنطقة، واستمرار أصحاب المدابغ فى عمل توسعات رأسية على المدابغ تصل ارتفاعاتها 7 طوابق، تعادل 12 دوراً سكنياً فى المبانى العادية، حيث يبلغ ارتفاع الدور الأول 9 أمتار، مقابل 4.5 متر للطوابق الأخرى.
ويأتى اتجاه أصحاب المدابغ للتوسع باستثماراتهم فى منطقة مجرى العيون، متناقضاً مع خطة الحكومة وإصرارها على إتمام عملية النقل للروبيكى بعد انتهاء أعمال البنية التحتية مطلع العام المقبل.
وتمنح وزارة الصناعة ملف النقل للروبيكى أولوية كبيرة خاصة بعد التغيير الوزارى الذى أطاح بالوزير منير فخرى عبدالنور، وتكليف المهندس طارق قابيل بالوزارة.
وتضغط وزارة الصناعة على مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، لنقل المدابغ لمدينة الروبيكى خلال مدة أقصاها يوليو المقبل، رغم محاولات الغرفة لتأجيل الموعد، لحين إزالة بعض المعوقات التى تواجه المشروع.
وأثار قرار وزارة الصناعة بالنقل خلال مدة لا تزيد على 8 أشهر استياء أصحاب المدابغ، خاصة أن الحكومة لم تلتزم بتلبية مطالبهم، خاصة المتعلقة بتوفير سكن للعاملين ونقط أسعاف وشرطة ومستشفى.
والتقت «البورصة» مجموعة من أصحاب المدابغ والعاملين بها، لرصد استعداداتهم للنقل، وطالبوا بضرورة إنشاء مدبغة خدمية تصل استثماراتها 30 مليون جنيه بالروبيكي، وتوفير قروض طويلة الأجل لمساعدة المدابغ الصغيرة على تحمل تكاليف النقل، وإنشاء وحدات سكنية للعمال، ومدرسة للتعليم والتدريب على صناعة الدباغة، ومستشفى، ومدارس لمختلف المراحل التعليمية.
وكانت الحكومة رصدت عام 2008 نحو 2.5 مليار جنيه لنقل مدابغ مجرى العيون للروبيكى على 3 مراحل، لكنها لم تنته من المرحلة الأولى حتى الآن، رغم إنفاق أكثر من 863 مليون جنيه.
وتوقع أصحاب المدابغ بمجرى العيون، عدم إتمام النقل قبل 5 سنوات نتيجة عدم توفر التمويل، ما دفعهم للقيام بتوسعات رأسية فى مدابغهم، ومواصلة العمل وكأن شيئاً لم يحدث.
وتنتج منطقة مجرى العيون ما يقرب من 55% من إجمالى إنتاج مصر من الجلود، الذى يتراوح بين 100 و120 مليون قدم سنوياً، وبلغت صادرات الجلود 1.2 مليون جنيه عام 2014، بحسب مصطفى حسين، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود.
وتعانى «مجرى العيون» من تدهور البنية التحتية، حيث تغرق مياه الصرف الصحى أغلب شوارع المنطقة الطينية.
وقال أحمد حربي، صاحب مدبغة، إن المدابغ أجبرت على التوسع الرأسى لضيق المساحة، موضحاً أن تكلفة نقل الماكينات إلى الأدوار العليا مرتفعة عند مقارنتها بالنقل الأفقي.
وقال عمرو فهمي، صاحب مدبغة، إن قرار نقل المدابغ للروبيكى غير جديد، حيث خصصت الحكومة أكثر من مكان لنقل المدابغ من قبل، مثل المنطقة الصناعية بحلوان، ومدينة 15 مايو، ولم يتم تنفيذ ذلك، وتم تخصيص مدينة الروبيكى منذ عام 2008، ولم تنته الحكومة من المرحلة الاولى منه حتى الآن.
أوضح أن أصحاب المدابغ رفضوا النقل للروبيكي، لشعورهم بعدم النقل، مضيفاً «الحكومة قررت أن يحصل صاحب المدبغة على نفس المساحة فى الروبيكي، دون مراعاة عمليات تطوير الصناعة، والخسائر المتوقعة من عمليات النقل فى المعدات، والإنتاج، وأيضاً عدم القدرة على تحمل تكاليف النقل».
وكانت الحكومة قررت أن يحصل صاحب المدبغة فى منطقة الروبيكى على نفس مساحة مدبغته بمنطقة مجرى العيون، مع إتاحة فرصة التوسع بسعر يصل إلى 300 جنيه للمتر الواحد شامل المرافق، وهو ما رفضه أصحاب المدابغ.
وأظهرت الجولة صغر المساحة المخصصة لمقلب المخلفات فى المنطقة، وأكد بعض العاملين تراكم المخلفات الخارجة لعدم استيعابه لكميات المخلفات الكبيرة بالمنطقة، كما رصدت الجولة أن 90% من أمن المنطقة سودانى الجنسية.
وطالب مصطفى حسين، صاحب مدبغة وعضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود، بتوفير قروض طويلة الأجل لتمويل عملية النقل، وتوفير ما لا يقل عن 10 آلاف وحدة سكنية، وشدد على ضرورة تعديل مواصفات المبانى والأسقف، خاصة أن الأسقف الحالية عبارة مصنوعة من الصاج، ما يزيد درجة الحرارة، ما يعرض الجلود للتلف.
وطالب حسين بإعادة تقييم التعويضات للراغبين فى عدم النقل، بناء على سعر المتر فى الوقت الحالي، حيث تم تحديد سعر المتر فى المنطقة بـ2350 جنيهاً عام 2008، وإعادة معاينة المساحات مرة أخرى.
وطالب بإنشاء مدبغة خدمية جاهزة للعمل بها قبل عمليات النقل بالكامل بتكلفة 30 مليون جنيه، وهى عبارة عن مدبغة بها ماكينات تعمل بنظام «وورك جوب» لأصحاب المدابغ الصغيرة بنظام الإيجار.
وتوقع حسين أن يستغرق نقل المدابغ 5 سنوات، خاصة أن المنطقة تضم 1200 مدبغة، ويعمل بها نحو 50 ألف عامل.
فى السياق ذاته التقت «البورصة» العاملين بمنطقة مجرى العيون، الذين أكدوا رفضهم الذهاب إلى الروبيكى قائلين «مش هنسيب أهلنا ونروح الصحراء.. وهنسيب الصنعة لو تم النقل للروبيكي».
وقال على أبوسنة: «أعمل فى المنطقة من 30 سنة.. ولن أنقل لمنطقة أخرى حتى لو وفرت الحكومة جميع الخدمات».