يعد المتحف المصرى فى شمالى مدينة تورينو الإيطالية واحداً من أروع المتاحف خارج مصر، ومن روائعه خريطة تورين بابيروس، إحدى الخرائط القديمة المعروفة.
وتعد رؤية هذه الخريطة ضرورةً بالنسبة لأى شخص مهتم بتاريخ الذهب، ووفقاً للعلماء، تم رسم هذه الخريطة حوالى عام 1150 قبل الميلاد، وتم إعدادها لحملة استكشافية للملك رمسيس الرابع فى الصحراء الشرقية. وتوضح الخريطة، التى يبلغ طولها حوالى ثلاثة أمتار، منجم ذهب ومستوطنة لاستخراج الذهب وعروق الكوارتز الحاملة للذهب.
وعشق الفراعنة الذهب، وكان يُعتقد أنه جسد إله الشمس رع، وكان يُنتج على نطاق شبه صناعي، وبعد ثلاثة آلاف عام، عاد إنتاج الذهب على نطاق صناعى فى الصحراء الشرقية فى مصر، بفضل شركة الذهب «سنتامين».
وقالت صحيفة جلوب آند ميل الكندية، إن شركة «سنتامين» أعادت مصر إلى خريطة تعدين الذهب، وارتفعت أسهم الشركة 18% العام الماضي، ما جعل قيمتها السوقية تبلغ 800 مليون جنيه استرليني.
وانتزعت «سنتامين»، الأسبوع الماضى، توصية شراء أخرى، وهذه المرة من جولدمان ساكس، الذى أشاد بتكاليف إنتاجها المنخفضة، وإمكانات نموها وغياب الديون، الأمر الذى منحها مرونة استراتيجية فى قطاع مرتبط بعلامات «للبيع».
وأضافت الصحيفة أن «سنتامين» تستفيد الآن من التقارير المتفائلة لجذب المسثمرين مرة أخرى الذين أصيبوا بالفزع خلال الربيع العربي، عندما انتقلت مصر من الحكم الديكتاتورى إلى الديمقراطى إلى انقلاب عسكرى فى غضون عامين، وتسبب نزوح المستثمرين فى اختفاء مستثمرى أمريكا الشمالية، فى حين بقى المستثمرون البريطانيون، الذين عادة ما يكونون أكثر قدرة على تحمل المخاطر.
ونتيجة ذلك، تتم غالبية تداولات شركة «سنتامين» فى لندن وليس تورونتو، على الرغم من أن الشركة اعتمدت على سوق تورونتو لجمع 490 مليون دولار، الذى استخدمته الشركة فى بناء المنجم المصري، الذى دخل حيز الإنتاج منذ عام 2010.
ونقلت الصحيفة عن أندرو باردي، الجيولوجى الاسترالى الذى تولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة «سنتامين» فى فبراير: «انسحب المستثمرون الكنديون والأمريكيون من مصر خلال الثورة، ولكن الأمر الذى ربما لم يدركوه هو أن مصر واحدة من أقل المناطق استكشافاً للذهب فى العالم، ولديها إمكانات ضخمة للتعدين».
ويعد منجم السكري، المملوك لـ«سنتامين»، منجم الذهب التجارى الوحيد فى مصر، ويقع المنجم فى صحراء قاحلة مليئة بالتلال على بعد 700 كيلومتر جنوب القاهرة، و25 كيلومتراً غرب البحر الأحمر، وعملياً، ليس هناك أى بنية تحتية فى المنطقة، ويتم نقل الذهب المكرر جزئياً إلى معمل جونسون ماثى بالقرب من تورونتو.
واكتشاف عجلات الطحن الحجرية، وقدور الطمى لا يترك أى شك بأن منجم السكرى تم تنقيبه فى عهد الفراعنة، وحينها لم يكن المصريون قادرين إلا على كحت السطح.
وتبلغ الاحتياطيات فى الجزء المفتوح من المنجم 8.8 مليون أوقية، بالإضافة إلى 14 مليون أوقية أخرى محتملة، ومن المتوقع أن يبلغ الإنتاج العام الجارى 430 ألفاً إلى 440 ألف أوقية، وأن يرتفع إلى 500 ألف أوقية فى 2017، ويجب ألا يقل سعر الأوقية عن 950 دولاراً لاستدامة العمل فى المنجم.
واغلق الذهب يوم الجمعة الماضية عند 1.164 دولار للأوقية، ما يعنى أنه يجب أن يتراجع الذهب لأكثر من 200 دولار قبل أن يتحول السكرى إلى منجم خاسر.
ويرجع الفضل فى اكتشاف منجم السكرى الحديث، الذى يوفر 1200 وظيفة، إلى عالم الجيولوجيا المصري، سامى الراجى الذى ذهب إلى استراليا بعدما أجبر الرئيس جمال عبدالناصر شركات التعدين الأجنبية على الخروج من الدولة فى الخمسينيات، ما خنق القطاع.
وأسس الراجى فى أستراليا شركة «سنترال استراليان ماينز»، واختصارها «سنتامين»، يترأس مجلس إدارتها حالياً ابنه جوزيف، وعاد إلى مصر فى الثمانينيات، وتمعن فى الخرائط القديمة، وتوقع أن يكون لمنطقة السكرى إمكانات ضخمة، وحصل على تصاريح تنقيب فى منتصف التسعينيات حتى عمق 5.500 كيلومتر مكعب، وهو عمق جيد فى دولة ليس بها قانون أو وزارة تنقيب.
أضافت الصحيفة، أنه رغم التكاليف المنخفضة والاحتياطيات الضخمة، لا يعد منجم السكرى، الذى وصلت استثماراته 1.1 مليار دولار، خالياً تماماً من المخاطر، فقد انهارت أسهم «سنتامين» فى 2012، عندما أطلق عضو برلمانى مستقل فى البرلمان السابق دعوى قضائية تستهدف تجريد «سنتامين» من حقوق المنجم، وحكمت المحكمة حينها بأن حقوق الامتياز سارية.
وفى صفعة أخرى للشركة، طالبت «شيفرون» موردة الوقود، بأن تدفع «سنتامين» الأسعار العالمية للديزل، وليس الأسعار المدعومة محلياً، لكن انخفاض الأسعار عالمياً خفف من آثار الصفعة.
ووضعت «سنتامين» مصر مجدداً على خارطة التنقيب عن الذهب، وتستخدم الشركة تدفقاتها النقدية القوية للتنقيب فى إثيوبيا، وساحل العاج، وبوركينا فاسو.